الأضحية بين العادة والعبادة
أحمد الراقي
فضل الله أزمنة على أزمنة، وأمكنة على أمكنة، وجعل سبحانه أعمالنا الصالحة متفاوِتة الأجر والثواب حسب المكان والزمان، وأقسم عز وجل ببعض مخلوقاته تعظيما لشأنها؛ فقال سبحانه: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) (الفجر: 1 3)،
وفي هذه الأيام نعيش أجواء أفضل أيام السنة؛ العشر من ذي الحجة، والتي اجتمعت فيها أمهات الطاعة لله رب العالمين: الصلاة، والصيام، والحج، والصدقات، وفيها يوم عرفة؛ حيث قال عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون قبلي يومَ عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»، قال صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية والسنة الآتية».
إن الأضحية سنة إبراهيم عليه السلام وسنة نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، إنها عبادة لله يتقرب بها المسلم إلى الله: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام: 162 163)، ولا تكون قربى لله تعالى إلا إذا ذُبِحت بعد صلاة العيد: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر: 2).
وفي فضلها وثوابها يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما عَمِل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من إراقة دم؛ وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفسا»، وفي هذا إرشاد لنا لتربية أبنائنا وتعليمهم فضائل هذا العيد وأحكام الأضحية فيه.
إن الأضحية عبادة وليست عادة وجدنا عليها آباءنا، إنها عبادة لله وطاعة تقربنا إلى الله، مخالفة لمن يريقون الدماء لغير الله من القبور والأضرحة؛ لقد رفع رسول الله من شأن هذه الأضحية وعظمها؛ لأنها من شعائر الله، كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى يوم النحر دعا بكبشَين أملحَين أقرنين، قال أنس: ثم يسمي ويكبر، ثم يذبحهما بيده صلى الله عليه وسلم.
وهي سنة مؤكدة لمن وجد ثمنها، لا لمن يلجأ إلى السلف، أو بيع أثاث وهو في أشد الحاجة إليه في بيته لاقتنائها، ولا ينبغي التباهي والتفاخر على الجيران بحجمها أو ثمنها، بل ينبغي أن يتبادل الناس التهاني، ويشارك بعضهم البعض فرحة هذا اليوم، ويذكر بعضهم بعضا أن الذبح لكبش العيد عبادة وطاعة لله عز وجل، فالله تعالى يقول: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) (الحج: 37)، وللتذكير فإن أهم سنن وآداب العيد التبكير للصلاة: قال الله تعالى: «فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ» (البقرة: 148) والعيد من أعظم الخيرات والقربات.
التكبير: قال تعالى: «وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ» (البقرة: 203) وصفته أن تقول الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. ويسن جهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت وأدبار الصلوات إعلانا بتعظيم الله وإظهارا لعبادته وشكره
ذبح الأضحية: ويكون ذلك بعد صلاة العيد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى) (رواه البخاري ومسلم) ووقت الذبح أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة أيام التشريق، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (كل أيام التشريق ذبح) (رواه أحمد).
الأكل من الأضحية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته.
الذهاب إلى مصلى العيد ماشيا إن تيسر: والسنة الصلاة في مصلى العيد لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم.
الصلاة مع المسلمين واستحباب حضور الخطبة والنساء يشهدن العيد مع المسلمين، حتى الحيض والعواتق ويعتزل الحيض المصلى.
وفي الأخير أقدم لك عزيزي القارئ نصائح بيئية وصحية ليمر العيد في أحسن الأجواء:
تنظيف مكان الذبح والأدوات المستعملة بواسطة المواد المنظفة الضرورية.
وضع الأعضاء غير الصالحة للاستهلاك وكذا الفضلات الموجودة داخل الأمعاء في أكياس حتى تبقى بعيدة عن متناول الحيوانات خاصة منها الكلاب والقطط.
جمع كل النفايات في أكياس بلاستيكية وإيداعها في مكان ملائم في انتظار جمعها من طرف المصالح المعنية.
كما يجب على الشباب الذين يقومون بشواء رؤوس الأغنام تنظيف أماكن عملهم بعد الانتهاء وتنظيف الشارع من بقايا الفحم. وتقبل الله من الجميع.