محمد اليوبي
رصدت المفتشية العامة للمالية مجموعة من الاختلالات في أداء المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وعدم التزامها بالتوصيات الصادرة عن المفتشية بخصوص نجاعة الأداء، فضلا عن غياب توازن ميزانياتي لمختلف المشاريع المكونة لبرنامج المندوبية.
وسجلت المفتشية في تقرير، حصلت «الأخبار» على نسخة منه، غياب آلية لتتبع تنفيذ توصيات لجان افتحاص نجاعة الأداء، وأوضح التقرير أن المندوبية السامية لا تتوفر على آليات مؤسساتية تمكنها من تتبع مدى أجرأة التوصيات الصادرة عن تقارير افتحاص نجاعة الأداء المنجزة من طرف المفتشية العامة للمالية، وفي هذا الإطار، تتكلف مصالح المندوبية السامية بتنفيذ التوصيات الصادرة عن التقارير، حسب الاختصاصات المنوطة بكل مصلحة، غير أنه لا يتم تكليف المفتشية الإدارية والتقنية بشكل رسمي بالوقوف على تتبع إنجاز التوصيات.
وأسفر فحص مشروع نجاعة التدبير وكذا مجموع الوثائق الميزانياتية عن تسجيل غياب توازن ميزانياتي للمشاريع المكونة لبرنامج المندوبية السامية، حيث تتمحور غالبية الاعتمادات المالية المبرمجة حول سطر ميزانياتي واحد، فعلى سبيل المثال، تمت برمجة 58,29 مليون درهم بالنسبة لمشروع «تحسين الظروف المادية والاجتماعية لأسرة المقاومة وأعضاء جيش التحرير»، من أصل 78,08 مليون درهم المبرمجة لكل مشاريع البرنامج، وهو ما يمثل نسبة 74,66 في المئة. فضلا عن ذلك، من أصل 58,29 مليون درهم الخاصة بالمشروع سالف الذكر، يستأثر السطر المتعلق بالتغطية الصحية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وذوي حقوقهم على 53,48 مليون درهم بنسبة 91,7 في المئة، أي أن هذا السطر الميزانياتي يمثل 68,5 في المئة من مجموع الاعتمادات المالية لكل المشاريع والعمليات المتعلقة بالبرنامج.
وأشار التقرير إلى استمرار اعتماد مؤشرات وسائل وأنشطة لا تعبر عن نجاعة الأداء، حيث يتم اعتماد مؤشرات تمكن من قياس أنشطة المندوبية السامية، بدل مؤشرات النتائج ونجاعة الأداء، وقد أسفر تحليل مضمون المؤشرات وكذا البطاقات التفصيلية عن مجموعة من الاختلالات، فبالنسبة لمؤشر عدد الوثائق المسترجعة من الخارج والتي تم فحصها وتقييمها، فيوضح حجم الوثائق المستنسخة المتعلقة بتاريخ الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، دون إمكانية إبراز التعريف بهذه الوثائق وفهرستها ووضعها رهن إشارة الباحثين والطلبة وعموم المواطنين.
وبخصوص مؤشر عدد زوار فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة وجيش التحرير، كما تمت صياغته، فلا يمكن من تقييم الأثر البعدي للزيارات، أو الإضافة التي تلقاها الزوار، فضلا عن ذلك، لا يمكن هذا المؤشر من تقييم الجهود المهمة المبذولة من طرف مصالح المندوبية السامية ذات الأثر الموسع والرامية للتعريف بالذاكرة التاريخية للمقاومة وجيش التحرير بهدف الحفاظ عليها، كاللقاءات التواصلية، العروض التاريخية المشاركات في البرامج الإذاعية والتغطيات الإعلامية.
وفي ما يتعلق بمؤشر «نسبة الاستجابة لطلبات الحصول على الإعانة لإحداث المشاريع الاقتصادية الصغرى والمتوسطة والتعاونيات»، فلا يمكن التأكد من ديمومة المشاريع المحدثة عبر مواكبتها ولا أثرها الفعلي والمباشر على تحسين الوضعية المادية والاجتماعية للمستفيدين.
كذلك هو الحال بالنسبة لمؤشر نسبة نجاعة «تدبير الموارد البشرية»، والذي يعطي نظرة عن الموظفين المكلفين بتدبير الموارد البشرية من مجموع موظفي المندوبية السامية، إذ لا تترجم طريقة احتسابه مدى التدبير الناجع للموارد البشرية ولا تعكس المجهودات المبذولة من طرف المصلحة المختصة لا من حيث المهام الإدارية المنوطة بها ولا من حيث الخدمات الإدارية التي تقدمها لباقي الموظفين، ومن جهة أخرى، لا يمكن ربط نجاعة تدبير الموارد البشرية بتناقص عدد الموظفين المكلفين بتدبير هذه الأخيرة بالمقارنة مع العدد الإجمالي للموظفين.
وتطرق التقرير إلى تبني المندوبية لمؤشر يتسم بمحدوديته ولا يعكس نجاعة أداء مصالح المندوبية السامية، وأوضح أنه لقياس هدف تحسين الأوضاع المادية والاجتماعية والأحوال المعيشية والصحية لأسرة المقاومة وجيش التحرير، خصوصا في الجانب الصحي، تم تحديد مؤشر «نسبة ملفات التغطية الصحية التي تم استرجاع مصاريفها». وفي هذا الإطار، ترى لجنة الافتحاص أن هذا المؤشر لا يمكن من قياس فعلي لنجاعة أداء المندوبية السامية للارتباط الكلي لتنفيذه بالشركة المتعاقد معها لتدبير مصاريف التغطية الصحية، حيث إن هذه الأخيرة تعتبر المسؤولة عن تلقي طلبات استرجاع مصاريف التغطية ودراستها وتعويض المستفيدين، في حين يتم إخبار مصالح المندوبية السامية بنسبة الإنجاز بشكل سنوي، ومن جهة أخرى، فإن هذا المؤشر لا يمكن من تقييم مدى تحسين الأوضاع الصحية للمستفيدين، لارتباطه الحصري بالمصاريف المسترجعة، خصوصا في غياب مؤشرات أخرى تعنى بهذا الجانب الأوضاع الصحية أو مؤشرات فرعية.
وقامت لجنة الافتحاص بإجراء تقييم لمصداقية المعلومات الخاصة بالمؤشرات من خلال تقدير جودة عمليات إنتاج المؤشرات ودراسة عناصر المراقبة الداخلية وكذا مساهمة مراقبة التسيير في تتبع جودة المؤشرات، وسجلت وجود نواقص تهم منهجية تجميع المعطيات ورصد النتائج المحققة واحتساب مؤشرات نجاعة الأداء، حيث تعمد مصالح المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير إلى تجميع المعطيات المتعلقة بالمؤشرات المعنية بطرق بسيطة، تقتصر على العد اليدوي أو باستعمال قواعد للبيانات وبرامج معدة من طرف أطر المندوبية وكذا على المعلومات الموضوعة رهن إشارتها من طرف الشركاء، وذلك في غياب المساطر موثقة تبين بالدقة والوضوح اللازمين طريقة تجميع المعطيات واحتساب المؤشرات وإدراجها بتقرير نجاعة الأداء، وكذا مراجعتها والتحقق من مصداقيتها للتقليص من احتمال الخطأ في المعلومات المجمعة. وأشار التقرير إلى أن غياب نظام معلومياتي مندمج ومتكامل يحول دون ضمان السير الأوتوماتيكي للعمليات سالفة الذكر. وعليه، فإن جودة ومصداقية المعلومات المتعلقة بالمؤشرات تبقى غير مضمونة.
وبخصوص جودة محتوى الوثائق المقدمة للنتائج وأهميتها، أفاد التقرير بأن مصالح المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير قامت بإعداد تقرير نجاعة الأداء برسم سنة 2022 وفق النموذج الذي أعدته مديرية الميزانية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية في هذا الشأن، وفي هذا الإطار، تم تقديم الحصيلة الاستراتيجية لأهم الأنشطة وإنجازات قطاع المقاومة وجيش التحرير لسنة 2022، كما تم تقديم معطيات عن تنفيذ ميزانية المندوبية السامية، فضلا عن عرض نتائج المؤشرات مع إعطاء التفسيرات وكذا الإجراءات التصحيحية.
وحسب التقرير، فقد تم التأكد من أن النتائج المدرجة بتقرير نجاعة الأداء والتعليقات المرافقة لها همت كل المؤشرات المتعلقة ببرنامج قدماء المقاومين وقدماء أعضاء جيش التحرير، على الرغم من كون بعض الشروحات المقدمة لتفسير النتائج والفوارق المسجلة بين التوقعات والإنجازات، وكذا الإجراءات التصحيحية تعتبر غير موضوعية وتعتريها بعض النواقص المتعلقة، أحيانا، بتغييب البعد التحليلي للنتائج المحصلة مقابل المنطق الوصفي البحث، وغياب الموضوعية أحيانا أخرى، فضلا عن عدم التذكير بطريقة احتساب المؤشرات والتوضيحات المنهجية المتعلقة بها.