غزة المحاصرة تحاصر كورونا
فايز أبو شمالة
يا ويل غزة لو تفشى بين أهلها فيروس كورونا، فغزة هي المكان الأكثر ازدحاما على وجه الأرض، وهي الأكثر فقرا في المنطقة، وهذا الواقع هو الذي حرك قيادة غزة كي تسيج حدودها، وتحاصر بحصارها فيروس كورونا.
لقد بادرت قيادة غزة واتخذت جملة من الإجراءات الوقائية، نوثقها بالأرقام والتواريخ، وكلها تؤكد على اليقظة المبكرة وحسن تقدير الموقف وسرعة التنفيذ، لتأتي النتائج مطمئنة، ومشجعة لقيادة غزة كي تثق أكثر بقراراتها، وسلامة إجراءاتها، والتي تمثلت في:
أولا: مع نهاية شهر يناير من هذه العام، وقبل أن تأخذ الدول العظمى خطورة فيروس كورونا على محمل المجد، شكلت غزة خلية أزمة لمواجهة فيروس كورونا.
ثانيا: بتاريخ 5 فبراير الماضي من هذا العام، تم اتخاذ قرار بإنشاء مكان للحجر الصحي، وذلك قبل تفشي الوباء بين دول العالم، وقبل ظهور أي إصابة في فلسطين.
ثالثا: بتاريخ 12 فبراير المنصرم وبعد أسبوع واحد من العمل فقط، تم إنشاء 54 غرفة عزل، مع بدء الإجراءات الوقائية على المعابر، بما في ذلك وضع الكاميرات الحرارية.
رابعا: مع بداية شهر مارس الفارط، تم إغلاق المدارس والجامعات.
خامسا: بتاريخ 12 مارس الماضي، أي بعد شهر من إنشاء غرف العزل، تم إغلاق المعابر أمام الأفراد، وتنفيذ الحجر الإلزامي بحق كل من دخل غزة حتى تاريخه.
سادسا: تزامنا مع الإجراءات الميدانية ضد كورونا، تم أخذ كل سبل حماية المواطن من الاستغلال، وارتفاع الأسعار
سابعا: تم فتح موقع إلكتروني لتسجيل أسماء المتضررين من الإغلاق، وجاري العمل على تعويضهم قدر المستطاع.
ثامنا: تجهيز عدة مدارس وفنادق ومراكز صحية، وتهيئتها لاستضافة الوافدين المقرر حجرهم.
تاسعا: بتاريخ 2 مارس المنصرم تقرر بناء 1000 وحدة للحجر الصحي، وبعد أسبوعين بتاريخ 16 مارس، أنجزت قيادة غزة البناء بشكل تام، وتم تسليمه إلى وزارة الصحة.
عاشرا: بتاريخ 23 مارس الماضي تم إغلاق المساجد والأسواق وصالات الأفراح وبيوت العزاء.
حادي عشر: بتاريخ 7 أبريل المنصرم وبعد استكمال إجراءات الوقاية والحجر، تم فتح باب التسجيل للراغبين بالعودة من مصر العربية إلى غزة.
الإجراءات السابقة للوقاية من فيروس كورونا جاءت مترافقة مع جملة من الإجراءات الميدانية التي اتخذتها وزارة الصحة في غزة، مثل تشكيل لجنة صحية مركزية، وتشكيل فريق استشاري من الخبراء وأساتذة الجامعات ومنظمة الصحة العالمية والأونروا، إضافة إلى تشكيل لجان فرعية في كل مستشفى، مع تجهيز فرق طبية ميدانية لمتابعة شأن العائدين، والأهم مما سبق؛ فقد تمت إقامة مستشفى ميداني على معبر رفح لعزل الحالات المشتبه في إصابتها، مستشفى مجهز بكل ما يلزم، وتم توفير كل ما يلزم لإجراء الفحص المخبري للفيروس.
في مقالي هذا نشرت تفاصيل الإجراءات التي اتخذتها القيادة في غزة لوقاية المجتمع من فيروس كورونا، لأمرين مهمين:
الأول: للرد على المشككين بقدرات غزة على حماية نفسها، وإدارة شؤونها.
ثانيا: للتأكيد على أن هذا الجهد الذي نجح في مواجهة كورونا كان ذاتيا، وبدعم من تجار غزة وأصحاب رؤوس الأموال الخيرين، فغزة لم تأخذ إلا مليون دولار ونيف فقط من عشرات ملايين الدولارات المقدمة للسلطة الفلسطينية، كمساعدات لمواجهة جائحة كورونا.