كانت كلمة النائب عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب خلال تعقيبه على جلسة الأسئلة الشهرية لرئيس الحكومة حول موضوع استراتيجية الحكومة في مجال الماء بمثابة دق لناقوس الخطر، حين أعاد موضوع عقد مناظرة وطنية حول الماء إلى الواجهة.
ويواجه المغرب بداية أزمة مائية في المغرب بسبب قلة التساقطات المطرية وتوالي سنوات الجفاف في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات بإيجاد حلول عاجلة لمعالجة هذه الأزمة رغم ما تميزت به السياسة المغربية الناجعة واستراتيجيتها في بناء السدود على مدار العقود الأربعة الماضية.
وأوضح الخبير الاقتصادي عمر الكتاني في تصريح لـ “الأخبار” أن أزمة شح المياه هي أزمة فكر توقعي، مشيرا إلى أنه خلال أكثر من 20 سنة، كانت التوقعات تشير إلى أن الصحراء تصعد من جنوب المغرب بنسبة 3 كيلومترات كل سنة، وان المغرب مهدد بالتصحر، وكانت السياسة السياحية في المغرب مبنية على تشجيع بناء “الكولف”، وكانت الدولة تخطط لبناء 14 كولف في المغرب، وان كل كولف يستهلك ما تستهلكه مدينة صغيرة.
وفي جواب عن سؤال حول ما إذا كانت هذه أزمة عالمية، أم أنها تقتصر فقط على المغرب، قال الكتاني أن” ازمة المياه في التحريات الدولية ستكون لها تأثير كبير في القرن 21، وأن الغذاء أخذ حجما كبيرا من الأمن الغذائي العالمي، وأن هذا الغذاء العالمي مرتبط بالطاقة وبالماء، وهذا مشكل عالمي، ولكن هذا لا يعني أن تتملص الدولة من مسؤولياتها، فهذا لا يزيل المسؤولية الوطنية والذاتية لكل بلد، خاصة البلدان القريبة من الصحراء مثل المغرب”.
وأردف الخبير الاقتصادي أن الحكومة مسؤولة عن تدبير الصرف الصحي، ولكن المواطن أيضا مسؤول عن الاستهلاك، حين تأتي ظروف التصحر، أو قلة الأمطار، فعلى المواطن أن يقوم بترشيد الاستهلاك، كما أن المنطقة السقوية الخضراء التي تسقى بالماء الصالح للشرب، يجب أن يمنع عنها السقي.
وأوضح الكتاني أن السياسات العمومية في المغرب تتجه نحو استراتيجية تكثير المناطق الخضراء في المدن، وهذا أمر إيجابي من جهة، ولكن من جهة أخرى يجب البحث عن بدائل أخرى، فعوضا عن زراعة العشب الأخضر، يمكن زراعة مواد أخرى تستهلك أقل من الماء حتى يكون لدينا عدة كلومترات فيها حواشي من العشب الأخضر الذي يستهلك كثيرا من الماء، مشيرا إلى أن هذا التخطيط لتزيين المدن مع استهلاك كمية كبيرة من الماء لسقي هذه المناطق الخضراء، يشكل تكلفة كبيرة جدا.
وتساءل الكتاني: “ألا يوجد هناك عشب أخضر يستهلك أقل؟ أو غرس اشجار صغيرة تستهلك كمية قليلة من الماء؟” مشددا على وجوب مراجعة تزيين المدن، لأن المغرب قد يدخل موسم جفاف لعدة سنوات، ولهذا يجب تغيير أسلوب التعامل مع الماء، فتدبير الصرف الصحي ومعالجة المياه أمر مكلف، خاصة أنه لا توجد استراتيجية لبناء إنتاج هذه المواد حتى لا تكلفنا، لأن المواد التي تعالج بها الصرف الصحي ما هي كلفتها، يجب ان تكون سياسة عامة للحماية.
يذكر أن المغرب يعاني من حالة جفاف غير مسبوقة منذ أزمة التقويم الهيكلي في الثمانينات من القرن الماضي، وهي أزمة تأتي بعد جائحة كورونا، ناهيك عن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد بسبب غلاء الأسعار وأزمة التضخم التي مست القدرة الشرائية للمواطنين.
محمد أجغوغ