إصلاح النصوص والنفوس
![](https://www.alakhbar.press.ma/wp-content/uploads/2023/02/مجلس-الحكومة-750x470.jpg)
عقدت اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، يوم الاثنين الماضي، اجتماعها الثالث برئاسة رئيس الحكومة، وبحضور خمسة أعضاء من الحكومة. وخُصص هذا الاجتماع للمصادقة على الصيغة المبسطة للقرارات الإدارية التي تتم دراستها على مستوى المراكز الجهوية للاستثمار، من خلال تبسيط 22 قرارا إداريا ورقمنته، مما سيؤدي إلى تقليص الوثائق المطلوبة من المستثمرين بمعدل 45 في المائة، وكذا إعفائهم من مجموعة من المراحل وتقليص المدة الزمنية اللازمة لإعداد ملفات الطلبات ما سيُسرع بالتالي من عملية إنجاز المشروع الاستثماري.
إنه لأمر إيجابي أن تتحرك الحكومة في وجه إجراءات قانونية متجاوزة، لا يمكن أن تساير الطموح الاستثماري الذي ينهجه المغرب، لكن معضلة التعقيد في الإدارة لا تكمن فقط في النصوص التي يمكن تعديلها بجرة قلم، بل تتمثل في النفوس التي تقود البيروقراطية الإدارية، سواء في مجال الاستثمار أو الخدمات الإدارية العادية. فمهما قلصت الحكومة من إجراءات إدارية في الرباط فلا بد أن تجد مسؤولا رفيعا أو بسيطا يعقد بعقليته البالية مسطرة مبسطة، وخير دليل على ذلك المرسوم المنظم للبطاقة الوطنية الذي يشدد على إعفاء المواطن من عدد من الوثائق الإدارية، لكن الممارسة تقول شيئا آخر، أضف إلى ذلك مرسوم مطابقة الشهادات لنسخها الذي منحه القانون للإدارات لكنها لا تطبقه إلا نادرا، دون أن نتحدث عن مرسوم ميثاق اللاتمركز الذي تحول إلى أكذوبة قانونية لا يؤمن بها أي وزير بل يرى في المرسوم عدوا له لأنه يفرض عليه التنازل عن بعض اختصاصاته.
لهذا لا يكفي تبسيط المساطر على المستوى القانوني والتنظيمي، فالتعقيدات توجد في أذهان بعض من يقود الإدارة المركزية والترابية، وما لم يتم المزج بين تعديل النصوص والنفوس، بين المراسيم والعقليات فسيظل تبسيط المساطر مجرد صيحة في واد أو نفخا في حبل، وكما قال الملك محمد السادس في خطابه منذ 2016 فإن إصلاح الإدارة سواء الموجهة للاستثمار أو الخدمات الإدارية البسيطة «يتطلب تغيير السلوكات والعقليات وجودة التشريعات من أجل مرفق إداري عمومي فعال في خدمة المواطن»، وهذا هو التبسيط المطلوب فلا يمكن أن نقلص الإجراءات الإدارية بعقليات متضخمة بالثقافة البيروقراطية ومريضة بالتضخم الإداري.