بفضل الرؤية المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تحقق كرة القدم النجاح تلو الآخر في كبريات المحافل القارية والعالمية، رافعة العلم الوطني عاليا على الساحة الدولية.
وما فتئ جلالة الملك منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين يولي اهتماما خاصا لقطاع الرياضة بصفة عامة بما فيها كرة القدم الوطنية، من خلال تعبئة كافة الموارد الضرورية لتكوين الأبطال في مختلف الأصناف الرياضية وتشييد البنيات التحتية وتوفير التجهيزات الرياضية ذات المعايير الدولية.
ويكتسي هذا القطاع، الذي يعتبر محورا أساسيا في مختلف خطط وبرامج الحكومة، وأحد ركائز السياسة الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، أهمية كبرى في المملكة، كما تبرهن على ذلك مختلف الأوراش والمبادرات الرامية إلى تطويره.
تتويج الملك بجائزة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم للتميز
يعد تتويج صاحب الجلالة الملك محمد السادس بجائزة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) للتميز لعام 2022، اعترافا بالاختيارات التي انتهجها المغرب.
وقد بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس خلال جائزة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم للتميز برسم سنة 2022، برسالة ملكية تلاها وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى خلال حفل منح الجائزة. وأعرب فيها جلالة الملك، عن «ثقته الراسخة في شباب القارة الإفريقية وقدراتها»، كما ورد في الرسالة أن جلالة الملك أعرب عن تشبثه بالقناعة التي عبر عنها في مناسبات سابقة، من خلال التأكيد على أن «مستقبل إفريقيا يبقى رهينا بشبابها» وأن «انتهاج سياسة إرادية موجهة نحو الشباب من شأنه تركيز الطاقات على التنمية».
جائزة التميز التي منحت للعاهل المغربي تعد تكريما لعبقرية إفريقيا وشبابها. كما تمثل اعترافا بالاختيارات التي انتهجها المغرب من أجل توفير الظروف الكفيلة بإبراز هذه العبقرية والنهوض بها.
وسجلت الرسالة أن كرة القدم، تمثل، بالنسبة لجلالة الملك، ثمرة بناء وعمل متواصلين، وركيزة للنجاح ورافعة للتنمية البشرية المستدامة. فلئن كانت لعبة تستأثر بقلوب الملايين، وموهبة تعكس طاقة إبداعية خلاقة، فهي تقوم أيضا على أساس رؤية مستقبلية، والتزام طويل النفس، وحكامة قوامها النجاعة والشفافية، مبرزة أن جلالة الملك يعتبر كرة القدم استثمارا في البنيات التحتية وفي الرأسمال البشري.
جلالة الملك أكد أيضا أن المملكة المغربية تضع إمكانياتها وبنياتها التحتية وتجربتها، لاسيما في مجال الكرة القدم، رهن إشارة جميع البلدان الإفريقية الشقيقة.
وشدد محمد السادس على أن طموح جلالته من أجل المغرب لا يضاهيه في جوهره سوى طموحه من أجل القارة الإفريقية.
وشكل التأهل التاريخي للمنتخب المغربي النسوي لكرة القدم إلى دور ثمن نهائيات مونديال 2023، بشكل مشترك بين أستراليا ونيوزيلندا، إضافة نوعية للإنجازات الرياضية المغربية المحققة على الصعيدين العربي والإفريقي بصفة عامة، وتأكيدا للطفرة النوعية التي تشهدها كرة القدم المغربية على وجه الخصوص.
واحتل المنتخب الوطني المغربي المركز الرابع في كأس العالم قطر 2022، وهو إنجاز تاريخي غير مسبوق على المستويين العربي والإفريقي. كما توج المسار التاريخي لأسود الأطلس في نهائيات كأس العالم لكرة القدم بقطر، سنة 2022 التي كانت حافلة بالإنجازات الرياضية، والتي شهدت تألق كرة القدم المغربية، سواء على مستوى الأندية أو على مستوى المنتخبات الخاصة بالرجال أو النساء.
وشكل العمل القاعدي، الذي وضعته الجامعة الملكية لكرة القدم، ضمن تصور شامل تبنته السياسة الملكية الرشيدة لتطوير المنتوج الكروي بشكل عام والنسوي على وجه الخصوص، وتميز بتوهج المنتخب النسوي في نهائيات كأس العالم «أستراليا ونيوزيلاندا»، حيث اعتبر نتاج دينامية الاستثمارات المنجزة بقيادة الملك محمد السادس.
وسلط الإعلام العالمي الضوء على تألق «اللبؤات» في «المونديال» الأخير، واعتبره نتاج الجهود المبذولة لتطوير كرة القدم النسوية، وعلى الخصوص، بفضل الاستثمارات المهمة المنجزة بقيادة الملك محمد السادس، والدور الكبير، الذي تلعبه أكاديمية محمد السادس لكرة القدم،التي تضم تجهيزات حديثة شيدت في العام 2009 بهدف النهوض بكرة القدم في المغرب.
وأشادت تقارير إعلامية، بالنتائج المحققة على مستوى «اللبؤات»، على اعتبار أن البطولة الوطنية الاحترافية بدأت في موسم 2020-2021، وأن المغرب يتوفر على دوري وطني وآخر جهوي بمستوى أقل، ممولين بالكامل من قبل الحكومة والجامعة، مبدية انبهارها بما أنجزته العناصر الوطنية النسوية في التظاهرة الكروية التي احتضنها أستراليا ونيوزيلندا، لا سيما، أنه بات بإمكانها منافسة أفضل المنتخبات من الآن فصاعدا في جميع البطولات الكبرى.
وعلى ضوء النتائج التي حققها المنتخب الوطني للسيدات في ظرف زمني قياسي، ببلوغه نهائي مسابقة كأس إفريقيا، وتأهله إلى دور ثمن «المونديال»، في أول مشاركة له في البطولة العالمية، أصبحت اللاعبات نموذجا يقتدى به، كما بات المنتخب مصدر فخر وإلهام للفتيات المغربيات، خاصة وأن نجاح المغرب في الكأس العالمية للسيدات، فاجأ الكثيرين، خاصة وأن النتائج ليست وليدة الصدفة، بعد النتائج المبهرة، التي واظب المنتخب على تحقيقها، خاصة على مستوى المباريات الودية، التي خاضها خلال فترة التحضير، حيث واجه مدارس كروية مختلفة، وكان ندا حقيقيا أمام أغلبها، ما جعله يحظى باحترام الجميع.
أكاديمية محمد السادس.. المشروع الملكي
أسهمت أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، وهي مشروع ملكي، في النهوض بكرة القدم الوطنية وتطويرها ومنح إشعاع حقيقي للمنتوج الكروي الوطني، من خلال انتقاء وتكوين لاعبين موهوبين، يشكل أغلبهم العمود الفقري للمنتخب الوطني لكرة القدم، الذي بلغ نصف نهائي كأس العالم «قطر 2022» لأول مرة في تاريخ كرة القدم العربية والإفريقية، كما أمنت بنيات تحتية رياضية، سيرت في إطار حكامة جيدة، انسجاما مع الرؤية الملكية، التي وضعت ثوابتها في مارس 2010، حيث أشرف الملك محمد السادس على تدشين «أكاديمية محمد السادس لكرة القدم»، وفق معايير تضاهي أكبر مراكز التكوين الأوروبية ذات الصيت العالمي، من أجل توفير ظروف ملائمة أمام الشباب الرياضي المغربي، لتلقي تكوين رياضي علمي، يخول له الممارسة في أكبر الأندية الكروية بالمغرب وأوروبا على حد سواء.
وسلطت الأضواء على أكاديمية محمد السادس، في نهائيات كأس العالم «قطر 2022»، عندما فاجأ المنتخب الوطني المغربي العالم بأسره، ببلوغه المربع الذهبي، كأول منتخب إفريقي وعربي، وذلك على حساب كبار المنتخبات الأوروبية، على غرار بلجيكا، إسبانيا، البرتغال فضلا على كندا، وكان قاب قوسين من حجز بطاقة المرور إلى المباراة النهائية على حساب منتخب فرنسا، لولا لعنة الإصابات، التي لاحقت دعامات خط دفاع «الأسود».
وجاء اهتمام الإعلام العالمي بالمشروع الملكي المتمثل في أكاديمية محمد السادس، كونه ساهم في تكوين أربعة لاعبين شكلوا إلى جانب العناصر الوطنية، المعادلة الصعبة في «مونديال» قطر، ويتعلق الأمر بكل من يوسف النصيري مهاجم نادي اشبيلية الاسباني، نايف أكرد مدافع ويستهام يونايتد الانجليزي، عز الدين أوناحي صانع ألعاب نادي أولمبيك مارسيليا الفرنسي، بالإضافة إلى أحمد رضا التكناوتي حارس فريق الوداد الرياضي.
كما سلط الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الضوء على أكاديمية محمد السادس، بعد تألق «الأسود»، في «المونديال»، واعتبرها مفتاح نجاح كرة القدم المغربية، مبرزا في السياق ذاته، أن الأكاديمية تضم بين جنباتها أحدث المرافق والمعدات التي تتوافق كلها مع معايير (الفيفا)، لافتا، أن الأكاديمية لعبت دورا كبيرا في تكوين وتألق جميع فئات المنتخب الوطني لكرة القدم.
كما عزز الملك محمد السادس، البنيات التحتية الرياضية في المغرب، بإنشاء مركب محمد السادس لكرة القدم بالمعمورة، الذي يشكل معلمة رياضية وطنية استثنائية، بمعايير دولية تكرس السعي للنهوض بقطاع الرياضة الوطنية، لاستضافة تحضيرات المنتخبات الوطنية والأجنبية الراغبة في إجراء معسكراتها الإعدادية بالمغرب، فضلا عن وضع المركب، رهن إشارة الشباب والرياضة، تماشيا مع إرادة الملك الراسخة في تمكين محترفي كرة القدم الوطنية، من جميع ظروف النجاح والتميز اللازمة من أجل مساعدتهم على تمثيل المغرب على أكمل وجه.
تخطيط جامعي لمواصلة الريادة الكروية إفريقيا
حققت كرة القدم المغربية، في السنوات الأخيرة نجاحا كبيرا شمل جميع الفئات العمرية للمنتخب وكذا منتخب السيدات ومنتخب كرة القدم بالقاعة، وكذا الأندية الرياضية الوطنية المنافسة في البطولات القارية، وتصبوا هذه المنتخبات إلى مواصلة السير على المنوال نفسه أمام الاستحقاقات المنتظرة.
إذ يخطط مسؤولو الجامعة، لمواصلة المنتخب الوطني الأول، وتحقيق النتائج الإيجابية، انطلاقا من مشاركته في النسخة المقبلة من «الكان»، للتويج باللقب الإفريقي، الذي طال انتظاره، فضلا عن حجز بطاقة العبور إلى «المونديال» المقبل، والمشاركة للمرة الثالثة تواليا والسابعة في تاريخ كرة القدم الوطنية، أما على مستوى المنتخب الأولمبي، فقد توج شهر يوليوز الماضي بلقب كأس إفريقيا لأقل من 23 عاما، وحجز بطاقة العبور إلى أولمبياد «باريس 2024»، بعد غياب عن البطولة العالمية لـ 11 عاما، بعد مشاركته الأخيرة في أولمبياد «لندن 2012»، فيما يستعد المنتخب الوطني لأقل من 17 عاما، للمشاركة في «مونديال» أندونيسيا، المقرر إجراؤه ما بين نونبر ودجنبر من العام الجاري، بعد أن اختتم مشاركته في كأس إفريقيا الأخيرة، في مركز الوصافة، خلف منتخب السنغال المتوج باللقب، متجاوزا كل العراقيل والإكراهات، التي واجهته حتى قبل انطلاق بطولة «الكان»، حيث حل «الأشبال» بالبلد المنظم قبل 48 ساعة فقط من موعد انطلاق البطولة الإفريقية، وسط أجواء يسودها الشك، بشأن المشاركة في «الكان» من عدمه، بسبب تعنت الجهات المسؤولة الجزائرية، بشأن توفير رحلة جوية مباشرة بين الرباط العاصمة وقسنطينة.
هذا، في الوقت الذي تفوقت فيه كرة القدم النسوية الوطنية على المستوى القاري، إذ تمكن المنتخب الوطني لكرة القدم للسيدات من التأهل لكأس العالم للسيدات 2023، كأول منتخب عربي يحقق الإنجاز، فضلا عن بلوغه دور ثمن «المونديال» في مجموعة صعبة ضمت منتخبات المانيا، كوريا الجنوبية وكولومبيا، كما احتلت «اللبؤات» مركز الوصافة في كأس إفريقيا للسيدات التي نظمها المغرب بين يونيو ويوليوز 2022، إضافة إلى تحقيق فريق الجيش الملكي للسيدات لقب دوري أبطال إفريقيا للسيدات 2022.
واستطاع المنتخب المحلي، في وقت سابق، الفوز بكأس افريقيا للمنتخبات المحلية في نسختي 2018و2020، وحقق المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة بطولة أمم أفريقيا في نسختي 2016 و2020، ثم بطولة كأس العرب في مناسبتين 2021 و2022 وبطولة كأس القارات سنة 2022، إضافة إلى بلوغه دور الربع في بطولة كأس العالم لهذه الرياضة، كما احتل منتخب الناشئين المرتبة الثانية في كأس العرب للناشئين 2022.
وعلى مستوى الأندية، هيمنت أندية الوداد الرياضي، والرجاء الرياضي ونهضة بركان على البطولات الافريقية القارية في السنوات الأخيرة، حيث فاز فريق الوداد بلقب عصبة الأبطال الإفريقية في نسختي 2017 و2022، وكأس السوبر الافريقي سنة 2018، وفاز فريق الرجاء الرياضي بلقب كأس الكونفدرالية الإفريقية سنتي 2018 و2021 وكأس السوبر الإفريقي سنة 2019، وكأس العرب للأندية الأبطال (2019-2020) التي حملت اسم «كأس محمد السادس للأندية الأبطال»، وفاز فريق نهضة بركان بكأس الكونفدرالية الإفريقية 2020 و2022 وكأس السوبر الإفريقي 2022.
والأكيد أن الجامعة، تراهن على الاحتفاظ بالإنجازات المحققة على صعيد كل فئات المنتخبات الوطنية، وتطالب بالحفاظ على المكانة التي بلغتها كرة القدم الوطنية في الساحة الدولية، على اعتبار أن كرة القدم، أضحت رافعة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وطنيا وداخل القارة الافريقية.