مصطفى عفيف
عاد الجدل بالجديدة بعد وقوف سكان المدينة على ما وصفوها بمجزرة بيئية تتمثل في إقدام أصحاب مشاريع تجارية على اجتثاث الأشجار والنخيل بعدد من الشوارع بعاصمة دكالة، وذلك تحت ذريعة إنجاز مشاريع تجارية تتمثل في مقاه ومطاعم ومراكز تجارية، وهي الجهات التي اعتبرت أن تلك الأشجار تغطي واجهات محلاتها التجارية، وبالتالي عمدوا إلى إزاحتها أو حجبها من أجل التوسع واحتلال الملك العمومي بدون سند قانوني، وهي فضيحة خلفت ردود أفعال غاضبة لدى بعض فعاليات الجديدة التي طالبت بتدخل عامل الإقليم، ووزير الداخلية والوزارة المكلفة بالبيئة والمجلس الجماعي لوقف هذه الفضيحة التي تتم في وضح النهار أمام أنظار المسؤولين مع سبق إصرار وترصد وبشكل رهيب، بالرغم من أن مسؤولي المدينة يترددون على تلك المرافق دون أن يكلفوا أنفسهم المطالبة بفتح بحث في مثل هذه الجريمة البيئية التي تطول عدة أشجار ونخيل عمرت لسنوات.
ودعت فعاليات الجديدة، الجهات المسؤولة، إلى التدخل العاجل لتفعيل المقتضيات القانونية المنصوص عليها في القانون الجنائي الذي أقر بأنه «يعاقب على اجتثاث الأشجار بدون وجه حق بمقتضى الفصلين 597 – 599»، وينص الفصل 597 من القانون الجنائي المغربي على أنه «من أتلف مزروعات قائمة على ساقها أو نباتات تمت طبيعيا أو بغرس الإنسان بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة مالية ما بين 200 و250 درهم عن كل شجرة بشرط ألا يتجاوز مجموع العقوبات الحبسية خمس سنوات…».
وطالبت الفعاليات ذاتها بالعمل على استدراك هذا التأخر في متابعة مرتكبي هذه الجرائم البيئية في ضرب صارخ للميثاق الوطني للبيئة، حيث كان الملك أكد على الاهتمام بالبيئة في خطاب العرش بتاريخ 30 يوليوز 2009، الذي دعا فيه الحكومة إلى إعداد مشروع ميثاق وطني شامل للبيئة.
وفي جولة بعدد من شوارع وأزقة الجديدة وقفت عدسة «الأخبار» على حجم الدمار الذي طال مجموعة من أشجار النخيل التي تم غرسها من طرف المجالس السابقة لإعطاء جمالية لبعض الشوارع، وصرفت عليها ميزانية مهمة، لينتهي بها المطاف بين أحضان مشاريع تجارية أتت عليها دون أي تدخل من المصالح المختصة، على غرار بعض المشاريع التي استولى أصحابها على عدد من الفضاءات الخضراء دون أن تطولها جرافات تحرير الملك العمومي، بعد أن اتضح أن أصحابها لم يحترموا النصوص المعمول بها في مجال المساحات الخضراء، والتي تحددها المؤشرات الدولية ما بين 10 و15 مترا مربعا لكل مواطن كحق أدنى، بعدما استطاع لوبي العقار تحويل الجديدة، في السنوات العشر الأخيرة، إلى مدينة إسمنتية قضى فيها على الأخضر واليابس، وجعل سكان التجزئات السكنية الحديثة يعانون في صمت.
يأتي هذا في وقت لازالت جمعية «مدينتي للتنمية والبيئة والثقافة بالجديدة» تنتظر مآل الشكاية التي تقدمت بها أمام النيابة العامة بخصوص إقدام صاحب مطعم بساحة الحنصالي على اقتلاع واجتثاث مجموعة من الأشجار بمنطقة مقابلة لمطعمه تحت غطاء طلب وضعه لدى المجلس الجماعي من أجل تهيئة المكان وغرس الأشجار قبل أن يقوم بقلعها وتزليج الأرضية.