الأمن المدرسي في صلب اهتمامات المديرية العامة للأمن الوطني
أصدرت المديرية العامة للأمن الوطني بلاغا يتضمن حصيلة عمل الفرق الأمنية المختلطة المكلفة بتأمين وتطهير محيط المؤسسات التعليمية، موضحة أن عدد القضايا الزجرية المسجلة بلغ 2867 قضية، من بينها 1056 قضية تتعلق باستهلاك ومسك وترويج المخدرات.
وكشفت الإحصائيات الأمنية أن عدد الموقوفين في إطار هذه القضايا بلغ 3128 شخصا، من بينهم 2605 راشدين و523 قاصرا، تم تقديمهم أمام السلطات القضائية المختصة أو إخضاعهم للتدابير القانونية اللازمة.
ولأهمية هذا الموضوع، حاولت «الأخبار» إجراء قراءة موضوعية للمؤشرات الإحصائية المقدمة، واستقراء ما وراء تلك الأرقام، وذلك من خلال معرفة طبيعة عمل الفرق الأمنية المختلطة المكلفة بالوقاية من الجريمة في الوسط المدرسي، وتحليل الأنماط السلوكية الأكثر تسجيلا في جوار المؤسسات التعليمية، والقيام بمقارنات بين الموسم الدراسي الحالي وسابقيه، لمعرفة الاتجاهات الإجرامية المستجدة، والتطورات الحاصلة في مجال الجنوح والانحراف.
الأمن المدرسي.. أولوية في الأجندة الأمنية
في تعليق على المؤشرات الرقمية حول الأمن المدرسي، أكد مصدر أمني أن المديرية العامة للأمن الوطني تولي أهمية بالغة لهذا الجانب من مجال انشغالها، على اعتبار أن تحصين التلاميذ والشباب ضد دوافع الجنوح والانحراف هو عمل في العمق، وخطة استباقية تروم الوقاية من الجريمة عبر الرفع من منسوب المناعة الذاتية لدى التلاميذ والقاصرين ضد مختلف أنواع الجرائم.
ويستطرد المسؤول الأمني بأن خلق فرق أمنية خاصة بتطهير محيط المؤسسات المدرسية في مجموع المدن والحواضر المغربية إنما يندرج في إطار هذه الرؤية الاستشرافية لمديرية الأمن، مؤكدا أن عملها لا يقتصر فقط على الزجر والمكافحة، وإنما يجمع بين الوقاية والتحسيس والاستعلام، ثم المكافحة كإجراء نهائي! كيف ذلك؟ يجيب المصدر الأمني بأن مصالح الأمن حرصت على أن تكون تشكيلة هذه الفرق مختلطة، تضم عناصر الأمن العمومي التي تضطلع بمهمة تسيير دوريات في محيط المؤسسات التعليمية، وعناصر الاستعلامات العامة التي توفر معلومات ميدانية حول الأشخاص الذين يرتكبون أفعالا إجرامية في الفضاء المجاور للمحيط المدرسي، وأخيرا عناصر الشرطة القضائية التي تتولى مهمة إيقاف المخالفين والمتورطين في تلك الأفعال، والبحث معهم، وتقديمهم أمام السلطات القضائية المختصة.
وعن طريقة عمل هذه الفرق، يوضح المصدر نفسه أنها تعمل بالتعاون مع الأطر التربوية لتنسيق التدخلات في محيط المؤسسات المدرسية، وتقوم بتسيير دوريات راجلة ومحمولة لرصد الأفعال الإجرامية في الفضاء الخارجي القريب من المدارس، كما أنها تساهم أيضا في عمليات التوعية والتحسيس بمخاطر الجريمة، والتعريف بأسبابها وتداعياتها.
حصيلة الموسم الدراسي 2016/2015
كشف بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني أن عدد القضايا التي سجلتها الفرق المختلطة خلال التسعة أشهر التي تشكل مجموع السنة الدراسية، بلغ 2867 قضية زجرية، من بينها 1056 قضية تتعلق بالمخدرات، و1811 قضية تتعلق بباقي الجرائم الأخرى. وبإجراء مقارنة مع إحصائيات الموسم الدراسي 2015/2014 يلاحظ تسجيل ارتفاع قضايا المخدرات بنسبة زائد 65 قضية، وذلك بفضل تكثيف العمليات الميدانية والحضور الأمني بجوار المؤسسات التعليمية، بينما سُجل انخفاض كبير في باقي الجرائم الأخرى بناقص 66 قضية بسبب مضاعفة عمليات الوقاية والتحسيس.
وفي مسح جغرافي لهذه المؤشرات الرقمية، يظهر أن ولاية أمن مكناس والمناطق الأمنية التابعة لها (إفران والحاجب وأزرو وعين تاوجطات)، سجلت 391 قضية، متبوعة بولاية أمن الرباط والمناطق التابعة لها (371 قضية)، وولاية أمن الدار البيضاء (291 قضية)، وولاية أمن فاس (276 قضية)، ثم ولاية أمن بني ملال (250 قضية)…الخ.
أما بخصوص عدد الأشخاص الموقوفين، وفق ما ورد في البلاغ، فقد بلغ 3128 شخصا، مقارنة مع 3256 خلال الموسم الدراسي 2015/2014، من بينهم 2605 راشدين و523 قاصرا، 50 في المائة منهم تم إيقافهم من أجل قضايا السكر العلني البين وحيازة السلاح الأبيض بدون سند مشروع والاعتداء على حرمة مؤسسة تعليمية، و40 في المائة تم ضبطهم في قضايا تتعلق بحيازة واستهلاك أو ترويج المخدرات (47 من أجل الترويج و1102 من أجل الحيازة والاستهلاك).
بروفايل الموقوفين
تكشف الإحصائيات الرسمية التي حصلت عليها «الأخبار» أن 2605 من الموقوفين هم رشداء بلغوا سن الرشد الجنائي، أي ما يمثل نسبة 28،83 في المائة، بينما بلغ عدد القاصرين 523 شخصا وهو ما يمثل نسبة 72،16 في المائة.
وتشكل فئة الذكور غالبية الموقوفين بعدد إجمالي بلغ 3020 شخصا، أي بنسبة ناهزت 55،96 في المائة، بينما لم يتخط عدد الموقوفات من العنصر النسوي 45،3 في المائة فقط.
وتبقى المعاينة الأكثر دلالة هي تلك المتعلقة بالوضعية القانونية للموقوفين ووضعهم الاجتماعي، حيث كشفت المؤشرات الرقمية أن 247 من الموقوفين هم من ذوي السوابق القضائية، وأن 1683 منهم ليست لهم أية مهنة أو حرفة ولا علاقة لهم بالمحيط المدرسي نهائيا.
حرب أمنية ضد الممنوعات
أسفرت العمليات الأمنية والتدخلات الميدانية التي باشرتها الفرق المختلطة، خلال الموسم المنصرم، عن حجز 7 كيلوغرامات و65 غراما من مخدر الحشيش، و3 كيلوغرامات و830 غراما من مخدر ورق الكيف، و147 قرصا مخدرا، و9 لفافات من مخدر الهيروين، بالإضافة إلى حجز 231 سكينا، و272 قنينة مشروبات كحولية، و70 علبة لصاق السيليسيون، و6 شهب نارية و110 علب سجائر مهربة.
وتشير التحريات التي باشرتها مصالح الأمن إلى أن أغلب هذه المحجوزات تم ضبطها بحوزة أشخاص لا يرتبطون بالوسط المدرسي، وأن حيازتها كان بغرض إما الترويج بالنسبة للمواد المحظورة مثل المخدرات والمؤثرات العقلية، أو لاستخدامها في أفعال إجرامية كما هو الشأن بالنسبة للأسلحة البيضاء.
خطة أمنية استباقية لمكافحة الغش
تميزت امتحانات الباكالوريا برسم الموسم الدراسي 2016/2015 باعتماد مصالح الأمن لخطة استباقية راهنت بشكل أساسي على رصد صفحات التسريبات على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك لسد الطريق أمام محاولات الغش باستعمال أجهزة الاتصال ووسائل التكنولوجيا الحديثة.
وقد مكنت هذه الخطة الاستباقية من إيقاف تسعة أشخاص يديرون صفحات فايسبوكية مخصصة لنشر التسريبات وتوفير الأجوبة المخصصة لها مقابل مبالغ مالية، كما مكنت أيضا من رصد 2174 قضية غش باستعمال هواتف محمولة وأجهزة إلكترونية، أوقفت على إثرها مصالح الأمن الوطني 168 شخصا، كما حجزت 224 هاتفا محمولا و12 جهاز حاسوب، و46 عدسة أو سماعة تستخدم في الغش(KIT)، بالإضافة إلى لوحتين إلكترونيتين.
وفي تقييم لهذه الحصيلة، يوضح مصدر أمني للجريدة أن المقاربة التي تعتمدها مصالح المديرية العامة للأمن الوطني لمكافحة الجريمة التي تقع في محيط أو بجوار المؤسسات التعليمية حققت نتائج إيجابية، وسمحت بالوقاية من مجموعة من الأفعال الإجرامية التي تستهدف فئات التلاميذ والأطر التربوية، إلا أنه شدد في المقابل على أن المقاربة التشاركية، التي تجمع بين الوقاية والتحسيس والتوعية، هي التي ينبغي الاستثمار فيها بشكل كبير لتفادي اللجوء إلى الزجر الذي يجب أن يبقى حلا أخيرا.