شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

اتفاق جريء وشجاع

 

 

وقع كل من رئيس الحكومة وزعماء المركزيات النقابية واتحاد مقاولات المغرب اتفاقا تاريخيا بالزيادة في أجور الموظفين، والرفع من الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص، وإصلاح الضريبة على الدخل وغيرها من المخرجات الاجتماعية، التي ستكون بمثابة نقطة تحول اجتماعية اقتصادية وسياسية للمغرب وتطوره، ومن شأن هذا الاتفاق إحداث استقرار  اجتماعي، فضلا عن أنه يفتح الطريق أمام تنزيل مشاريع قانونية ومؤسساتية ظلت معلقة لسنوات، بل لعقود طويلة.

إنه اتفاق تاريخي ولا مبالغة في هذا التقويم، إذا استحضرنا السياق الصعب الذي نعيشه، والإكراهات المالية والاقتصادية التي نمر منها، وإذا أخذنا بعين الاعتبار التركة التي رسختها الحكومات السابقة، حتى قلنا إن الحوار الاجتماعي قد مات وتم دفنه إلى الأبد. فلقد جعلتنا الحكومتان السابقتان نقتنع أن لا شيء يرجى من الحوار الاجتماعي، وعلى مدى السنوات العشر الماضية بدا للأذهان أنه لم يعد شيء اسمه الحوار الاجتماعي، فبالأحرى أن يكون منتظما ودوريا تترتب عليه قرارات.

وإذا كان من فضل يحسب لحكومة عزيز أخنوش فهو إنقاذها للحوار الاجتماعي من الموت البطيء، وإخراجه من حالة الشد والجذب و«البوليميك» الفارغ الذي لا ينفع الوطن والمواطنين، وتحويله إلى فضاء لتنظيم العلاقات بين الحكومة والنقابات، بعدما كانت  كل الحوارات السابقة يسودها توتر مستدام ورغبات دفينة لقتل الحوار المجتمعي.

فهل الاتفاق فاتحة تغيير؟ يمكن الإجابة بنعم دون أي تحفظ، وقد يحدث تغييرا عميقا في التوازنات الاجتماعية، وستكون له انعكاساته المباشرة وغير المباشرة على جيوب وموائد المغاربة. إن الاتفاق الاجتماعي الذي جرى التوقيع عليه، بعد سنتين من الجلسات، ينسجم مع المعركة التي تخوضها الحكومة بتوجيه ملكي صريح، من أجل ترسيخ ركائز الدولة الاجتماعية، وامتداد طبيعي لقرارات الدعم المباشر للأسر الفقيرة، والتأمين الصحي، ودعم السكن، والزيادة في أجور 400 ألف موظف.

ومهما تباينت التوصيفات السياسية التي نعت بها السياسيون والنقابيون مخرجات الحوار الاجتماعي، حيث رأى فيها بعضهم إنجازا غير مسبوق، في حين يراها آخرون أنها مقايضة لتمرير التقاعد، أو لمواجهة شبح التضخم وغلاء الأسعار. إلا أنه اتفاق جريء وشجاع لا يمكن أن يكون كما شبهه عبد الله بوانو، رئيس مجموعة 13، بأنه رشوة انتخابية لأكثر من أربعة ملايين مستفيد. فكم انتظرنا منهم في حكومتي حزبه أن يرشوا الموظفين والعمال ويا ليتهم فعلوا، بل قاموا فقط بتحرير الأسعار وإصلاح التقاعد من جيوب المواطنين، وانتهى بهم المطاف في نفق النسيان والعزلة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى