شوف تشوف

الرأي

من كان منكم بلا خطيئة فليسخر من الطراكس‎

زينب بنموسى
يأتي رمضان فيتحول الشعب المغربي بأكمله فجأة إلى دعاة دين وأئمة مساجد، الكل ينصح الكل بما يجب فعله وما يجب تجنبه، وكيفية الصوم بالقلب، وتهذيب النفس أيضا، وعدم الإسراف في الأكل من أجل تحقيق غاية الإحساس بالفقير، حتى المتحرشون والنشالون وبائعات الهوى ومن يحترف «طريق الحرام» طوال العام يتحولون إلى علماء أجلاء يشع النور من «الفوقيات» أو الجلابيب التي يرتدوها كل رمضان، ويكتسبون دون سابق إنذار ولمدة محدودة غيرة قوية على الدين، تدفعهم إلى النهي عن المنكر والأمر بالمعروف في الشارع العام، بعدما تعودوا أن يعيثوا فيه فسادا.
جميع الشرائح الاجتماعية في المغرب ترتدي جبة الورع في رمضان، الفنانون الذين تصدح حناجرهم طوال السنة في الكباريهات يحولون «الساتليت» ناحية الأغاني الدينية والأمداح النبوية، ومن تعود غناء الشعبي في المهرجانات يرتل القرآن، أبواب الخمارات تقفل طوال الشهر، ومرتادوها يقاطعونها قبل الأربعين، فما المانع في مجتمع كهذا من أن تقدم من تمتهن الرقص في سائر الأيام، برنامجا دينيا في هذا الشهر الاستثنائي؟
لماذا نود منعها مما نستبيحه لأنفسنا؟
الشيخة الطراكس نموذج «مكبر» للتوجه الشعبي في رمضان، وتجسيد لازدواجية الكائن المغربي الذي لا يجد حرجا من فعل الشيء ونقيضه في الوقت نفسه، ابتداء من بائعي الممنوعات الذين يستطيعون بيعك أي مخدر في رمضان، باستثناء الخمر، حيث «حرام» كأن الباقي حلال، ووصولا لمن يصوم عن شهوة الفرج طوال النهار ولا يجد حرجا في أن يزني بعد الإفطار. من يهاجم «الطراكس» أو يسخر منها يفعل ذلك إما لأنها تضعه وجها لوجه أمام نفسه في المرآة، وتذكره بحقيقة نفاقه وتدينه السطحي، و«سنطيحته» التي تجعله يفتي في الدين مع أنه لا يعلم عنه شيئا غير ركن الصيام، أو لأنه يشعر بالغيرة لأنه على مدى سنوات لم يستطع أن يحقق النجاح الذي حققته «الطراكس» بلايف واحد، خلقت به «البوز» حتى لابن تيمية الذي مات منذ أكثر من 6 قرون كما قالت.
حتى تخراج العينين الذي رأيناه في فيديو «ابن تميمية»، وابتسامة الشيخة المستهزئة واستعدادها لخوض رهان مع ضيفتها، هو نفسه تخراج عينين المغاربة لي كايفهمو فكلشي، وكايفتيو في جميع المواضيع بكل ثقة في النفس، وحتى «النزوقية» ديال اقتحام ميادين بعيدة عن التخصص من أجل لقمة عيش حين يفرض السوق ذلك، طبع مغربي قح. إوا شنو؟ ما تخدمش هي فرمضان؟ واش الجمهور الذي كان يصفق لرقصها قبل رمضان غير ميوله مؤقتا، وهي ما تغيرش المحتوى مؤقتا أيضا في انتظار موسم الصيف والنشاط؟
الحاصول، من كان منكم بلا خطيئة فلا يغير جلده كل رمضان، ولم يسبق له أن أفتى في ما لا يعلم أو كابر في الخطأ فليرم الشيخة الطراكس بحجر، أو فلنصبر على بعضنا البعض في انتظار أن ينتهي هذا الشهر ويعود كل شيخ لمحرابه ونرتاحو كاملين، «عنداكم غير تبعوها لحلبة الرقص».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى