شوف تشوف

الرأيالرئيسية

الانتخابات التركية الفاصلة

تشهد تركيا في الرابع عشر من ماي المقبل معركة انتخابية فاصلة ومصيرية، ستكون نتائجها بمثابة استفتاء على خيارات تركيا السياسية بالداخل والخارج.

خريطة القوى السياسية المتنافسة في هذه الانتخابات تنحصر في فريقين أساسيين، وثالث ثانوي، لكن سيكون دوره مصيريا، إذا لم تُحسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى.

يتكون الفريق الأول من تحالف الرئيس أردوغان-باهجلي، المعروف بتحالف الشعب، وهو تحالف متين يقوم على الإيديولوجيا القومية والدينية المحافظة.

والثاني، هو تحالف الطاولة السداسية، ومرشحه كمال كليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، ويتميز هذا الفريق بالتنوع الإيديولوجي إلى درجة أنه غير متجانس سياسيا، ومعرض للانقسام في أي وقت.

أما الفريق الثانوي فهو التحالف الديمقراطي، الذي يقوده حزب الشعوب الديمقراطية، الموالي للأكراد، ويتألف من سبعة أحزاب صغيرة تتسم بطابع يساري، لكنه يتمتع بكتلة انتخابية وازنة، تقدر بنحو ثمانية ملايين ناخب، وستكون أصواتها بمثابة ورقة الفوز لأي مرشح رئاسي، حال الذهاب إلى جولة ثانية من الانتخابات.

بالنسبة إلى الرئيس أردوغان فهذه الانتخابات مصيرية له ولحزبه الحاكم، وسيكون فوزه بمثابة محطة جديدة لاستكمال سياسته المعروفة، خاصة أنه يقود البلاد في منصب رئاسة الجمهورية منذ عام 2014، ويريد بالتالي مواصلة مسيرته على وقع التحولات الجارية، فيما الأمر مختلف بالنسبة إلى أحزاب الطاولة السداسية، إذ إن الورقة السياسية، التي طرحتها أخيرا، أقرب إلى رؤية سياسية لتغيير طبيعة النظام السياسي القائم بالبلاد، فهي تريد التخلي عن النظام الرئاسي والعودة للنظام البرلماني، وإعادة الدور للحكومة بوصفها السلطة التنفيذية، وعدم الإدماج بين منصب رئاسة الجمهورية والانتماء الحزبي، والفصل بين السلطات.. باختصار تفكيك النظام السياسي، الذي شُيِّد في عهد أردوغان خلال العقد الماضي.

الأوضاع المعيشية وتداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في الشهر الماضي، وكيفية مواجهة هذه التداعيات، وتراجع قيمة الليرة التركية.. كلها قضايا داخلية ساخنة ستكون على جدول الحملات الانتخابية المقبلة للجانبين.

الرئيس أردوغان يتمتع بخبرة انتخابية قوية، ويعرف نقاط ضعف المعارضة، سيما في ظل الانقسام الذي يعتريها، وافتقارها لخطة واضحة لمرحلة ما بعد الانتخابات، ولعل ما يعقد المشهد أكثر هو أن قضايا الحملات الانتخابية تبدو على علاقة بسياسة تركيا الخارجية، فالمعارضة التركية تبدو أقرب للسياسة الغربية بشقيها الأمريكي والأوروبي، فيما أردوغان يحاول اتباع سياسة متوازنة بين موسكو وواشنطن، وهو في اللحظات الحرجة يعرف كيف يتجه لعقد الصفقات والتحالفات، وهنا تبدو الساحة الأمريكية ساحة مغرية لمعركته الانتخابية، خاصة في ظل الأوراق الدسمة الموجودة، كتلك التي تتعلق بالموافقة على انضمام السويد وفنلندا إلى عضوية حلف الناتو، وعقد صفقة مع واشنطن لشراء مقاتلات «إف- 16»، في ظل معرفته بمدى تعاظم مكانة تركيا في الاستراتيجية الأمريكية، سيما مع استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية الأطلسية.

كل ما سبق يشكل ورقة مهمة لأردوغان قد تدفعه إلى عقد صفقة مع بايدن، بما يزيد من رصيده بالداخل على حساب خصومه في معركة الانتخابات، وبالتوازي، فإن فوز أردوغان يشكل هاجسا مهما للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي يرى فيه حليفا موثوقا كما قال في وقت سابق، وبالتالي فإن الرهان عليه في انتهاج الحيادية في أزمة أوكرانيا ومواصلة التعاون معه في عدد من الملفات الإقليمية، سيما أزمة سوريا، في ظل المساعي الروسية الهادفة إلى تحقيق مصالحة بين أنقرة ودمشق، يبقى مهما ومؤثرا في المعادلة الانتخابية في الداخل إلى حين موعد الانتخابات.

خورشيد دلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى