طنجة: محمد أبطاش
أعلن أخيرا، عن اللجوء إلى فك الارتباط مع الشركة اللبنانية لتدبير طمر النفايات بمنطقة عين مشلاوة بطنجة، بعدما وصلت هذه الشركة إلى الباب المسدود بخصوص هذه العملية، التي ظهر أنها أكبر منها حجما حسب أكثر من مصدر جماعي، رغم أن ميزانية هذه العملية تكلف سنويا 50 مليون درهم، فما الذي جرى بالضبط ليتم وقف تدبير هذه الشركة لمركز النفايات بطنجة الأول من نوعه بجهة طنجة تطوان الحسيمة؟
الروائح الكريهة
من الأسباب التي جعلت سلطات وزارة الداخلية، توافق على فك الارتباط بالشركة اللبنانية، حسب أكثر من مصدر جماعي، هو وصول الروائح الكريهة الناتجة عن الطمر إلى قلب التجمعات السكنية، مهددة الجميع بشتى الأمراض، مع العلم أن المشروع هو في إطار البرنامج الوطني للنفايات المنزلية وخصصت له ميزانيات مهمة، والذي كان من أهدافه الأساسية إنجاز مطارح مراقبة مع تطوير عملية فرز وتدوير وتثمين ومعالجة النفايات، والعمل على إعادة تدوير النفايات المنزلية، للبحث عن إمكانية استعمالها صناعيا والاستفادة منها بدل طمرها، وكذا جعل البيئة محورها الأساسي، إلا أن هذا المعيار كان غائبا أثناء تدبير هذا المشروع.
أحواض وتربة
مصادر مطلعة على خبايا هذا المشروع، أكدت أن الشركة اللبنانية كانت تواجه مشاكل عديدة مرتبطة بموقع المطرح العمومي، الذي يوجد بدوار سكدلة التابع لجماعة المنزلة، وتأثيره الفعلي على البيئة بالمنطقة والمرتبط أساسا بعمليات الطمر أمام مواجهة انجرافات للتربة المبللة على طول السنة تقريبا، ما هدد عدد من الأحواض خلال فترات التساقطات المطرية.
ونتيجة لضعف الشركة المعنية في عملية التدبير، فإن الساكنة المجاورة اشتكت مرارا من سوء إدارة ومعالجة المخلفات من طرف هذه الشركة المدبرة لمركز الطمر والتثمين، نتج عنه انتشار الروائح الكريهة نظرا لعدم استعمال مواد تحد منها، ونتج عنه كذلك تسرب العصارة السامة إلى الأراضي المجاورة، ما تسبب في تلوث مياه الأنهار والمياه الجوفية، مع ما لذلك من خطر على الصحة العامة للساكنة المجاورة، خاصة وأن التربة التي أقيم فوقها المشروع لم تكن بالمستوى المطلوب، وبالتالي فإن السيناريوهات التي كانت متوقعة، اصطدمت بعرض الحائط.
لجنة ومعايير مغايرة
مباشرة بعد تفجر احتجاجات السكان، تم تشكيل لجنة خاصة لمعرفة الخلل، حيث كان تقرير هذه اللجنة، ضمن الوثائق المعتمد عليها لفك الارتباط بالشركة اللبنانية، حيث تبين بعد تحريات قامت بها هذه اللجنة، أن الشركة الفائزة بالصفقة والمنجزة للدراسة، تواجه مشاكل في عدد من الأحواض التي تم إنشاؤها بطرق مغايرة لتلك التي تشتغل بها في عدد من الدول، وباتت هذه الأحواض مهددة بالاختفاء في ظرف زمني لا يتعدى عام ونصف نظير أطنان من النفايات التي ينتظر أن يستقبلها المطرح الجديد من مدينة طنجة، وهو الأمر الذي ينعكس سلبا على عمليات الفرز وتدوير النفايات، وتزداد حدة هذا الأمر، خلال كل فترة عيد الأضحى، بسبب الضغط الشديد على مركز الطمر.
وتشير بعض المصادر المطلعة، إلى أن الشركة كانت مدعوة إلى تحسين خدماتها، نظير المبالغ الطائلة التي كانت تحصل عليها سنويا، لكن دون جدوى، ليتم فك الارتباط معها وتكليف شركة «أرما» المدبرة لقطاع النظافة بشوارع طنجة للقيام بهذه المهمة.
تحديات ونسخة مكررة
تشير بعض المصادر المطلعة، أن الكل لايزال يتذكر بدايات شركة النظافة «أرما» المكلفة بتدبير مرفق النظافة بمنطقة طنجة الشرقية، بعدما وجدت نفسها في وقت سابق غير قادرة على استيعاب مدينة طنجة المليونية، حيث عاشت في بداية الأمر تعثرات كادت أن تضع الجماعة أمام موقف محرج حول هذا الاختيار الذي لم يكن موفقا في البداية.
وقد توجهت الشركة، وقتها، للحصول على قروض للتخفيف من حدة هذه الأزمة التي وضعت مسألة التعاقد على المحك، حيث اقتنت 112 من الآلات ومعدات الجمع والتنظيف، و 98 من المركبات والدراجات النارية، فيما يضم فريق العمل قرابة 961 عاملا، بالإضافة إلى إلزام الشركة على أن تقوم بحملات تحسيسية واسعة لفائدة السكان تهدف إلى حث وتشجيع الجميع على النظافة. وللتغطية على النقص الحاصل، لجأت الشركة وقتها لتنظيم ما أسمته بحفل إطلاق أسطولها الجديد لكن بعد أشهر من بدايته، كمفارقة عجيبة.
المصادر المتتبعة، أكدت أن الشركة المذكورة، ضمن دفتر التحملات مع جماعة طنجة، لا تمتلك خبرة من شأنها تدبير هذا الوضع بشكل جيد، وبالتالي الخروج بالمشروع إلى بر الآمان، في ظل التحديات المطروحة وتهديد الوضعية للفرشة المائية الغنية، وفي عز مرحلة الجفاف الذي تشهده المناطق الشمالية إسوة بباقي مناطق المملكة.
أصوات بالبرلمان وصمت جماعي
بعد أن تعالت الأصوات بخصوص وضعية مركز طمر النفايات مشلاوة، وضرورة تدخل الجميع، لإيجاد حل لهذه الوضعية القائمة، فقد وصلت تداعيات الملف أخيرا، إلى قبة البرلمان، حيث وجه فريق برلماني تقريرا في الموضوع، للاستفسار عن ظروف تسرب الروائح الكريهة إلى أراضي السكان القاطنين بجوار هذا المركز، وطالب فريق برلماني عن دائرة طنجة، المصالح الوزارية المختصة، بالكشف عن حيثيات هذا الموضوع، وفتح تحقيق مستعجل نظرا لخطورة الأمر، حيث تشكو الساكنة المجاورة، من سوء إدارة ومعالجة المخلفات من طرف الشركة المدبرة لمركز الطمر والتثمين، نتج عنه انتشار الروائح الكريهة نظرا لعدم استعمال مواد تحد منها، ونتج عنه كذلك تسرب العصارة السامة إلى الأراضي المجاورة، مما قد يتسبب في تلوث منتظر لمياه الأنهار والمياه الجوفية، مع ما لذلك من خطر على الصحة العامة .
ورغم أن هذا المشروع الهام، سبق أن تم «التهليل» له من طرف جماعة طنجة، إبان فترة حزب العدالة والتنمية، إلا أنه أثناء فك الارتباط مؤخرا مع الشركة المعنية من قبل المجلس الجماعي، ورغم كل النواقص والسلبيات الناتجة عن عملية تدبير المشروع، فإن الجماعة دخلت في صمت عميق اتجاه هذا الموضوع.
وفي هذا الإطار، توجهت «الأخبار» بأسئلة للمجلس حول هذه الوضعية القائمة، لكن دون جدوى، حيث لم تتلق الجريدة أي رد كوجهة نظر القائمين على المؤسسة حول التداعيات المرتبطة بفك الارتباط مع الشركة اللبنانية وتكليف شركة «أرما» للنظافة بالتدبير المؤقت.