شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الجرائم المالية

كشفت رئاسة النيابة العامة أن عدد القضايا الرائجة أمام أقسام الجرائم المالية سنة 2023 بلغ ما مجموعه 948 قضية، بنسبة ارتفاع 32 في المائة مقارنة بسنة 2022 التي بلغ فيها عدد القضايا الرائجة 716 قضية، وهو الشيء الذي يتطلب إلى جانب العقاب القانوني إجراءات موازية من قبل الأحزاب وكافة الفاعلين السياسيين والحقوقيين والمدنيين لتخليق الحياة السياسية، واعتماد الشفافية والكفاءة في التزكيات وتقديم الرجل المناسب في المكان المناسب.

في ظل ارتفاع مؤشرات البطالة والفقر وهشاشة السلم الاجتماعي، نحن في حاجة ملحة لتسريع الحسم في الملفات المتراكمة المتعلقة بجرائم الأموال والاختلاسات والخروقات المرتبطة بصرف المال العام والصفقات العمومية، لأن الفساد المالي هو أصل الداء، باعتباره من السرطانات الخطيرة التي تنتشر سريعا داخل القطاعات والمؤسسات العمومية، وتُصيب كل قرارات الرفع من التشغيل بالوهن وغياب تحقيق الأهداف المرسومة.

يجب على كافة القطاعات الحكومية، التزام الصرامة في التعيينات في المناصب العليا التي ظهر ارتباطها بقضايا الفساد الإداري وابتزاز المستثمرين وأصحاب المقاولات واستغلال سلطة التوقيع، خاصة الأسماء التي تُقدم للمجلس الحكومي للمصادقة عليها، وواجب التحري جيدا حولها بالتركيز على معايير الكفاءة والقطع مع منطق الوزيعة الحزبية والمقربين والعائلة.

لاشك أن هناك إيجابية كبيرة في الرفع من الجهود المبذولة من طرف النيابات العامة ومختلف مكونات العدالة الجنائية لدى أقسام الجرائم المالية والشرطة القضائية للتصدي وفق السرعة والنجاعة المطلوبتين لجرائم الفساد المالي، ما أدى إلى زيادة عدد المتابعات القضائية بشأن هذا الصنف من الجرائم، لكن هذا لا يعني التخلف عن الإجراءات التي تدخل في خانة الاستباقية، ومنع مرور المشتبه فيهم والفاشلين لمناصب المسؤولية من الأصل.

إن استمرارية محاربة الفساد المالي بكافة المؤسسات العمومية، تأتي تنزيلا للتعليمات الملكية السامية بتخليق الحياة السياسية، ووقف نزيف الملايير التي يتكبدها الاقتصاد الوطني سنويا، وتعثر التنمية بسبب فيروس الفساد المتحور واللوبيات المستفيدة منه، التي تحاول دعم استمراريته بكل الطرق الممكنة وتمييع كل الجهود لمحاربته، حتى أن بعض القيادات الحزبية لها ملفات قضائية في جرائم الأموال والفساد، وتجدها تنادي بدورها بمحاربة الفساد وترفع الشعارات التي تنادي بذلك، لخلط الأوراق أمام المتابعين.

المال العام خط أحمر، ولا تساهل مع من يتلاعب في الصفقات العمومية ويقوم باختلاس الميزانيات بطرق ملتوية، كما لا تساهل مع من يتلاعب بسلطة التوقيع ويسخرها لخدمة أجندات خاصة على حساب الصالح العام، والمواطنة تقتضي من كل مسؤول ومنتخب ومواطن فاعل الحرص على المال العام وتتبع طرق صرفه والتفعيل الأمثل لدور مؤسسات الرقابة، لأن المثل الشعبي المغربي اختصر ما سبق في عبارة “المال السايب كيعلم السرقة” والمرحلة المقبلة لمغرب 2030 أعلنت القطيعة مع السيبة فهم ذلك من فهمه وجهل من جهله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى