شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

معركة المجتمع الإسباني

بعد معركة ديبلوماسية ظاهرة وخفية استعلمت فيها كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، نجح المغرب في كسب موقف ديبلوماسي رسمي صادر عن الدولة الإسبانية يؤيد مبادرة المغرب للحكم الذاتي وجعله الأساس الوحيد الأكثر جدية وموضوعية لحل نزاع الصحراء المغربية. ويبدو أن هذا المكسب الديبلوماسي نزل كالصاعقة على بعض تجار الانفصال، داخل الطبقة السياسية ومؤسسات المجتمع المدني التي تستجمع قواها للتحرك ضد موقف الدولة الإسبانية بإيعاز من أموال الجزائر واستخباراتها.

صحيح أن المغرب كسب الموقف الرسمي الإسباني، وحصل على تأييد الأحزاب التقليدية الكبرى الإسبانية، وعلى رأسها الحزب الاشتراكي العمالي الذي يقود الائتلاف الحكومي، وأيضا الحزب الشعبي الذي لم يستغل موقعه في المعارضة لممارسة قدر كبير من الشعبوية للنيل من الموقف الرسمي، فهو بدوره سئم من معركة الاستنزاف التي تسببت فيها قضية الصحراء المغربية التي أفشلت الكثير من تجاربه في قيادة الحكومات الإسبانية المتعاقبة.

وإذا كانت لحظة الاعتراف الضمني الإسباني بالوحدة الترابية والدعم العلني لمبادرة الحكم الذاتي، تشكل علامة ديبلوماسية فارقة في طريق إنهاء هذا الملف المفتعل، فإنه من اللازم تحصين هذا الموقف والتحرك المكثف على مستوى مؤسسات المجتمع الإسباني حيث تنشط بعض جمعيات الانفصال التي تفضل التخفِي وراء شعارات شعبوية زائفة.

حقيقة أن جزءا كبيرا من المجتمع الإسباني يؤيد الوحدة الوطنية، وبعضهم جاهل بخبايا الصراع في الصحراء المغربية والبعض الآخر لا يهتم سوى بأوضاعه الداخلية وقضاياه المعيشية، لكن هناك جمعيات إسبانية استنزافية جعلت من ألم ومعاناة المحتجزين المغاربة بمخيمات العار بتندوف منفذا للقمة عيشها وللأسف تجد هاته الجمعيات دعما مشبوها من بقايا أحزاب يمينية متطرفة وشيوعية شعبوية تتاجر سياسيا وماليا بقضيتنا الوطنية. وبدون شك ستعمل كل ما في وسعها لتحريك وتجييش المجتمع الإسباني، لمحاولة التأثير على الموقف الرسمي سواء باستغلال المنصات الإعلامية أو المؤسسة التشريعية أو الفضاءات العمومية لتسويق خطاب المظلومية والمؤامرة.

وهنا بالضبط يكمن التحدي الجديد للديبلوماسية المغربية لا سيما الشعبية والموازية، التي ينبغي أن تتحرك بقوة وفعالية لتوجيه صفعة قاضية لمستغلي براءة المجتمع المدني الإسباني، والسؤال، هل نملك نفوذا فعالا داخل المجتمع الإسباني يتناسب مع قوة جاليتنا وجمعياتنا لإيقاف تسويق الأوهام وبيع الدخان من طرف الانفصال وأولياء نعمته؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى