مول الفز يقفز
يقول المثل الشعبي «مول الفز يقفز». هذا حال وزارة الخارجية الجزائرية التي خرجت في بيانها ترغي وتزبد كالمهيج، وتعد وتتوعد بعد انعقاد تجمع عالمي ببلادنا للتنسيق في محاربة الإرهاب واستئصال جذوره، تخللته تصريحات ديبلوماسية داعمة للمقترح المغربي بخصوص الحكم الذاتي من لدن ديبلوماسيي هولندا وقبرص ورومانيا وصربيا، ومحذرة من استغلال الإرهاب الدولي لحركات الانفصال كما يقع مع جبهة البوليساريو التي تحولت إلى قبلة للإرهابيين.
والحقيقة التي لا ينتابها أي شك، أن كابرانات الجزائر يشعرون بعزلة دولية قاتلة أمام حيوية الديبلوماسية المغربية وكفاءة الأجهزة الأمنية التي أعطت لبلدنا موقعا استراتيجيا بين الدول، وهذه العزلة تزداد يوما بعد يوم وتتسبب في طغيان عدوانية ديبلوماسية من لدن الجارة الشرقية. فليس من السهل أن ينام حكام قصر المرادية ويستفيقوا يوميا على إيقاع هزائم ديبلوماسية متتالية واعتراف علني وعالمي بالدور الاستراتيجي لأجهزتنا الأمنية في حماية أرواح البشر من عبث الإرهاب، لذا نتفهم كيف طارت اللباقة واللياقة عن مواقف حكام الكابرانات وتحولوا إلى دولة مفعول بها تتبع الأحداث التي يصنعها المغرب ولا تصنعها.
والمثير للسخرية حقا في بيان وزارة الخارجية الجزائرية أنها تدعي انتصارها على الإرهاب دون الحاجة إلى جبهة عالمية، فهل هناك من إرهاب أفظع مما يمارسه النظام العسكري على مواطنيه منذ العشرية السوداء؟ وهل من إرهاب دولة أكثر من دعم حركة إرهابية انفصالية ومدها بالأرض والعتاد والمال للمس باستقرار ووحدة بلد يفترض أنه جار؟
لكن منتهى البلادة والاستبلاد أن تدعي الجزائر أنها ليست طرفا في هذا النزاع المفتعل الذي يعلم الجميع أنه أنتج في مصانع مخابراتها العسكرية، ثم لا تفوت أي لحظة لمهاجمة الدول والمؤتمرات والمواقف التي تبدي دعمها للمبادرة المغربية. وهذا ما يثبت بالملموس ولا يترك أي مجال للشك بخصوص تورط هذا البلد في ما آلت إليه الأمور باعتباره طرفا معنيا بالنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. وعلى هذا الأساس، لم يعد أمام حكام قصر المرادية مجال للمراوغة، من خلال الادعاء بأنهم بلد غير معني وأنهم بلد جار أو ملاحظ، فهم منذ ما يزيد عن أربعة عقود مصدر كل التوترات الإقليمية ومنبع كل الأزمات والشرور.