التخفيف عن الأمة

وجه أمير المؤمنين، الملك محمد السادس، نصره الله، رسالة سامية إلى شعبه الوفي حول موضوع عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد لهذا الموسم، والتي تلاها أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، واستقبلها الشعب المغربي بفرح وسرور، خاصة أن الفئات الفقيرة والتي تعيش الهشاشة لا قبل لها بتوفير مصاريف شراء الأضحية، في ظل غلاء الأسعار وتراجع عدد القطيع على المستوى الوطني.
إن عدم القيام بشعيرة ذبح الأضحية، كما جاء في الرسالة الملكية السامية، لا يعني إلغاء كل مظاهر الاحتفال الديني بعيد الأضحى إن شاء الله وفق طقوسه المعتادة ومعانيه الروحانية النبيلة وما يرتبط به من صلاة العيد في المصليات والمساجد وإنفاق الصدقات وصلة الأرحام، وكذا كل مظاهر التبريك والشكر لله على نعمه مع طلب الأجر والثواب.
لقد تطرقت الرسالة الملكية أيضا إلى ما يواجه بلادنا من تحديات مناخية واقتصادية، أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية، ما يعني أن إلغاء شعيرة الذبح سيمكن من دعم التعافي، إلى جانب ضرورة استمرار الإجراءات الحكومية لتقوية الإنتاج الوطني وتتبع الدعم العمومي وتفعيل المحاسبة، وتنزيل استراتيجيات واضحة لخفض الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
إن القرار الملكي، الذي جاء قبل حوالي أربعة أشهر من مناسبة عيد الأضحى، يحمل في طياته كل معاني الحكمة ومراعاة التخفيف عن الأمة، كما يمنح فرصة كافية لتصرف الفلاحين الصغار وبيع منتوجهم المطلوب بالسوق الوطنية، والوقف الاستباقي للمضاربات في شراء الأضاحي قبل وقت طويل من مناسبة العيد، ناهيك عن دعم الرفع من العرض بالنسبة لمنتوج اللحوم الحمراء وتراجع أسعارها تدريجيا بالنسبة للاستهلاك اليومي.
لا يختلف اثنان حول أن ارتفاع الأسعار أثر سلبا على التوازنات المالية للفئات الهشة والفقيرة، لذلك فإن شريحة واسعة من الأسر تنفست الصعداء بعد القرار الملكي، بعدما كان الكل يفكر في هم مصاريف شراء الأضاحي وسط لهيب الأسعار، وصعوبة التخلي الفردي عن الشعيرة في ارتباط بالمخيلة الشعبية واحتفالية الأطفال وغير ذلك.
سيقوم أمير المؤمنين، إن شاء الله تعالى، بذبح الأضحية نيابة عن شعبه وسيرا على سنة جده المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، عندما ذبح كبشين وقال: «هذا لنفسي وهذا عن أمتي»، وبهذا سيرفع الحرج عن الأمة، ويخفف من الحمل الثقيل الذي تحمله الفئات ذات الدخل المحدود، مع استمتاع الجميع بأجواء العبادة والفرحة وصلة الرحم والتصدق وطلب نيل الأجر والثواب كأعظم هدف لإحياء السنة المؤكدة.