رغم الجهود التي تبذلها الحكومة لضمان استقرار أسعار أضاحي العيد في الأسواق، عبر تقديم ملايين من الدعم المباشر لمستوردي الماشية، إلّا أن هذه الأخيرة ما فتئت ترتفع يومًا بعد الآخر، حتى أصبحنا أمام أسعار مجنونة لا يتقبلها عقل.
وإذا كانت المندوبية السامية للتخطيط كشفت أن 1 بالمئة من أغنياء المغرب لا يمارسون شعيرة عيد الأضحى وأن 20.1 بالمئة من أرباب الأسر ذوي المستوى التعليمي العالي لا يؤدونها، فهذا لا يعني ترك الأسر الضعيفة تواجه جشع الشناقة والوسطاء المناسباتيين، الذين لا تهمهم المقاصد الإنسانية لهذه الشعيرة الدينية. فالأغنياء إن أحجموا عن أداء هاته السنة فلأن لديهم الإمكانيات لأكل ما لذ من اللحوم كل يوم، لكن عيد الأضحى، بالنسبة للفقراء، شعيرة دينية لكنه، أيضا، مناسبة غذائية ليست في المتناول طيلة السنة.
إن الدولة، التي أدخلت 30 مليون مغربي إلى بيوتهم خلال جائحة «كوفيد 19» ووضعت استراتيجية لدعم الفقراء وقامت بمحاربة الاحتكار، قادرة على معرفة بضعة آلاف من الشناقة والسماسرة والمستفيدين من الدعم العمومي، الذين يتلاعبون بقوت الشعب تحت حجة آليات السوق الحرة.
إن خطاب وفرة المنتج من قطيع وغلبة العرض على الطلب كما يتردد في القنوات العمومية ويتم تداوله في البرلمان، لا يوازيه إلا واقع مرير بالأسواق ونقاط بيع الأضاحي، خطاب رسمي لا يتناسب مع أسعار مجنونة تتسبب في إنهاك القدرة الشرائية للمواطنين.
والحقيقة الساطعة، التي لا يمكن تغطيتها بالغربال، أن السلطات العمومية المحلية، من منتخبين ومعينين، والتي من المفروض أن تحمي المواطنين من جشع الشناقة والسماسرة بأنواعهم، تكتفي بتدخلات مناسباتية وذات تأثير محدود، لذلك نعيش كل عام السيناريو نفسه من التبريرات السوريالية بكون العرض يفوق الطلب بينما المواطن المغلوب على أمره هو الذي يؤدي التكلفة باهظة سواء كان العام فلاحيا بامتياز أو موسما جافا .