حسن البصري:
تعرضت لكسر حين كنت لاعبا للرجاء البيضاوي، وهذه الواقعة غيرت مجرى حياتك، ما قصة هذا الحادث؟
كلامك على صواب، بعد أن قضيت سنتين رفقة الرجاء البيضاوي، أصبحت أساسيا وكان من المستحيل أن أجلس في كرسي البدلاء، بدليل أنني حجزت مكانتي بين لاعبين من العيار الثقيل، أذكر منهم ظلمي والسوادي والصديقي والحداوي وفناني وعشا ونجمي وغيرهم من الأسماء. أذكر أنني لعبت كمدافع أوسط رفقة نجمي وكان ظلمي حينها مريضا فأقحمني المدرب حمان في هذا المركز في مباراة ضد المولودية الوجدية، وانتصرنا بخماسية على أرضية ملعب الأب جيكو. قبل وقوع الحادث بأسبوعين تقريبا حصل لي تشنج عضلي في الفخذ، منحني طبيب الفريق، الدكتور رشيد بن الخطيب، إجازة مرضية لأسبوعين تزامنت أولا مع مباراة ضد الفتح الرباطي، بعدها جاءت مباراة ضد المغرب الفاسي في فاس وقبلها بأيام قليلة وافق المدرب على ضمي للتشكيلة الرئيسية.
قبل أن يتم شفاؤك بشكل تام؟
نعم قبل أن أشفى بشكل نهائي، لقد كان الطبيب يصر على أن أبتعد عن الملعب لمدة أسبوعين على الأقل لكنني استعجلت العودة إلى الملاعب، وهذه غلطة لا تغتفر.
متى بالضبط حصل هذا الحادث؟
في 14 فبراير 1985، حين وصلنا إلى مدينة فاس توجهنا مباشرة إلى الفندق، ومن الصدف أن يجري فريق الجيش الملكي مباراة في الأمسية نفسها ضد الزمالك المصري بمركب الأمير مولاي عبد الله، تابعتها من غرفة الفندق رفقة زميلي التيجاني، تألمت للإصابة التي تعرض لها التيمومي، ولم أكن أعلم أنني سأعيش السيناريو نفسه في اليوم الموالي. كانت بوادر القلق في مستودع الملابس حيث وقع خلاف بين الصديقي ونجمي حول لون القميص الذي سنخوض به المباراة، الأول فضل الأبيض والثاني الأخضر، دخلنا المواجهة وجو الغضب يسيطر على اللاعبين.
متى حصل الاصطدام؟
في حدود الدقيقة 14 من المباراة، ففي الربع ساعة الأولى كنت حاضرا بقوة سددت ثلاث ضربات ركنية كادت أن تعطي أكلها لولا التدخل اللافت للحارس الفاسي رفاهية، ما حصل هو أنني دفعت بالكرة إلى الأمام في محاولة بناء هجومي، للأسف اندفع نحوي المدافع الفاسي لعروسي وسقط فوق ركبتي حينها شعرت بأن الكارثة حصلت فعلا، وعندما عاينها زملائي والطاقم الطبي علموا أن أربطة الركبة تمزقت بالكامل، فحملت على وجه السرعة لإحدى المصحات حيث تم لف رجلي بالجبس على أن أجري العملية الجراحية في الدار البيضاء في اليوم الموالي.
لو اتبعت نصائح الطبيب لما تعرضت لهذه الحادثة..
فعلا هذه هي غلطة العمر في مساري المهني، لأن الطبيب منحني إجازة مرضية وأنا عدت قبل أن ينتهي الأجل، لكن تبقى الحادثة قضاء وقدرا. كان الناخب الوطني يتابع تطور أدائي وكنت على وشك الانضمام للمنتخب الوطني لكن الكلمة للقدر.
كيف عشت فترة العلاج؟ وكم دام غيابك عن الميادين؟
كنت متذمرا إلى حد ما، لأنني كنت أعاتب نفسي على استعجال العودة، وقررت أن أخضع للعلاج كما يجب، حتى ولو تطلب مني الأمر الابتعاد عن الكرة. لهذا وبعد إزالة الجبس خضعت، بناء على تعليمات الطبيب، للترويض مدة ثمانية أشهر، علما أنني كنت أجمع بين الدراسة الجامعية والعلاج بعيدا عن الملاعب الرياضية.
كان انتقالي إلى أولمبيك خريبكة اضطراريا، لأن تعييني طبيبا كان في هذه المدينة، طلبت من مسؤولي الرجاء مساعدتي على الانتقال فاستجابوا لطلبي ومطلب
عدت إلى الميادين ولكن بقميص فريق آخر، أليس كذلك؟
مسيري لوصيكا التي كان يشرف على تدريبها المدرب زلاي، وكانت تضم حينها لاعبين من الطراز الرفيع على غرار حبابي وحبين ولعجاج وغيرهم من الأسماء. في عاصمة الفوسفاط لعبت مجموعة من المباريات لكن كان من الصعب علي التوفيق بين الرياضة والطب.
هل كان دخولك لعالم السياسة غلطة؟
لا يمكن اعتباره غلطة، لكنها تجربة هامة في حياتي مكنتني من التعرف على عالم آخر مختلف تماما عما عشته في ملاعب الكرة، إلا أنها أضرت بي «خرجات عليا».
من كان وراء إقحامك في عالم السياسيين؟
ذات يوم دعاني المعطي بوعبيد لزيارته في مكتبه، كان أمينا عاما لحزب الاتحاد الدستوري، وهو مسير رجاوي جمع بين القانون والرياضة والسياسة حيث تقلد مناصب هامة في هرم الدولة. تحدث معي عن رغبته في دخولي الانتخابات التي كانت على وشك التحضير، وطلب مني أن أخدم منطقتي سيدي عثمان من موقعي كسياسي، لم تكن الفكرة تراودني لكنه أصر على دخول هذه التجربة وطلب مني الذهاب للقاء مسؤول الحزب في المنطقة التي أنتمي إليها، وفعلا قابلت الحاج قويدر الذي كان يرأس جماعة سيدي عثمان وشجعني على ركوب صهوة السياسة لخدمة المنطقة، وقال لي إن الحزب في أمس الحاجة لأطر تساهم في تحقيق احتياجات الساكنة، ويمكن القول إن قويدر تبناني سياسيا.
أصبحت عضوا في مجلس الجماعة ونائبا لرئيس المجموعة الحضرية وانخرطت في السياسة بشكل تام..
قبل أن أدخل غمار الانتخابات، كنت أحضر اجتماعات الحزب في المنطقة وعلى صعيد الدار البيضاء، وبدأت أفهم خيوطها وأجالس قياداتها إلى أن جاء موعد الانتخابات حيث تم ترشيحي في الحي الذي نشأت فيه، نجحت طبعا وقضيت ثلاث ولايات كاملة في مقاطعة سيدي عثمان، وانتخبت نائبا لرئيس المجموعة الحضرية العباسي. وكنت عضوا مهما في لجنة الصحة وفي لجنة المرافق العمومية بمجلس المدينة، وساهمت بقسط وافر في دعم القطاع الصحي بالدار البيضاء.