قاطع لياس
زينب بنموسى
الحمد لله سنقاطع ميسي ونصلح بـ«فلوس الشعب» لي كان غاينصب علينا فيها البنية التحتية، ندمج الأساتذة المتعاقدين، نحدث مناصب شغل جديدة، نحسن الجامعات، نخلصو للعثماني دارت باش يشري الفيلا الثانية، وغايشيطلينا شي صريف نعطيوه للجماعات القروية الفقيرة تدشن بيه شي ملعب القرب لـ«ميسيات المغرب» الذين لا يملكون مدرسة، ولكننا نشجع مواهبهم، لأن الموهبة طبعا أهم.
جميع المشاكل المادية التي نعاني منها كمغاربة ستنتهي حالا، بعد أن تنجح حملة مقاطعة مباراة المنتخب الأرجنتيني ضد نظيره المنتخب المغربي التي لا يتعدى معدل ثمن تذكرتها (بين أغلى وأرخص واحدة) مائة وخمسين درهما. إنها وأخيرا القطيعة النهائية مع الفساد والنهب وأكل أموال الشعب بالباطل.
ربما سنستطيع بعدها، إن ساعفنا الحظ، أن نعيد الأموال التي بددها رئيس جهة الشرق ورئيس المجلس البلدي وحسبنا أكثر منها في التحقيق عنهم، ومحاكمتهم، تملأ صندوق التقاعد من جديد، ونسدد ديون البنك الدولي.
لأننا حطمنا بكل شجاعة أسطورة ميسي ومنعناه من سلب أموالنا.
ثم ألا يستحي هذا الميسي الذي يأخذ من البارصا كل عام خمسين مليار سنتيم صافية (دون الحديث عن مداخيله الخاصة من مشاريع وإشهارات)، أن يأخذ أموال هذا الشعب الفقير الذي يعيش بعشرين درهما في اليوم يوزعها بين صاحب المقهى وبائع الكوطيات، لعل وعسى يربح شي عشرين درهم أخرى؟
وأصلا إن الشعب المغربي الأبي بعد حملة المقاطعة الناجحة (والله ما عرفت باش) التي قادها ضد «أفريقيا»، «سنطرال» و«سيدي علي»، أصبح واعيا بحقوقه، مدركا لاحتياجاته، وهو الآن يعلم حق العلم أن الكرة أفيون الشعوب، وأن خلط الأفيون مع بعضه سيؤدي به إلى التهلكة، لذلك قرر الاكتفاء بالأفيون الطبيعي، ومقاطعة كل ما تمكن مقاطعته من أجل المقاطعة، وهذا في الحقيقة يعتبر أفضل شكل نضالي أبدعه شعب ما، نضال عدمي لا بداية له ولا نهاية، لا خسارة ولا استفادة (تمكنك رؤية هذا من خلال شركة «سنطرال» التي حاولت الاستجابة لمطالب المغاربة بصوت واحد: «آوالله لا شرينا من عندك»، فقط تسجيل مواقف للتاريخ الذي سيذكرنا في المستقبل كشعب ابتدأت حياته الحافلة بتسجيله في المقاطعة، وانتهت بتبنيه المقاطعة كأسلوب حياة.
المريح، بشأن أسلوب الحياة الجديد هذا، هو أنه، بعد سنوات من التيه والتذبذب بين المغاربة أذكى شعب في العالم، المغرب بلد التسامح، المغرب بلد الألوان، اليوم نستطيع أن نقول بيقين إننا أخيرا وجدنا هويتنا المفقودة التي كانوا يريدون طمسها: المغاربة ببساطة شعب «مقاطع» «مقطوع» و«قاطع لياس» كما نقول: أي فاقد للأمل.