متاجرة ترامب بقضية الإيغور
محمد النوباني
توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، على مرسوم بفرض عقوبات على مسؤولين صينيين، بحجة وجود انتهاكات لحقوق أقلية «الأيغور» المسلمة في الصين، هو نفاق مكشوف له بالتأكيد علاقة بوجود مخطط أمريكي لإضعاف الصين، عن طريق خلق مشاكل داخلية لها، لمنعها من استكمال مسيرة تحولها إلى الاقتصاد الأول في العالم.
فترامب بصفته عنصريا وشعبويا من الطراز الأول يكن كراهية شديدة للإسلام كدين وللمسلمين كبشر، لمجرد كونهم مسلمين، ويريد أن يصحوا من نومه على خبر فنائهم عن بكرة أبيهم، ولذلك فإن آخر ما يهمه هو وجود حقوق منتهكة للمسلمين أو التبت أو لغيرهم في الصين، لو أن هذا البلد يدور في الفلك الأمريكي، أو من محور أصدقاء أمريكا.
وحتى لا نتهم بالتجني على الرجل، فإن مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون، يشير في كتابه المثير للجدل والذي سيطرح للبيع في أمريكا في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، إلى أن ترامب كان قد طرح على الرئيس الصيني، أثناء أحد لقاءاته به، وضع أقلية الإيغور الصينية المسلمة في معسكرات اعتقال، كونهم إرهابيين ويشكلون خطرا على الصين، بسبب الخبرة القتالية التي اكتسبوها في سوريا .
وليس صدفة في هذا المجال أن توقيع ترامب على المرسوم الخاص بالإيغور، قد تزامن مع الاشتباكات الحدودية التي جرت بين الهند والصين، في المنطقة الحدودية المتنازع عليها بين البلدين في الهملايا، حيث إن ترامب تربطه برئيس الوزراء الهندي الهندوسي المتطرف (ناريندرا مودي) علاقات صداقة وتحالف استراتيجي متينة، وليس مستبعدا أنه أراد من خلاله أن يرسل رسالة تهديد إلى الصين، مفادها إما أن ترضخوا لإرادتي، وتقدموا إلي تنازلات في قضايا ومناطق أخرى، من ضمنها سوريا لتسهيل تمرير قانون قيصر، أو أن تواجهوا متاعب لا قبل لكم على تحمل نتائجها.
ومن هذه المتاعب توجيه جهاديين متأسلمين بالتعاون مع بعض الدول العربية للجهاد في الصين، كما حدث في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي السابق، مما أدى في النهاية إلى تفككه، أو إلهاء الصين في حرب مع الهند التي لقيادتها المتطرفة الحالية مصلحة في إضعاف الصين، والحلول محلها في المجال الاقتصادي .
عود على بدء فإنه لو افترصنا جدلا، بأن هناك انتهاك لحقوق أقلية الإيغور المسلمة في الصين، فإن مرسوم ترامب بخصوصهم هو كلمة حق أريد بها باطل، ولذلك فنحن مع الصين في صراعها مع إمبراطورية الشر الأمريكية، لأن انهيار وتفكك هذه الإمبراطورية هو لمصلحة البشرية بأسرها.
وليس بوسعنا أن نقول للكذاب ترامب أفضل مما قاله إمام وملهم الثورة الجزائرية «عبد الحميد بن باديس» للفرنسيين، عندما حاولوا التفاوض معه بعد اعتقاله: «لو طلبت مني فرنسا أن أقول لا إله إلا الله محمد رسول الله لما قلتها».
ونحن نقول لترامب لو أعلنت عن اعتناقك للإسلام، ونصبك بعض العرب أميرا للمؤمنين أو خليفة للمسلمين لما صدقناك.