أرقام مرعبة
أعلنت المندوبية السامية للتخطيط أن أكثر من 1,5 مليون شاب على المستوى الوطني لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين، وأن 77,2 بالمائة هم خارج سوق العمل.
بكل بساطة، هذه الأرقام التي أعلنت عنها مؤسسة رسمية هي بمثابة قنبلة اجتماعية موقوتة ومسألة استقرار اجتماعي يجب أن تؤخذ على محمل الجد، قبل أن تتنامى مشاعر الإحباط والاستياء في جيل المستقبل.
بطبيعة الحال، فإن تمدد البطالة وغياب الأمل داخل فئة الشباب ليس ظاهرة جديدة، لكنها أصبحت خلال الثلاث سنوات الأخيرة بنيوية وخطرها محتمل، خصوصا مع تراجع أثر النظام التعليمي على سوق الشغل، حيث أصبح التعليم بكل أطواره منتجا للبطالة في ظل غياب أي تصور استراتيجي يربط التعليم بالتشغيل على مستوى الممارسة وليس الخطاب.
والمقلق في الأمر أن العدد الإجمالي للعاطلين عن العمل الذي رصدته مذكرة مندوبية التخطيط مرشح للارتفاع مستقبلاً، وخاصة في الوقت الذي يشهد فيه النمو الوطني تباطؤاً جرّاء التحديات الجيوسياسية السائدة في العديد من الأقاليم والمناطق، وجرّاء تنامي حدّة النزاعات التجارية وعدم استقرار أسعار المحروقات والتقلبات المناخية وعجز السياسات العمومية.
إن الارتباط بين مشكلة بطالة مليون ونصف مليون شاب نشيط والمشكلات الاجتماعية التي تهدد التماسك الاجتماعي واضح ومنطقي ولا يحتاج إلى توضيح، فالإنسان العاطل عن العمل والدراسة والتكوين لا يستطيع أن يفي باحتياجاته الأساسية للبقاء متزنا في أسرة تحتاج بدورها لمن يعيلها. ليس هذا فحسب ولكنه يفتقد أيضا أهم مقومات الشخصية وهو الشعور بالقيمة والأهمية داخل بلده فضلا عن مشاعر الإحباط الشديد التي تتملكه، وهو ما يجعله لقمة سائغة في يد الجريمة والإرهاب والهجرة السرية.
إن السبيل الوحيد لإبطال مفعول هذه القنبلة الموقوتة ومواجهة انعكاساتها الخطيرة على المجتمع يتمثل في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية فعليا وليس على مستوى الشعارات التي سئم المغاربة منها، والقضاء على الريع والاحتكار ومظاهر الفساد المستشري في الاستثمار وقبل ذلك تحقيق الحماية الاجتماعية وضمان تكافؤ الفرص، غير ذلك سننتظر من المندوبية أرقاما أخرى أكثر قتامة وخطرا.