شوف تشوف

الرأي

أنثى الورد

«ذات يوم كان لي ألف رغبة.. لكنهم تلاشوا جميعا في رغبتي الأكبر، أن أعرفك.. أعرفك وحسب». مولانا جلال الدين الرومي
في زمن شبيه برعشة الخلق، كنت أهيم بكل الحروف التي ترسمها على جسد أنثى، قلت لي إنها عاصفة اخترقت قلبك الضليل، وكنت، من فرط يقيني بأنني أشرب من كأس وهم لذيذ، أختبئ بين السطور، بل ألتحف مجازاتك وأفترش استعاراتك وأسكن اللغة التي صارت لي الماء والمأوى.. وبالرغم من قراءتي لما بين السطر والسطر وما بين رياح البوغاز ولجة تسكب من عيني، وبين شكي ويقيني، صرت أعلم أن قطعة غالية منك بقيت هنا تتألم لأجلك.. وددت لو باستطاعتي أن أضع هذه المدينة بجبلها وبحرها وعبثها في حقيبة السفر، ثم أنتظر إشارة منك.. تمنيت لو أنك أخرجت مدينتك من كتبك ولوحاتك وكل أوراقك، وعدوت باتجاهي، دونما التفاتة إلى الخلف… قلت: هي الحياة، تشاء أن تلهو بِنَا كقطع الشطرنج…
حين استيقظت من غفوتي/ غفلتي، وجدتني أؤجل كتابة رسالة في الحب.. ووجدتني أفكر في سؤال كنت تردده باستمرار، سؤال يختلف عن باقي الأسئلة الصعبة والقلقة، سؤال فيه من العذوبة بقدر ما فيه من العذاب: «متى سنخطط للحب من جديد؟ متى سنكتب رسائل حب للتاريخ؟»
قلت لنفسي سأحتاج لقراءة كل ما كتب في الحب، حتى إنني فكرت في لحظة طيش أنني سوف أصنف ضمن شخصيات التاريخ البارزة، مثل مي زيادة أو سيمون دوبوفوار… لم أستطع ولم أجد من يضع حدا لكل هذا الهراء.. أحيانا أقول في نفسي، أهو الحب والعشق أم هذيان لحظة..؟ ترى هل أنت حقيقة أم وهم من أوهامي؟!
أجسد أنت أم خيال؟!
لم يكن فارس الوهم الجميل يدرك أنه حين يقع في حب الورد، تضيق عليه الدنيا بما رحبت، فلم يبق منها إلا الأزرق الذي يصل الماء بالسماء، وكلمات تحفر أخاديد على القلب الذي لم تلتئم جراحات أمسه.. فيجن في هدوء العابد الناسك في محراب الجمال..
كانت كلماتك تسحبني إلى لعنتي بعنف، وحروفك تلتف حول رقبتي، شريط النار، وعقد لآلئ تتراص تباعا على مهل. فأنا أنثى الشرق التي تهوى تفاصيل العشق بعيون العاشق، ولا ترى صعودا نحو الهاوية..
ما أسعد امرأة تراك كل صباح وتهديك ابتسامة الورد، ما أسعدها تلك التي تهديك عطرا ينتشي ببهاء جسدك وأنفاسك، وتقبلك حيث تشاء، وترقص لك رقصا راقيا ورقصا خليعا، وترحل معك إلى عالمك الساحر الإكزوتيك، ما أسعدها وهي تقرأ لك «قواعد العشق الأربعين» وتشرب أنخابك تباعا.
لقد أحببتك حد الجرح،  أحببتك بعمق المحيط و«كبر البحر وبعد السما».
الآن، صرت أتنفس عطر اللذة/ اللهفة /الرعشة، التي سرقت مني في الغياب. أتذكر أنني أنا الأنثى، العاصفة، الحياة، الانبعاث، المنبع، الطريق، الشعر، النغم، القمة، الدفء، السخاء بلا حدود.. وأتذكر أكثر أنك حتما كنت مجرد لحظة في هذا العبور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى