محمد اليوبي
شرعت قاضية التحقيق بالغرفة الخامسة، المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط، في التحقيق حول ظروف وملابسات اختفاء مبلغ 408 ملايين سنتيم في ظروف غامضة بجماعة القنيطرة في عهد رئيس المجلس السابق، عزيز رباح، بعد إجراء مبادلة عقارية لقطعة أرضية في ملكية الجماعة بوسط المدينة بقطعة أرضية في ملكية منعش عقاري.
وأفادت المصادر بأن نائب الوكيل العام للملك المكلف بجرائم الأموال أحال هذا الملف على قاضية التحقيق، وذلك بعد إجراء أبحاث من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، حيث استمعت قاضية التحقيق، يوم الاثنين الماضي، للفاعل الحقوقي، أحمد الصياد، الذي وضع شكاية لدى النيابة العامة، كما استمعت، في اليوم نفسه، لمستشارين جماعيين بمجلس المدينة، وهما «ر.ب»، الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس السابق، عزيز رباح، و«ع.ب» الذي كان يشغل كذلك منصب الرئيس السابق مكلفا بتدبير الممتلكات، ولم يحضر رئيس المجلس الحالي، أنس البوعناني، لجلسة التحقيق رغم توصله بالاستدعاء.
وتفجرت هذه الفضيحة في عهد المجلس السابق الذي كان يسيره حزب العدالة والتنمية بالأغلبية، إثر تقاعسه في استخلاص مبلغ مالي ضخم يخص بيع قطعة أرضية تابعة للأملاك الخاصة للجماعة تبلغ مساحتها 1280 مترا مربعا توجد بموقع استراتيجي بمدينة القنيطرة، وطفت هذه الفضيحة المالية والعقارية على السطح بعد اعتقال موثق مشهور أشرف على عملية المبادلة العقارية للقطعة الأرضية، حيث صادق المجلس في إحدى الدورات الاستثنائية بالموافقة على تعديل المقرر عدد 2018/32 المتخذ خلال الدورة العادية لشهر ماي 2018 والقاضي بالموافقة على مبادلة عقارية، والتي بمقتضاها وضعت جماعة القنيطرة قطعة أرضية تبلغ مساحتها 1280 مترا مربعا توجد بموقع استراتيجي بوسط المدينة، مقابل مساحة أرضية تبلغ مساحتها هكتارا و21 آرا و26 سنتيارا حدد لها ثمن 1400 درهم للمتر موجودة بمدخل مدينة القنيطرة.
وأثار هذا الثمن الكثير من الانتقادات للمجلس الجماعي، نظرا لكون قيمة العقار لا تساوي هذا الثمن المبالغ فيه، والذي لا يجب أن تتجاوز قيمته في أقصى الحدود، حسب مختصين في مجال العقار، مبلغ 700 درهم للمتر المربع مقارنة مع القطع المجاورة له، كما أن هذه القطعة توجد في منطقة تمر بها أسلاك الضغط الكهربائي العالي والتي كان يتهرب المنعشون العقاريون من اقتنائها منذ سنوات.
وبعد إجراء عملية المبادلة، لم يستخلص المجلس مبلغ 408 ملايين سنتيم المتبقية من عملية المبادلة العقارية، وبعدما ظلت هذه المبالغ عالقة لدى الموثق الموجود رهن الاعتقال بتهم التلاعب بودائع زبنائه، وهو ما كشف مدى استهتار القائمين على تدبير الشأن المحلي نتج عنه تضييع مبالغ طائلة على صندوق الجماعة، رغم أن المساحة الأرضية تم تسجيلها وتحفيظها وسلمت لها رخصة بناء من ستة طوابق وانتهت الأشغال بها.
وأفادت المصادر بأن الموثق الموجود رهن الاعتقال بتهم خيانة الأمانة والتلاعب في ودائع زبائنه أقدم على تسليم شيك بقيمة المبلغ المتبقي من المبادلة المقدر بـ 408 ملايين سنتيم و8 آلاف درهم، حيث على إثره قام رئيس قسم الموارد المالية ومدير المصالح بتوجيه الإذن بالتحصيل للخازن الإقليمي في شهر ماي 2019، لكن تبين أن الشيك غير مضمون وبدون مؤونة، ليتم إرجاعه إلى مصالح البلدية. وأضافت المصادر أنه تم الاتصال بالموثق وتسليمه الشيك لكونه بدون رصيد دون اتخاذ الإجراءات الاحتياطية.
ودخلت جمعيات حقوقية على الخط بمطالبة الجهات المسؤولة بفتح تحقيق مستعجل للوقوف على هذه النازلة، ومتابعة كل المتورطين في نهب ممتلكات الدولة وتقديمهم للعدالة بخصوص هذه الفضيحة المالية التي هزت الرأي العام بالقنيطرة، كما أدانت كل أشكال التلاعب بالمال العام، متسائلة عن التعاطي السلبي مع هذا الملف، كما وضع الحقوقي حميد الصياد شكاية لدى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط بخصوص الخروقات المالية، ومن ضمنها عدم استخلاص المبلغ المتبقي من المبادلة العقارية ومن استفاد من هذه الصفقة وكيفية حصول المنعش العقاري على رخصة البناء في ظروف غامضة.