شوف تشوف

الرأي

اسمحوا لنا أن نعترض.. أجواؤنا مستباحة وأهلنا يذبحون باسم محاربة «الدولة الاسلامية»

أرضنا العربية باتت مستباحة.. أجواؤنا منتهكة من قبل طائرات من كل الجنسيات، ونتحدى أن يعرف أحد عددها.. الدماء العربية والإسلامية الطاهرة تتدفق مثل الشلالات.. شهداؤنا بلا أرقام، ولا أكفان.. لا جنازات ولا معزين.
صواريخ هي الأحدث.. قنابل «ذكية».. وأخرى غبية.. وقوات خاصة أمريكية.. وأخرى روسية.. وثالثة بريطانية.. ورابعة فرنسية.. الجميع يقتل ويذبح ويقذف بحممه فوق رؤوس أهلنا، ولا أحد يحتج أو يعارض أو يعترض.. وكأن قتل العرب والمسلمين بات حلالا زلالا.. وأراضينا مشاعا بلا رحمة.. ولا سيادة.
كل هذا الذبح والدمار يتم تحت عنوان واحد، وهو محاربة «الدولة الاسلامية» واجتثاثها، مثلما «اجتثوا» البعث في العراق، ومعه الوحدة الوطنية، والتعايش والكرامة الإنسانية، وكرسوا التفتيت الجغرافي والطائفي والعرقي.
نحن الآن أمام مؤامرة كبيرة لتمزيق الجثة العربية الهامدة، نتابعها ونحن مفتوحي الأعين، بل والأخطر من ذلك أن «زعماءنا» يشاركون فيها ويمولونها من أموالنا ونفطنا وثرواتنا.
سورية تتعرض للتقسيم بين الشرق والغرب، الروس والأمريكان، تماما مثلما حصل لألمانيا وكل دولة عظمى أو شبه عظمى تريد قطعة منها، وسنفيق في يوم قريب على سورية الشرقية، وسورية الغربية، ودمشق الشمالية، ودمشق الجنوبية، ولا نستبعد بناء حوائط وأسوار، مثل سور برلين، يكرس هذا التقسيم لعشرات السنوات المقبلة، فهذا هو المصير الذي ينتظر جميع دولنا ومدننا، ونحن في بداية البدايات فقط.
لا نفهم لماذا كل هذا السعار العسكري ضدنا. ونسأل من ستقتل هذه الطائرات وصواريخها التي تزدحم بها أجواء سورية والعراق في الوقت الراهن، وكم عدد الشهداء.. نرجوكم أعطونا رقما واحدا.. أم أن شهداءنا بلا أرقام، وآلة القتل التي تحصد أرواحهم بلا عدادات، لأنهم عرب ومسلمين تماما مثل شهداء العراق وليبيا واليمن وسورية؟
لا يمكن أن نصدق أن ستة آلاف غارة جوية شنها التحالف للقضاء على «الدولة الاسلامية» في العراق وسورية لم تقتل أبرياء، وأن جميع قتلاها فقط من مقاتلي «الدولة الاسلامية» فلماذا لا ينتبه أحد إلى هذه الحقيقة المأساوية، ولماذا يعتم عليها إعلامنا العربي؟
هل من المنطق تصديق الدعاية الغربية، والعربية المتواطئة، التي تقول إن هذه الغارات المستمرة منذ عام لم تدمر إلا مواقع «الدولة الاسلامية» وكيف؟ فعلى حد علمنا لا يوجد لأبي بكر البغدادي قصر مثل الإليزيه، ولا قواعد عسكرية لدولته مثل نظيراتها الأمريكية والفرنسية والبريطانية في دول الخليج؟
ثم من الذي خلق الحاضنة لـ«الدولة الاسلامية» في سورية والعراق، أليس هؤلاء الذين يتسابقون للقضاء عليها عندما بذروا بذور الطائفية والتهميش، وغزوا، واحتلوا بلداننا، وأذلوا جيوشنا، واغتالوا علماءنا، ودمروا بنانا التحتية؟
ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا يحرض برلمانه على التصويت لتوسيع مهمة طائراته لضرب أهداف في سورية بعد العراق، ولا يعترض على ذلك غير نواب بريطانيين وليس عربا.
ووزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر يعلن صراحة عن إرسال قوات أمريكية خاصة إلى العراق لمساعدة القوات العراقية والبشمرغة الكردية على قتال «الدولة الاسلامية»، ويرد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بأنه لم يتم التشاور معه حول هذه الخطوة، ويؤكد أنه لا يريد قوات أمريكية أو غير أمريكية.
السيد العبادي يعتقد أنه يتربع على عرش دولة مستقلة ذات سيادة، ويستطيع أن يقبل هذا، ويرفض ذاك، وينسى أنه مثل الغالبية الساحقة من الزعماء العرب، مجرد «ناطور» للاحتلال الأجنبي لبلاده الذي ساهم وغيره في تشريعه، وفتح أبواب العراق أمامه.
كلهم «محمود عباس» وكلهم حميد كرزاي، مجرد أدوات، بلا كرامة، ولا سيادة، ولا قرار مستقل، وينفذون أوامر «الاحتلال» ويسخرون ثروات بلادهم في خدمة تكريسه وتدعيم أسسه، وتعميق جذوره.
نكتب بعاطفة مرة أخرى لأن ما يجري في بلادنا العربية لا يمكن أن يستقيم بلغة العقل والمنطق، فنحن جميعا سبايا لمخطط شرقي غربي لإذلالنا، واستعبادنا، ونهب ثرواتنا.
رحم الله جميع شهدائنا، من سقط منهم ومن هو في طريقه للسقوط.. ورحم الله أمة كانت في يوم من الأيام عزيزة كريمة، ومفخرة بين الأمم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى