شوف تشوف

الرئيسية

موراتينوس: «المغرب فاعل في الجانب الأمني والمفاوضات هي باب الحل الأمثل لملف الصحراء»

حاوره: النعمان اليعلاوي
في الآونة الأخيرة طبعت أجواء من الصفاء علاقة الجوار بين المملكتين المغربية والإسبانية، كما انقشع غمام تلبدت به السماء الدبلوماسية للبلدين في مناسبات عديدة ترتبط في أغلبها بملف الصحراء المغربية، وموقف إسبانيا غير البين من الموضوع، وأيضا في مقاربة البلدين لموضوع الهجرة السرية، إذ تعتبر إسبانيا المغرب بوابة نحو الحل كما هو بوابة لانطلاق عدد من المهاجرين الأفارقة نحوها. وبعد 39 سنة من الحكم على عرش الجارة الشمالية،إسبانيا، تنازل خوان كارلوس الأول في 18 يونيو 2014 عن عرش مملكته لولده فيليبي السادس، في خطوة مفاجئة طرحت لدى متتبعي علاقات الجوار بين المغرب وإسبانيا عدة أسئلة حول مستقبل العلاقة في كنف الملك الإسباني الجديد، علما أن العلاقة التي تربط بين قصري الرباط ومدريد حسب مراقبين، أكبر من أن تتغير بتغير مواقع في الأسر الحاكمة الإسبانية، وهو ما بدا جليا في الزيارة الملكية التي قام بها الملك الإسباني خوان كارلوس للمغرب سنة قبل تنحيه عن العرش لابنه فيليبي السادس.
في هذا الحوار الحصري مع جريدة «الأخبار» يرسم ميغيل آنخيل موراتينوس، وزير الخارجية السابق في حكومة خوسيه لويس ثباتيرو منذ العام  2004، معالم كانت وما زالت ترسم حدود العلاقة الدبلوماسية بين الجارين، كما يوضح الوزير السابق مواقف بلاده من عدد من القضايا التي أصبحت تتصدر الاهتمام الدولي، على رأسها المرتبطة بتنامي الإرهاب وامتداد نفوذ الجماعات المسلحة.

  • ما تقييمك للعلاقات الدبلوماسية المغربية الإسبانية؟

العلاقات المغربية الاسبانية ثابتة وراسخة، وهي العلاقات الثنائية المتجذرة عبر التاريخ، وهي في أحسن حالاتها، ونعتبر أن العلاقة بين إسبانيا والمغرب تطورت بشكل إيجابي عبر السنوات بناء على العديد من الحوارات الثنائية السابقة والمفاوضات في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك وذلك تحت إشراف جلالة الملك محمد السادس وجلالة الملك الأب خوان كارلوس الأول وبعده الملك الحالي فيليب السادس.

  • هل يمكن القول إن التعاون المغربي الإسباني في أحسن حالاته؟

هناك انتظارات كبرى للمزيد من تطوير العلاقات بين المغرب وإسبانيا، وإجمالا يمكن القول بأننا في فترة مهمة تترجم العلاقات الثنائية التقليدية التي تطبع بلدين جارين، وفي هذا الباب يجب استثمار ما تم تحقيقه من تقدم وبناء جيد لهذه الروابط التاريخية، وشخصيا أتمنى أن تتواصل الجهود بين الجارين في القادم من السنوات ووفق المسار الإيجابي الذي سطره كل من المغرب واسبانيا تحت إشراف قائدي البلدين.

  • ماذا عن التعاون بين البلدين في مجال أمن؟

التعاون المغربي الإسباني في مجال الأمن كان دائما ومازال قائما بين البلدين، والمغرب أيضا كان ومازال فاعلا ومشاركا ومهما بالنسبة إلينا في إسبانيا في هذا الجانب، وخصوصا في ضمان أمن وحماية البلدين والحدود المشتركة، وعلى امتداد العديد من السنوات ظل المغرب فاعلا مشتركا في أمن الحدود، ونعمل بصفة مشتركة على كثير من المجالات المرتبطة بالأمن، يدا في يد، وبالأخص بعد الهجمات الإرهابية التي عاشتها مدريد سنة 2004، وإجمالا يمكن القول بأن هناك تعاونا متميزا جدا بين المغرب وإسبانيا في مجال الأمن وأمن الحدود.

  • هل الأمر يرتبط بقطاعات حساسة كالداخلية والعدل؟

بطبيعة الحال هناك تعاون مشترك في هذا الجانب بشكل رسمي بين وزارة الداخلية المغربية ونظيرتها الإسبانية، كما أن هناك أيضا تعاونا بين وزارة العدل والحريات بالمغرب ووزارة العدل الإسبانية، وأعتبر أنه مجال اشتغال مشترك إلى حد كبير بين البلدين بغرض محاربة التطرف والإرهاب، وتعزيز شراكة وتعاون حديث بين البلدين وباقي بلدان الإقليمية شمال المتوسط وجنوبه.

  • ماذا بخصوص التعاون الاقتصادي بين الجارين؟

نعم فالأمر مطروح بشكل كبير والتعاون الاقتصادي تتحدث عنه الأرقام بشكل أكبر، فالمعطيات الاقتصادية والإحصائيات الواردة في هذا المجال تعطي صورة إيجابية جدا للتعاون الاقتصادي المغربي الاسباني في جانب المبادلات التجارية وجودة العلاقات الاقتصادية، وأعتبر أن اسبانيا وفرنسا هما الشريكان الأولان تجاريا للمغرب، بطبيعة الحال هناك الكثير من العمل المشترك في هذا الجانب.

  • الموقف الإسباني من ملف الصحراء ظل غير حاسم، فإسبانيا لم تعبر بعد صراحة عن موقف صريح من النزاع، ما هي أسباب هذا اللبس في الموقف الرسمي الإسباني؟

نحن نتفهم بشكل كبير مشاعر الصداقة التي تجمعنا بالجانب المغربي ودعمنا للتفاوض البناء في هذا الملف وما يحمله المغرب من مقترحات بقيادة جلالة الملك محمد السادس وتحت التأطير والإشراف العام للأمم المتحدة، ونعتبر أن الأوضاع الإقليمية والتي تتسم بالتوتر وتنامي الارهاب تفرض المزيد من الضغط لنقول إنه الوقت الأنسب للبحث عن حل نهائي لنزاع الصحراء، وإن إسبانيا لن تدخر جهدا في التعاون مع الأطراف للبحث عن حل، هذا بالإضافة إلى البناء المغاربي والتعاون الإقليمي مع الدول الصديقة وأيضا الأمم المتحدة التي نعتبرها المشرف الأول على المفاوضات والحل السياسي. وبطبيعة الحال إسبانيا تراعي بشكل كبير حساسية الملف وأيضا ما سبق ذكره عن الجانب المرتبط بالأمن والأمن الداخلي المغربي.
وإجمالا نعتبر أن المفاوضات هي الباب الأمثل نحو حل نهائي لملف الصحراء.

  • هناك بعض الإحصائيات التي تشير إلى وجود العديد من المغاربة الذين يقاتلون في صفوف داعش والذين كانوا مهاجرين في إسبانيا، هل الأمر يرتبط بنجاح هذه التنظيمات في استقطاب مقاتلين من أوربا وتحديدا من إسبانيا؟

أنا لا أعرف أي احصائيات في هذا الجانب، ولم أقرأها، وداعش ظاهرة يجب علينا جميعا أن نحاربها، عبر جميع الوسائل لمحاربة الإرهاب، وأيضا من المدخل السياسي والدبلوماسي من أجل التوصل إلى حل للأزمات التي نجمت عنها هذه الحركات الإرهابية والتي على رأسها داعش.
وأعتبر أن حل الموضوع لا يمكن أن يتم إلا عبر مكافحة الإرهاب أولا والحل السياسي لأزمة العراق وسوريا، انطلاقا من أن هذه المنظمات الإرهابية نشأت في ذلك المناخ المتسم بالعنف.

  • ماذا عن التنسيق الأمني المغربي الإسباني في مواجهة الإرهاب؟

من وجهة نظري، لدى المغرب وإسبانيا جميع القدرات الدبلوماسية المشتركة لمواصلة التعاون في مجال محاربة الإرهاب وتبادل الأفكار والحلول لمواجهة هذه الظاهرة التي تهدد استقرار العديد من بلدان العالم، وقد جاء الوقت لتعاون كبير جدا وتنسيق مشترك بشكل أوسع بين إسبانيا والمغرب لتبادل التقارير والمعطيات حول هذه الخلايا التي تهدد أمن البلدين واستقرارهما، وأعتبر أن البلدين يمكنهما أن يكونا محركا وفاعلا رئيسيا على الصعيد الإقليمي في هذا المجال المرتبط بمحاربة الإرهاب على صعيد البحر الأبيض المتوسط وأيضا على المستوى الإفريقي، خصوصا في كون البلدين الرابط بين العلاقات الأوربية الإفريقية في عدة مجالات.

  • هل يمكن القول بأن المغرب وإسبانيا يشكلان نموذجا ناجحا للتعاون بين البلدان الجيران على مستوى قارتين مختلفتين؟

إن المغرب وإسبانيا لديهما مكانة متميزة في فضائهما الإقليمي، فالمغرب المطل على الواجهة المتوسطية والمتموقع جنوبا داخل فضاء افريقي متميز يحظى فيه بالمكانة السياسية المحترمة جدا، يمكن أن يكون واجهة للتلاقي والريادة مع بلدان أوربا عبر بوابة إسبانيا التي بدورها تتموقع في الحدود الشمالية للمغرب على واجهة المتوسط، وكل هذه العناصر الجغرافية والسياسية تعطي البلدين مكانة اقليمية ليكونا رائدي التعاون بين أوربا وإفريقيا، وتعزيز الاستقرار بين هذه البلدان، وهي الأجندة الجديدة التي يجب ترسيخها من خلال لغة جديدة وحديثة للحوار بين هذه الأطراف تنبني على الإحترام والتكامل المتبادل بين هذه البلدان بالإضافة إلى بحث الملفات الجديدة المشتركة بين الأطراف بما فيه خدمة شعوب المنطقة وتعزيز النماء والتقدم في بلدان القارتين.

  • ماذا عن خطة المغرب لإدماج المهاجرين، كيف تنظرون إليها؟

المغرب يعتبر محورا هاما في مجال الهجرة، من هذا المنطلق فالمبادرة التي أطلقها في مجال تقنين أوضاع المهاجرين السريين ومنحهم أوراق الإقامة، مبادرة أولا إنسانية مشجعة جدا، إضافة إلى كونها تشكل مقاربة إنسانية يشاد بها في مجال الهجرة، لأن الموضوع المتعلق بالهجرة السرية على الخصوص يشكل كارثة إنسانية يجب أن تحظى بالاهتمام الكبير من قبل جميع الدول.

أنخيل موراتينوس في أسطر :
من مواليد 8 يونيو 1951 في مدريد، بإسبانيا، وهو دبلوماسي وسياسي إسباني، شغل منصب وزير الخارجية في حكومة خوسيه لويس ثباتيرو منذ العام  2004، درس القانون والعلوم ألسياسية، ويثقن عدة لغات مثل اللغة الفرنسية و اللغة الإنجليزية واللغة الروسية واللغة الصربية.
في العام 1974، دخل وزارة الخارجية الإسبانية كمدير شعبة لأوروبا الشرقية، ومن 1979 إلى 1987، عمل في سفارتي إسبانيا بيوغوسلافيا ثم المغرب قبل أن يعين عام 1987 مدير عام لشمال أفريقيا.
ومن 1991 إلى 1993، كان مديرا لمعهد التعاون مع العالم العربي، ثم في العام 2007، عين رئيسا لمنظمة الأمن والتعاون في أوربا وبعدها منذ سنة 1993 إلى 1996، كان سفيرا في إسرائيل ثم، عين مندوب الاتحاد الأوربي لعملية السلام بإسرائيل في العام  1996.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى