إلى أين يتجه العالم؟
العالم ليس بخير ويتجه نحو الأسوأ، هذا على الأقل ما يمكن استنباطه من تدخلات مسؤولي الدول أثناء تعاقبهم على منصة الأمم المتحدة وفي مقدمتهم الأمين العام للمنظمة الأممية الذي أطلق تحذيرا جديا من أن العالم سيكون في خطر كبير إذا لم تتم تسوية النزاعات ومعالجة قضايا المناخ وتفاقم الفقر وعدم المساواة، والانقسامات بين القوى الكبرى، خاصة منذ اجتياح روسيا لأوكرانيا، وخطاب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي زاد الطين بلة عندما حذر الدول الغربية التي تهدد مصالحه من أن لدى موسكو أسلحة دمار شامل لمواجهة أي خطر يتهددها من الغرب.
والحقيقة أن عالمنا اليوم أصبح عالما مضطربا من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية، بسبب ما خلفه أكبر وباء ضرب الإنسانية والجشع الاقتصادي والصراعات السياسية والعسكرية باسم السيادات الوطنية المفترى عليها، بينما الغرض الحقيقي هو أن يحصلوا على كمية أكبر من خيرات العالم ورقعة أوسع من المصالح وقدرات عسكرية أضخم وأقوى، ومن أجل مصالحهم يمكن أن يفعلوا أي شيء ويجروا العالم إلى الهاوية لكى يحصلوا على مصالحهم وينتصروا على أعدائهم أو شركائهم.
وبطبيعة الحال بلادنا ليست بعيدة عن هاته التوترات وتداعياتها الجيوستراتيجية مهما اجتهدت في الانحياز إلى موقع الحياد ومبدأ التوازن، ومن الخطأ الاعتقاد بأن ما يحدث في أوكرانيا وإيران وإفريقيا جنوب الصحراء بعيد عن قضايانا الوطنية، فلم تعد للصراعات حدود ولم يعد حل النزاعات البينية رهينا بإرادة الدولتين المعنيتين بل بإرادة اصطفافات دولية.
لذلك إذا لم تختر بلادنا موقعها في الاصطفافات الدولية بطواعية وإرادة وبناء على تقدير دقيق للمصالح العليا، سيفرض عليها ذلك بقوة الأمر الواقع، لذلك ليس هناك الوقت الكافي لتضييع الفرص، فمن الواضح أن من سيدفع ثمن هذا النفق المظلم بالدرجة الأولى هي الدول الصغيرة مثل بلدنا إذا لم تعد العدة لكل السيناريوهات المحتملة، ومن هنا خشيتنا من أن التوترات العالمية والتغيرات المناخية والأوبئة المرضية ستكون ضارية وربما أكثر قساوةً على سيادة بلدنا وأمنه الطاقي والغذائي.
لهذا فمستقبل عالمنا ليس مشرقا بل مليء بالمخاوف والمخاطر الكبيرة في كل النواحي وكل البشرية، نمر في نفق مظلم ولا يوجد أمل وإشراقة مضيئة في الأفق، وكل الأمل لسفينة في مواجهة بحر هائج هو القيادة المتبصرة لملك وسياسات عمومية اجتماعية لفائدة المهمشين وجبهة داخلية قوية تقينا من الغرق والهاوية.