مشاغل نسوانية
في يوم واحد سمعت صدفة حديث امرأتين متزوجتين تتذمران من الحياة الزوجية وتشتكيان برودة زوجيهما في الفراش. الأولى أربعينية حديثة الزواج ليس لها أولاد وتُفكر في الطلاق، جلست على كرسي في حديقة عمومية تشتكي لصديقتها تصرفات زوجها وهي تضحك وتسخر من نفسها: «البيت بيتي وزوجي يتكلف فقط بأداء فاتورة الماء والكهرباء، يأكل في مقر عمله وقليلا ما يتكفل بنفقتي..لا يبالي كثيرا بأنوثتي وبزينتي ..لا يفكر إلا في الاستحمام والاسترخاء والنوم… غادي يقتلني بالفقصة»..
«الراجل عندي عاطيها غير للتدواش والتكسال والشخير بلا فايدة».. تضحك من الغبن وهي تتذمر لصديقتها من حظها العاثر وتؤكد لها تصميمها على الطلاق في أقرب وقت.
الثانية خمسينية بشوشة متحجبة، التقيتها في صالون التجميل، جاءت بابنتها المراهقة لإزالة الشعر عن ساقيها. في انتظار انتهاء ابنتها جلست جنبي تُحدثني في البدء عن حرارة الجو ثم عن ظروف العيش قبل أن يدور الحديث عن الرجال وعن علاقتها بزوجها الذي تزوجته بعد قصة حب طويلة وخذلها حسب تعبيرها: «زوجي لطيف معي، لا ينهرني، يحب بناته، لكنه بارد «رخو» لا يشبع رغباتي .. يقضي وقته أمام التلفاز وعندما نذهب للنوم يتمنى لي ليلة سعيدة ويغطُ في نوم عميق».. وتضيف متحسرة: «زمان، كان الزوج يأخذ زوجته في جميع الأوقات، في الصباح، في الظهيرة وفي المساء، وفي كل الظروف، وهي منحنية على التصبين وهي تكنس وهي تطبخ وهي نائمة… على الرجل أن يكون رجلا يُشبع امرأته ويكد ويجتهد لتحسين ظروف عيش عائلته».
بفخر ودون خجل أو شعور بالذنب تحكي زميلة في العمل كيف تتعب زوجها لتعطيه حقه الشرعي في الجماع، لا تعاشره إلا بمزاجها وقت ما شاءت ولا تكثر في الاهتمام بأنوثتها إلا في فترات متباعدة تبعا لمزاجها الشخصي وإرضاء لرغبتها وأبدا لرغبة زوجها الذي يتعرض مرارا للإهانة والمنع لأيام وأسابيع ـ دون أن يجرأ المسكين على التذمرـ إلى حين يروق مزاج زوجته الذي غالبا ما يروق بالهدايا.
أما صديقة الطفولة المرحة العاشقة لزوجها والتي تزوجت في سن مبكرة بحبيب قلبها «الفحل بطبيعته»، فرغم غيرتها الشديدة على زوجها «الشاب الوسيم الثري» فهي لا تردد ولا تجد حرجا في وضع عوازل طبية في حقيبة سفره وهي تحثه على استعمالها في حال اضطراره لخيانتها عند خروجه ليلا لحضور عشاءات العمل الكثيرة.. عند عودته، غالبا ما يحكي لها عن عدد «المؤنسات الفاتنات» اللواتي حاولن عبثا إغواءه وهو يؤكد لزوجته وأم أولاده الشابة عدم رغبته في خيانتها واكتفاءه بحضنها وتفضيله معاشرتها. صديقتها المطلقة التي غالبا ما تتذمر من وحدتها ومن عدم وجود الرجل المناسب في حياتها، سمعتها يوما تقول دون خجل إنها تعبت من المتعة الذاتية، لكنها تُفضل ذلك على الارتماء في حضن الغرباء. أما صديقتي العفيفة، الدكتورة الجميلة العازبة، فتتحدث دائما عن الحب والشوق وعلاقتها العاطفية دون ذكر الجنس وشهواته، لشدة خجلها تكتفي بالحديث عن لمسة يد، عن عناق أو قبلة خاطفة وهي تبتسم ببراءة طفولية.. وعن الجلسة الطويلة التي استغرقت أكثر من ساعة ومنعتها من النوم ليلة كاملة وكانت سببا في انفصالها عن حبيبها الذي أراد ليلتها الغوص أكثر في ذاتها. فبعد أكثر من أربع سنوات من الحب لم ترَ فيه إلا رجلا حاول استغلالها والنيل من عفتها وسمعتها. حتى وإن كانت متزوجة ولن تتزوج إلا برجل أحبته وأحبها «حبا طاهرا»، فلا أظنها ستتذمر يوما من برودة زوجها أو من تودده المستمر لمعاشرتها.. لن تطلب غير الحب والتقدير وستلجأ لحضنه دافئا كان أم باردا.
وتلك هي العشرة الطيبة..