الحصاد المر3.3
هناك برلماني من حزب الأصالة والمعاصرة، يقبع داخل السجن، ويتعلق الأمر بسليمان حوليش، الرئيس السابق لبلدية الناظور، الذي اعتقل بأمر من قاضي التحقيق بالغرفة الأولى المكلف بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، رفقة نائبه الثالث، علال فارس، عن حزب العدالة والتنمية، ونائبه الرابع، الحسين أوحلي، عن «البام» كذلك، فيما توبع متهم رابع في حالة سراح مؤقت بكفالة مالية قدرها ثلاثة ملايين سنتيم، ويتعلق الأمر بموظف يشتغل في البلدية.
وقامت لجنة تابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية بمهمة تدقيق العمليات المالية والمحاسباتية وكذا قطاع التعمير بجماعة الناظور، خلال الفترة الممتدة من 26 نونبر 2018 إلى غاية فاتح فبراير 2019، وأعدت بناء على ذلك تقريرا رصد مجموعة من المخالفات الجسيمة والخطيرة ارتكبها رئيس الجماعة ونائباه، وهو التقرير الذي تمت إحالته على عامل إقليم الناظور قصد ترتيب الآثار القانونية، وعلى إثر ذلك رفع عامل الإقليم دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية، التي أصدرت حكما يقضي بعزل البرلماني حوليش من رئاسة ومجلس جماعة الناظور، كما قضت بعزل نائبيه من المجلس.
وفضح تقرير أسود أنجزته المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية، «فساد» التحالف بين حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية لتسيير مجلس مدينة الناظور، وذلك عقب الانتخابات الجماعية التي جرت سنة 2015، وكان هذا التحالف بتزكية من الأمانة العامة لحزب «البيجيدي» ضد مرشح حزب الحركة الشعبية، ومن بين الاختلالات التي رصدها تقرير المفتشية، منح رخص تغيير مضمون رخص البناء دون عرضها على أنظار اللجنة المختصة، ويتعلق الأمر بتغييرات لم تنجز بشأنها أية محاضر للمخالفات من طرف سلطات مراقبة البناء وزجر المخالفات، كما استعملت هذه الرخص من أجل استكمال إجراءات التحفيظ، وسجلت المفتشية خروقات بخصوص منح رخص البناء دون موافقة الوكالة الحضرية، وكذلك منح رخص لتشييد بنايات فوق بقع أرضية ناتجة عن تقسيم أو تجزيء غير قانوني، وهو ما اعتبرته المفتشية تشجيعا على هذا النوع من التجزيء، وفضلا عن ذلك، بالرغم من عدم قانونية الرخص التي قام بتسليمها، فقد سجلت المفتشية تغاضي الرئيس عن قيام نائبيه الثالث والرابع بمنح أصحابها، رخص السكن، وكذا الشواهد الإدارية لغرض التحفيظ العقاري، قصد تمكين أصحابها من استغلال البنايات، وكذا تسوية وضعيتها العقارية، دون احترام المقتضيات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل.
وسجل التقرير وجود اختلالات في تدبير الصفقات، وعدم التقيد بالمقتضيات المتعلقة بتدبير الصفقات العمومية، على غرار ما وقع بخصوص تفويت الصفقة رقم 07/2017 المتعلقة بصيانة الطرق، سيما مسك سجل خاص بأسماء المتنافسين سواء الذين يقومون بسحب ملفات طلبات العروض أو الذين يقومون بتحميلها من البوابة الإلكترونية، وأكد التقرير أن هذا الإجراء يبقى من أهم الضمانات التي كفلها مرسوم 20 مارس 2013 للمتنافسين في إطار توسيع وتكريس مبادئ المساواة في الولوج للطلبيات العمومية وهو إجراء ملزم يرتبط كذلك بضمان حقوق المتنافسين سواء بالنسبة لإشهار الدعوة للمنافسة أو بالنسبة لإخبارهم بأي تعديل أو تغيير يطول شروط التنافس، كما رصد التقرير خروقات شابت عملية فتح الأظرفة، ما يثير جملة من الشكوك حول احترام المسطرة في جلسة عمومية وما ينتج عنها من إسناد الصفقة في ما بعد للمتنافس الذي يكون قد وقع عليه الاختيار.
وتضمن التقرير ملاحظات حول عدم استخلاص مداخيل مهمة للجماعة، مسجلا عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة للقيام بعملية إحصاء الملزمين بمختلف الرسوم المحلية بتراب الجماعة، كما تبين للجنة التفتيش عدم اتخاذ التدابير اللازمة في حق المتقاعسين عن أداء الرسوم المفروضة على الأراضي الحضرية غير المبنية، وعدم إصدار أوامر بالاستخلاص وإرسالها إلى القابض للتكفل بتحصيلها، وسجل التقرير كذلك عدم اتخاذ التدابير اللازمة لاستخلاص الرسم المفروض على النقل العمومي للمسافرين والرسم على وقوف العربات المعدة للتنقل العام للمسافرين، حيث تبين أن 386 ملزما من بين 961 يتخلفون عن أداء واجبات الرسوم، كما رصد التقرير عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستخلاص الرسم المفروض على شغل الأملاك الجماعية العامة مؤقتا لأغراض تجارية أو صناعية أو مهنية.
وبمدينة مراكش، شرع قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المكلفة بالجرائم المالية لدى محكمة الاستئناف بمراكش، في التحقيق التفصيلي مع عمدة المدينة، والنائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، العربي بلقايد، ونائبه الأول، البرلماني عن الحزب نفسه، يونس بنسليمان، بعد قرار متابعتهما في حالة سراح بتهمة تبديد أموال عمومية في صفقات مؤتمر المناخ «كوب 22»، تبلغ قيمتها المالية حوالي 28 مليار سنتيم.
وكان قاضي التحقيق قد استمع للعمدة بلقايد ونائبه تمهيديا بعد قرار النيابة العامة تحريك المتابعة في حقهما رفقة موظفين ومقاولين على خلفية التلاعبات التي شابت صفقات «كوب 22»، وتتعلق هذه التهم بـ«تبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته، وجنحة استعمال صفة نظمت السلطات العمومية شروط اكتسابها دون استيفاء الشروط اللازمة لحملها للتوقيع على صفقات دون أن تكون له الصفة للإشراف عليها»، وكشفت التحقيقات التي أشرفت عليها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية حصول شركتين يساهم فيهما البرلماني بنسليمان، على صفقات أشرف على تفويتها بنفسه، وعلى ضوء ذلك طلب الوكيل العام من قاضي التحقيق ضم هذا الملف الجديد الذي يتضمن معطيات وتهما جديدة إلى الملف الأول.
وقرر قاضي التحقيق تحريك المتابعة في حق العمدة ونائبه، وذلك بعد الاستماع إليهما من طرف الفرقة الجهوية للشرطة القضائية المكلفة بجرائم الأموال بولاية أمن مراكش، بناء على تعليمات من الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالمدينة نفسها، بخصوص الشكاية التي وضعتها الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، من أجل فتح تحقيق بشأن الخروقات والاختلالات التي شابت صفقات تفاوضية فوتها مجلس المدينة تبلغ قيمتها المالية حوالي 28 مليار سنتيم.
وفتحت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية المكلفة بالجرائم المالية بولاية أمن فاس، تحقيقا في الخروقات المالية التي شابت بعض الصفقات بجهة درعة تافيلالت، التي يترأسها الوزير السابق والقيادي بحزب العدالة والتنمية، الحبيب الشوباني، وذلك بعد شكاية وضعتها المعارضة لدى نائب الوكيل العام المكلف بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس.
واستمعت الشرطة القضائية في البحث التمهيدي لرئيس الجهة، الحبيب الشوباني، رفقة اثنين من نوابه، ويتعلق الأمر بيوسف أمنزو، عن حزب الحركة الشعبية، الذي كان مكلفا بـ«هندسة» صفقة اقتناء حافلات النقل المدرسي بمبلغ ستة ملايير سنتيم، وعبد الله الصغيري، وهو برلماني سابق عن حزب العدالة والتنمية، وذلك بناء على شكاية توصل بها الوكيل العام للملك، وتتضمن العديد من الخروقات والاختلالات تتعلق بصرف المال العام، من بينها تعويضات التنقل ونفقات الإطعام، التي كلفت مبالغ كبيرة، استفادت منها جمعيات رياضية بطرق ملتوية عن طريق شركة في ملكية رئيس جماعة ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية، لأن ميزانية الجهة لا تتضمن نفقات تتعلق بنقل الفرق الرياضية، وتم تمرير هذه الصفقة تحت غطاء نقل ضيوف، وكذلك صفقة اقتناء حافلات النقل المدرسي.
ومن بين الملفات التي كانت موضوع تحقيق من طرف الشرطة القضائية، صفقة اقتناء 150 حافلة للنقل المدرسي، وهي الصفقة التي كلفت حوالي ستة ملايير سنتيم، وأثارت الكثير من الجدل القانوني، وذلك إثر اندلاع صراعات بين رئيس الجهة، ورؤساء المجالس الإقليمية، حيث كان يسعى كل طرف للركوب على هذه المبادرة، واستغلالها انتخابيا، وتمت صفقة شراء الحافلات، بتدخل من النائب الثالث لرئيس الجهة، يوسف أمنزو، عن حزب الحركة الشعبية، الذي تربطه علاقات قوية بالشوباني، تثير الكثير من التساؤلات في أوساط المتتبعين بالجهة، كما استمعت الشرطة القضائية في وقت سابق للنائب الأول للرئيس، مصطفى العمري، الذي أنكر علاقته بهذه الصفقة، كما استمعت الشرطة لموظفين بالمجلس، والمدير السابق للمصالح والمدير الحالي.
وفوت مجلس الجهة صفقتين لاقتناء حافلات للنقل المدرسي، رغم أن هذا من اختصاص المجالس الإقليمية، فازت بهما شركتان في ملكية زوجة برلماني من إقليم طاطا، وابنة برلماني ينحدر من مدينة طانطان، وبلغت قيمة الصفقة الأولى حوالي ملياري سنتيم، فازت بها شركة تسمى «تادوب» حديثة التأسيس يوجد مقرها بمدينة آيت ملول، وحسب السجل التجاري لهذه الشركة فإنها تأسست بتاريخ 20 مارس 2017، والمدة الفاصلة ما بين تأسيس الشركة وحصولها على الصفقة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وفي سنة 2018 فوت المجلس صفقة ثانية بمبلغ أربعة ملايير، فازت بها شركة «جنرال سوليسيون أوطو»، وهي كذلك شركة حديثة التأسيس يوجد مقرها بـ«المامونية» بالرباط، ومسجلة كذلك باسم زوجة برلماني من إقليم طاطا، وتأسست يوم 19 أكتوبر 2017، ومقر الشركة هو في الأصل مقر اجتماعي لشركة متخصصة في بيع مواد التجميل والمستلزمات الطبية، تملكها زوجة البرلماني، التي فازت بالصفقة الأولى باسم شركة أخرى. وحصلت الشرطة القضائية على كل الوثائق المرتبطة بالصفقتين، كما فتحت تحقيقا بشأن شيك بنكي تم تحويله إلى الحساب البنكي لأحد نواب الرئيس، له علاقة بهاتين الصفقتين، ما يثير شبهات حول تفويتهما إلى شركتين حديثتي التأسيس في ملكية نفس الشخص.