النعمان اليعلاوي
عرى مجلس المنافسة اختلالات قواعد المنافسة على مستوى التدبير المفوض للنقل العمومي الحضري والرابط بين المدن بواسطة الحافلات، مبرزا، في رأي له، أنه في إطار التحليل التنافسي، ومن أجل تقييم حدة المنافسة في سوق التدبير المفوض للنقل العمومي الحضري، أنجزت مصالح التحقيق تحليلا بشأن تطور حصص سوق الفاعلين النشطين في القطاع من حيث حجمها وقيمتها، حسب تقرير المجلس، الذي خلص إلى أن السوق المذكورة تتسم بنسبة عالية من التركيز، حيث تستحوذ الشركتان الأوليان «ALSA» و«City Bus» على حصة تراكمية تراوحت ما بين 80 و90 في المائة في الفترة الممتدة من 2018 إلى 2020، مع هيمنة واضحة لشركة «ALSA» التي انتقلت حصتها من 50 إلى 70 في المائة.
وكشف المجلس أن عقود التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري تفرض حواجز دخول عالية جدا، وتفرض شروطا تقنية ومالية لولوج السوق لا تحفز إلا شركات كبيرة الحجم، وتحول دون دخول فاعلين جدد، كما لا تشجع كليا على الابتكار والإبداع كمعايير للانتقاء، منبها إلى العدد الضئيل من طلبات العروض المتعلقة بعقود طويلة الأمد، والتي تبرم لمدة تتراوح ما بين 10 و15 سنة، ويجري تمديدها بشكل عام بواسطة ملحق عقد، يستفيد منه الفاعل صاحب عقد الاستغلال، بالإضافة إلى النسبة الضعيفة بشأن مشاركة الفاعلين في طلبات العروض بالحواضر الكبرى بسبب محدودية قدراتهم المالية والتقنية، فضلا عن تكلفة الاستجابة لهذه الطلبات والتي تفرض على الشركات متوسطة الحجم المشاركة في عدد محدود منها فقط، بسبب تكاليفها غير القابلة للاسترداد.
وحسب المجلس، فإن تأثيرات التجربة والعرض انصبت بدرجة كبيرة في اتجاه تعزيز موقع الشركة الرائدة في السوق. غير أنها تعد، في الوقت نفسه، بمثابة حواجز تثني دخول متنافسين جدد إلى السوق سالفة الذكر. واقترح مجلس المنافسة عدة توصيات، منها إضفاء الطابع الجهوي على الاستراتيجية الوطنية للتنقلات الحضرية الجديدة، وتخويل السلطات المفوضة مزيدا من الصلاحيات في مجال التدبير المفوض للنقل العمومي الحضري والرابط بين المدن، وتشمل التخطيط والمراقبة والتمويل.
فضلا عن ذلك اقترح المجلس وضع شبكة لتقييم محين للعروض، يرتكز على معايير موضوعية، وبدرجة كبيرة، على خطط عمل المتنافسين، بدلا من استخدام شبكة تستند أساسا إلى الأسعار المحددة، والتي لم تعد تشكل عناصر تنافسية. ومن الضروري أيضا، حسب المجلس، تغيير طبيعة عقود التدبير المفوض، عبر الانتقال من العقود القائمة على «التدفقات المالية» إلى العقود الموجهة نحو تحقيق الأهداف (جودة الخدمة ومعدل تغطية التراب وغيرها)، حيث يتم الاحتكام إلى حصيلة جودة الخدمة المقدمة كمعيار في إسناد طلب العروض. كما يجب أن تكون المعايير المتعلقة بتخطيط الأهداف في الوقت المناسب والعوامل المالية قابلة للتعديل لتحقيق الأهداف المذكورة.