شوف تشوف

الرأيالرئيسية

الثنائية الإقليمية والمغرب وإسبانيا

في السياسة، الاتفاقيات الحكومية هي عقود ملزمة قانونا بين طرفين أو أكثر، عادة بين الحكومات العالمية، لغرض تحقيق هدف معين أو حل مشكلة ما. يمكنها تحديد الالتزامات والمسؤوليات المحددة لكل طرف معني، وهي قابلة للتنفيذ عبر النظام القانوني.

الاتفاقات الاستراتيجية هي اتفاقيات غير ملزمة بين المنظمات أو الحكومات، للتعاون والعمل معا لتحقيق هدف مشترك. غالبا ما تستند هذه الاتفاقيات على التفاهم والثقة المتبادلين، ويمكن اعتبارها بديلا أكثر مرونة للاتفاقيات الحكومية.

تتأثر السياسة الظرفية بالتحولات في السياسات الحكومية، استجابة للظروف أو الأحداث المتغيرة. قد تحدث هذه التغييرات، بسبب تغيير في الأولويات السياسية، أو بسبب تنزيل برامج انتخابية جديدة، أو بسبب ضغوطات انبثقت من الرأي العام، أو حتى بسبب تقلبات في الأعراف الاجتماعية. يمكن أن تكون للتغييرات الطارئة في السياسة آثار كبيرة على الاتفاقيات الحكومية والاتفاقيات الاستراتيجية، حيث يمكنها تغيير شروط هذه الاتفاقيات ووسائل تنفيذها.

إن تطبيق هذه المفاهيم على كرونولوجيا العلاقات السياسية بين المغرب وإسبانيا، يسفر عن أمثلة ملموسة متنوعة. مثلا:

– الاتفاقيات الحكومية:

في عام 1976، وقع المغرب وإسبانيا اتفاقية تعاون، لحل مخلفات الإرث الاستعماري والنزاعات الحدودية، وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. تم التصديق على هذه الاتفاقية رسميا، من قبل حكومتي البلدين وهي ملزمة قانونا.

– الاتفاقيات الاستراتيجية:

وقع المغرب وإسبانيا في 2019 اتفاقية استراتيجية لتعزيز تعاونهما في مجالات الدفاع والأمن ومكافحة الإرهاب. هذه الاتفاقية ليس لها قوة قانونية، لكنها تقوم على التفاهم والثقة المتبادلة بين البلدين.

– تغييرات السياسة المحيطية:

 في عام 2020، أعلن المغرب عن تغييرات في سياسته بشأن التعاون مع الاتحاد الأوروبي، استجابة للظروف المتغيرة الناجمة عن جائحة «COVID-19». وقد أدى ذلك إلى تغييرات في طريقة عمل المغرب مع إسبانيا ودول أوروبية أخرى لمواجهة الأزمة الوبائية.

 إذن، فلمعالجة القضايا المتعلقة بالتغييرات الظرفية في سياسات ضفتي حوض الأبيض المتوسط، يمكن للاتفاقيات الاستراتيجية أن تلعب دورا رئيسيا في توفير أساس متين للتعاون الإقليمي والاستقرار.

يمكن للاتفاقيات الاستراتيجية بين المغرب وإسبانيا (كنموذجين معول على دورهما راهنا في تحديات المنطقة) أن تلعب أيضا دورا مهما في تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، لمعالجة القضايا المتعلقة بالتغييرات الظرفية في السياسة.

 بإمكان البلدين العمل معا لتأسيس رؤية مشتركة حول القضايا الرئيسية، مثل الأمن والبيئة والاقتصاد. ويمكن تحقيق ذلك من خلال الحوارات السياسية والمبادرات التعاونية. والمأمول فيه جدا، أن تتضمن الاتفاقيات الاستراتيجية آليات لتعزيز التعاون بين البلدين، مثل برامج التدريب الأمني ومشاركة مشاريع البحث العلمي وتبادل الخبرات.

 يمكن للاتفاقيات الاستراتيجية أن تلعب أيضا دورا في المساعدة على استقرار العلاقات السياسية بين البلدين، ومنع النزاعات وتشجيع التعاون، خاصة في القضايا الإقليمية.

 يمكن أن تتضمن الاتفاقيات الاستراتيجية أيضا اقتراحات لتعزيز الشفافية والمشاورة، عند بزوغ الأزمات.

ويمكن اعتبار التكتلات الإقليمية على مستوى حوض البحر الأبيض المتوسط، حلا للتغلب على تحديات العولمة. بما أن العولمة لم تعد تؤدي إلا إلى تركيز الفوائد الاقتصادية في معظم البلدان المتقدمة، مما قد يترك البلدان النامية وراء الركب.

إنها تقدم حلا لتقوية الاقتصادات الإقليمية، وخلق فرص التنمية الاقتصادية لجميع البلدان في حوض البحر الأبيض المتوسط. كما يمكنها تقوية العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الدول الأعضاء، مما يتيح التعاون الوثيق في قضايا مثل الأمن والبيئة والتنمية الاقتصادية.

عملت إسبانيا والمغرب معا لمواجهة الآثار السلبية للعولمة، من خلال تبني العديد من الاستراتيجيات الإقليمية والثنائية. في ما يلي بعض الأمثلة على هذه المبادرات:

 عزز البلدان تعاونهما الاقتصادي، من خلال إبرام اتفاقيات التجارة الحرة وتعزيز الاستثمار الثنائي.

تعاون البلدان لتطوير مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتقليل اعتمادهما على الوقود الأحفوري.

عمل البلدان معا لبناء البنية التحتية، مثل الموانئ والطرق والجسور، لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية.

التعاون في مجال الهجرة: تعاون البلدان لمعالجة القضايا المتعلقة بالهجرة وتسهيل تنقلات الأشخاص، وتشجيع التنقل وتعزيز العلاقات التاريخية الثقافية.

يمكن اعتبار التكتل الإقليمي الثنائي أو المتعدد مفهوما مشتقا من التعددية القطبية المضادة لمزاعم الأحادية القطبية، لأنه ينطوي على تعاون بين العديد من البلدان في منطقة معينة. فقد يتيح هذا النهج للبلدان العمل معا لمواجهة التحديات المشتركة وزيادة الفرص إلى أقصى حد في الاقتصاد، والتنمية، والأمن، والبيئة، وما إلى ذلك من القضايا الكبرى.

ويمكن أن يتخذ التكتل الإقليمي أشكالا مختلفة، مثل اتفاقيات التجارة الحرة، والمنظمات الإقليمية، والمنتديات الإقليمية، إلخ. الغرض من تقوية الإقليمية هو تعزيز الروابط بين البلدان في منطقة معينة، وتعزيز التعاون والتضامن، ومواجهة التحديات والفرص بشكل جماعي.

باختصار، يمكن اعتبار النزعة الإقليمية مفهوما متعدد الأقطاب، لأنه ينطوي فعلا على استراتيجية استعجالية فعالة، في تحقيق التعاون السريع، بين العديد من البلدان لمواجهة التحديات وتعظيم الفرص في منطقة معينة.

جمال أكاديري
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى