وخذوا حذركم
مع دخول قرار التخفيف التدريجي للحجر الصحي وتمديد حالة الطوارئ الصحية لشهر، قد يعتقد البعض أن الأمر يتعلق بنهاية هذا الكابوس الذي عشناه طيلة الثلاثة أشهر الأخيرة.
إجراءات التخفيف من الحجر كما شرحها بلاغ الداخلية والصحة ستبدأ برفع الحجر عن الجهات التي لا تعرف تسجيل حالات لكي تعود لحياتها الطبيعية، مع استمرار فرض الحجر الموضعي على الجهات والمناطق التي بها بؤر.
والحكومة لن تخترع العجلة، فهذا الإجراء هو الذي عملت به فرنسا وإسبانيا وغيرها من الدول الأوربية، بحيث تقسم البلاد إلى مناطق خضراء وأخرى حمراء.
الواقع أن الخطر ما زال قائما، والدليل على ذلك أن الحالات بدأت في التصاعد خلال الأيام الأخيرة.
الرفع التدريجي لحالة الحجر الصحي هو مسؤولية جماعية وعلينا جميعًا تحمل هذه المسؤولية الجسيمة.
نعم الدولة شيدت المستشفيات الميدانية وجهزتها بالأسرة وأجهزة التنفس تحسبًا لارتفاع محتمل في عدد الإصابات، الدولة اشترت معدات التحاليل وأنشأت وحدات لصناعة الكمامات والمعقمات، حتى أنها بدأت تصدرها، لكن إمكانياتنا تبقى رغم كل شيء غير كافية في حالة ظهور موجة ثانية من العدوى.
لذلك إذا اعتقدت أن السماح لك بالعودة للخروج إلى الفضاء العام معناه أنك ستخرج بدون كمامة أو أنك ستضعها مكان ربطة العنق أو ستعلقها في إحدى أذنيك أو تغطي بها فمك وتعفي أنفك، وأنك ستعود لممارسة عاداتك الاجتماعية القديمة من سلام وعناق وتجمعات دون فائدة، دون احترام لمسافة الأمان أو لشروط النظافة، فاعلم أنك تعرض نفسك وبلدك للخطر.
الكمامات هي للاستعمال اليومي وليست أبدية، وعليه يجب تغييرها يوميا، فإذا كنت سخيًا وأنت تشتري علبة تبغ لكي تدمر صحتك وصحة الآخرين فلا تكن شحيحا عندما يتعلق الأمر بحماية صحتك وصحة الآخرين.
المغاربة لديهم الإمكانيات لتدخين 15 مليار سيجارة في السنة، ولذلك فاقتناء علبة من 50 كمامة كل شهرين بـ40 درهما ليس شيئًا مستحيلا.
طبعا هذا الكلام موجه للناس الذين لديهم استعداد لاستيعاب خطورة الوضع، وبالتالي فهم ليسوا محتاجين لمن يجبرهم على احترام حقهم وحق غيرهم في الحياة.
لكن هناك نوعا من إخواننا المغاربة ليس لديهم أدنى وعي بخطورة الوضع وبالنسبة إليهم تدابير السلامة والتباعد والكمامة مجرد كلام يسمعونه في نشرات الأخبار ولا يعنيهم في شيء.
هنا لا بد من أن تتعامل الجهات المكلفة بإنفاذ القانون مع مخالفي هذه التعليمات مثلما تتعامل الشرطة والدرك مع مخالفي مدونة السير، بل وأكثر، لأنك عندما لا تربط حزام السلامة فأنت تهدد نفسك فقط، أما عندما تخرج بدون كمامة فأنت تهدد سلامة نفسك وتهدد معك سلامة الآخرين.
ولا تقل لي لماذا في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا الكمامة ليست إجبارية، واش حنا عندنا الإمكانيات الطبية اللي عندهم؟ حنا الله يحفظ را نفوتو 3000 حالة فالإنعاش غادي ما نصيبو فين نعسو عباد الله.
الجميع بلغ منه التعب والضجر والخوف كل مبلغ، رجال السلطة وأعوانها والطواقم الطبية ورجال الإسعاف، والمواطنون الذين ظلوا حبيسي بيوتهم طيلة كل هذه المدة في احترام تام لتدابير الحجر. الكل استنزفت قواه وجيوبه وقدرته النفسية على التحمل والصبر.
ولذلك فلا طاقة لأحد لأن نضطر إلى إعادة الفيلم من أوله مرة أخرى إذا فشلنا في احترام شروط العودة للخروج التدريجي إلى الفضاء العام وأماكن العمل.
وعليه، إذا قدر الله واعتقدت أن السماح بالخروج هو نهاية هذه القصة وأن الفيروس انتهى وتسببت أنت وغيرك ممن سيرتكبون نفس الأخطاء المتهورة في نشره بين أهلك وحيك ومكان عملك، وذهبت إلى المستشفى وقالوا لك إن جميع الأسرة محجوزة، وكنت مختنقا وبحاجة إلى التنفس وقالوا لك إن الأجهزة التي لديهم كلها مستعملة، وأنه عليك أن تعود إلى بيتك وتنتظر، فلا تلومن إلا نفسك.
خذوا حذركم واحموا أنفسكم وأهلكم وذويكم وبلدكم، فالأمر في النهاية بيدكم.