اتحاد «فيتونيا» والصبار
كنت أحسب أن مرارة الأيام علمت قلبي القسوة وعيني الجفاء. أتعبني تجاهل هذا الذي أحمله بين جوانحي لمواجهة معركة الحياة، في النهاية تركت كل المعارك لا منتصرة ولا منهزمة لأمثل أمام نفسي بعدما أغلقت باب بيتي واعتزلت الحياة. أغلقت هاتفي وألغيت كل حساباتي التواصلية، لأحس بهذا الأكسجين الذي أتنفسه، وهذا الماء الذي أتعطش للارتواء به ولأسقي نبتة الصبار هذه التي أزين بها شرفة غرفتي، أحببت أن أصادقها أول ما رأيتها، ليست متطلبة ولا مكلفة وتوحي بالصمت وتعلم لغة الصبر. لم تخف عني شوكها الحاد بل كانت صريحة. ليت الأيام كانت تكشف لك شيئا من عسرها حتى لا تفرح بيسرها فقط. لم يكن زوجي ليميل مثلي لهذا النوع من النباتات، ولم يكن ليتوقع لو أنه معي اليوم أني سأحبها في لحظة من الزمن. كرسنا في حياتنا السالفة حب أشياء جميلة لم يكن أحدنا ليتوقع أننا في يوم ما سنصادرها أو لأقل أصادرها من حياتي كي لا أتذكر وجع رحيله.
بعد عودتي من ذلك السفر الطويل استغربت كيف أن أجد ذلك الاتحاد الغريب بين نبتة «فيتونيا»، تلك الصغيرة الأوراق ذات العروق النازفة الحمراء والصبار. لست أدري كيف؟ جغرافيا الطبيعة وقوانينها مختلفة عن سنة البشر. أحببتهما معا وأحببت الزهور الراقصة البيضاء بشكل يذكرني بلقائنا الأول عندما لمحت الدمع يملأ عيني والابتسامة تملأ محياك، لأن طيف الفتاة التي زارتك بأحلامك منذ عهود حقيقة وليست من وحي الخيال، لأدرك أن تلك الدموع التي صادرت ابتسامتي بعد رحيلك كانت لتخبرني أنك من ستكون بالأخير الطيف الزائر بحياتي. أعلم أنك معي وأنا أكتب رواياتنا، أعلم أن تلك الرياح التي ترفع ستار نافذة غرفتنا هي رياحك أنت.. أعلم أن الشهداء لا يموتون، لذلك أحببت استشهادك.