حسن البصري
يبدو أن عصبة الشاوية دكالة لكرة القدم لا علم لها باعتماد اللغة العربية من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم، لغة رسمية. وأن القائمين عليها لا يعرفون أن أكثر من 480 مليونا من البشر يتحدثون اللغة العربية في ربوع العالم. وأن أجهزتها التأديبية لا تعير اهتماما لقرار الحكومة، بشأن إلزامية استعمال اللغة العربية والأمازيغية في جميع المراسلات والقرارات المكتوبة الموجهة إلى المؤسسات والعموم. بل إن الجاثمين على كرسي العصبة يظنون أن الفصل الخامس من الدستور مجرد فزاعة في حقول الشاوية دكالة.
في مباراة برسم البطولة الجهوية لعصبة الشاوية عبدة لكرة القدم، جمعت نجم الساحل واتحاد لولاد، قام الكاتب الإداري للفريق المستقبل بإجراءات تسجيل لاعبي ناديه في ورقة التحكيم، وحين تبين لحكم المباراة سيبوب أن الفريق المستضيف أصر على تدوين لاعبيه باللغة العربية، انتفض وهدد بعدم إجراء المباراة، إلا بعد استبدال اللغة العربية بالفرنسية، مانحا لإداري نجم الساحل مهلة قصيرة لـ«إصلاح الخطأ»، بل أصر «قاضي» المباراة على عدم إجراء المباراة، إلا إذا استبدلت العربية بالفرنسية.
ولم تنفع محاولات الكاتب الإداري في تليين موقف حكم لا علم له بدستور المملكة، ويملك حقدا دفينا على اللغة العربية، وكأنه من بقايا الاستعمار الفرنسي. نشطت المكالمات الهاتفية بين غرفة الملابس ومقر العصبة في سطات دون جدوى، وأمام صمت مندوب المباراة ومساعدي الحكم وباسم السلطة التقديرية، قرر الحكم عدم إجراء المباراة وغادر الملعب رفقة طاقمه، وسط ذهول الجمهور وغضبه، بينما انهمك أحدهم في تقبيل رأسه، أملا في التراجع عن القرار.
تبين للكاتب الإداري للفريق المستضيف، أن اللغة العربية جرم يدان صاحبه بالتوقيف والحرمان وخصم النقط وتفريق المتفرجين، خاصة بعد أن أيدت العصبة قرار الحكم وهزمت الفريق المدافع عن مضامين الدستور المغربي بالخسارة.
راسل الفريق المتضرر الجهات المعنية، متسائلا عن سر تمسك عصبة الشاوية دكالة باللغة الفرنسية دون غيرها من اللغات، فلم يجد جوابا، وحين اختار التصعيد تدخل إطفائي العصبة ووعده بطي الملف، حتى لا يأخذ أبعادا أكبر ويهيج نشطاء اللغة ويدخل الكرة في نفق آخر.
حين سئل عضو جامعي عن سر اعتماد اللغة الفرنسية دون سواها في أوراق تحكيم المباريات، قال: «إنها عادة قديمة»، بينما تجري اليوم رقمنة أوراق التحكيم ومستندات المباريات لكن بلغة موليير، في ما يشبه التغريد خارج السرب.
أذكر يوما رفض فيه ياسين بونو الحديث باللغة الفرنسية، في ندوة صحفية قبل منازلة منتخب جزر القمر، في عهد غير المأسوف عليه وحيد خاليلوزيتش، وحين ألح صحفي فرنسي الجنسية على ترجمة كلام حارس المرمى إلى الفرنسية أو الإنجليزية، رد بونو قائلا: «ليست مشكلتي أن أقوم بالترجمة، إنها مشكلتكم أنتم»، فتصببت حبات العرق من عنق الصحفي الذي غادر القاعة وهو يجر ذيول الخيبة.
أما عصبة الشاوية دكالة، فألحت على طي القضية وهمست في أذن الحكم باعتماد الروية، وذكرته بالقول المأثور: «ما خاب من استشار».
أحالني أحد الزملاء على كتاب عنوانه «اللغة العربية أصل اللغات»، لمؤلفته تحية عبد العزيز إسماعيل، أستاذة متخصصة في علم اللغات، والتي خلصت إلى أن باقي لغات العالم مجرد مشتقات من اللغة العربية، لكن لا أحد من رؤساء الفرق وإدارييها يريد الالتفات لهذا الموضوع، وكأن تعريب الكرة ومستنداتها حبل يجرها إلى الوراء، في بلد لا يقوم ولا يقعد إلا للأهداف المسجلة في مباريات الكرة.
أيها الحكام أيها المندوبون أيها الإداريون لا تسيئوا فهم مغزى «لغة الضاد»، لا تعتقدوا أن من يصر على استخدامها في المستندات الرياضية يستحق التأنيب، وكل من يستعملها يملك نية «الضد والتضاد».