القنيطرة: المهدي الجواهري
ما زال مجلس القنيطرة مستمرا في ارتكاب مجازر بيئية في حق أشجار الأكاليبتوس المحيطة بالمدينة، فبعد الاستنكار الواسع لقطع أشجار نخيل عمرها 70 عاما بدعوى تهيئة ساحة عمومية، أقدم مجلس القنيطرة على مجزرة إيكولوجية بالقرب من مقبرة سيدي البخاري على جنبات شارع محمد الخامس في حق أشجار الأكاليبتوس، التي توفر نسب عالية من الأكسجين وتمتاز بصمودها وقوة تجذرها.
الفرع الإقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، الذي دخل على خط هذه القضية، أدان بشكل مطلق ما أسماه الفعل التخريبي الذي طال أشجارا عمرت بالمنطقة لأزيد من نصف قرن دون سابق إشعار، مطالبا بفتح تحقيق عاجل مع ترتيب الجزاءات القانونية، كما المسؤولية المباشرة للمجلس الجماعي الذي رخص بقطع هذه الأشجار التي لا تشكل أي خطر على السكان أو البيئة، مستغربا من الإقدام على هذه الجريمة في حق البيئة من طرف رئيس يتحمل حقيبة وزارية من بين أهدافها الحفاظ على البيئة. وتوجست الهيئة الحقوقية من أن يكون وراء اجتثاث هذه الأشجار بتلك الطريقة الفجة، هدف ربحي من خلال بيع خشبها لاستعماله في البناء أو النجارة أو الفحم، دون الأخذ بعين الاعتبار حماية البيئة وتوازنها.
ودعا الفرع الإقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان جميع الهيئات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني المهتمة بالبيئة إلى تنظيم ورش بالمنطقة نفسها وغرس الأشجار، كتعبير رمزي على شجب ورفض اجتثاث أشجار الأكاليبتوس، مسجلا زحف الإسمنت على المساحات الخضراء بمدينة القنيطرة، في ظل غياب الحكامة البيئية، وفشل المجلس الذريع في استصلاح البيئة وتحسينها، رغم الميزانية الضخمة التي تخصص لهذا المجال.
واستحضرت الهيئة الحقوقية المواثيق الدولية المتعلقة بالبيئة كحق من حقوق الإنسان، والفصل 31 من الدستور المغربي الذي ينص على الحق في العيش في بيئة سليمة، والقانون 03.11 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة وحسن تدبيرها واعتبار تحسينها منفعة عامة ومسؤولية تتطلب المشاركة والإعلام وتحديد المسؤوليات، كما أن القانون الإطار 12.99 وهو بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، ينص على تعزيز حماية الموارد والأوساط الطبيعية والموروث الثقافي والمحافظة عليها والوقاية من التلوث والإذاية ومكافحتها.
وجدير بالذكر أن جمعيات المجتمع المدني سبق لها أن نددت بمثل هذه «الجريمة» البيئية غير المسبوقة في تاريخ المدينة، والتي تمثلت في قطع واقتلاع أشجار النخيل، الذي تزامن مع يوم عطلة في غفلة من السكان الذين وصلهم الخبر، حيث هرع بعض الفاعلين بالمجتمع المدني إلى الوقوف على هذه الفضيحة والتعرض على استمرار اجتثاث الأشجار وتصوير هذه المجزرة بالفيديو المباشر، التي كان يتابعها العديد من القنيطريين والنشطاء الذين هبوا لمساندة رئيس اتحاد الجمعيات بالقنيطرة، وطالبوا المسؤولين بالاطلاع على ترخيص قطع هذه الأشجار من طرف شركة استقدمت آلات ثقيلة لاقتلاعها وشاحنات كبيرة الحجم لنقلها في اتجاه مدينة مراكش، حسب إفادات بعض عمال الشركة للمحتجين.