شوف تشوف

الرأي

عندما يغضب البريطانيون..

 

رغم أن افتتاح مباريات كأس العالم يجذب أنظار العالم إليه ويستأثر باهتمام كبريات وسائل الإعلام، إلا أن أخبار إطلاق الصواريخ والاستقبالات المفاجئة، أبت إلا أن تُذكر سكان الأرض أن هناك أحداثا أخطر من تسجيل أهداف مستقبلية ضد منتخباتهم خلال المباريات في قطر.

إذ أن زيارة ريشي سوناك، رئيس وزراء بريطانيا الجديد، المفاجئة إلى أوكرانيا، كانت مثل الهدف الذي يُسجل في لحظة لم يتوقعها أحد.

إذ أن زيارة هذا الأخير إلى “كييف” والاستقبال الاستثنائي الذي حظي به من طرف الرئيس الأوكراني، كانت غير متوقعة أبدا. وما زاد من أهمية الزيارة أنها كانت مناسبة لكي تعلن بريطانيا أنها تتعهد بدفع 50 مليون جنيه إسترليني كمساعدات دفاعية إلى أوكرانيا.

هذه الزيارة الأولى من نوعها إلى أوكرانيا من طرف رئيس الوزراء الجديد، جعلته في قلب امتحان حققي أمام البريطانيين.

إذ أن الأزمة التي تعيشها البلاد اقتصاديا في الوقت الحالي، تجعل البلاد كلها في حالة من الإحباط واليأس، وهو ما ظهر في احتجاجات النقابات والهيئات العمالية مؤخرا، مطالبين الحكومة بمراجعة قرارات تتعلق بالحد الأدنى للأجور وسياسات احتواء تداعيات انسحاب البلاد من الاتحاد الأوروبي.

هؤلاء البريطانيون الذين تعاطفوا مع الأوكرانيين بقلوبهم، لم يعجبهم أن تتضامن بلادهم مع “كييف” من جيوبهم. إذ أن التعاطف عندما يصل إلى المال، يصبح له طعم آخر.

من سنوات والبريطانيون يحتجون ضد حكوماتهم بخصوص قوانين الاستفادة من الخدمات الصحية والتغطية الاجتماعية بعد التقاعد، إلى درجة أن المتقاعدين البريطانيين يفضلون التوجه إلى مدن أوروبية أخرى، أيام وجود البلاد داخل نطاق الاتحاد الأوروبي، لكي يستفيدوا من خدمات طبية أفضل. لكن اليوم بات الوضع مختلفا، خصوصا وأن الأزمة وصلت مستويات غير مسبوقة بسبب الارتفاع المهول لأسعار السكن والطاقة.

لكن ما لم يهتم به البريطانيون أكثر، هو مضمون الوعود الرسمية التي قدمتها بريطانيا إلى أوكرانيا خلال زيارة رئيس الوزراء الأسبوع الماضي. إذ أن بريطانيا تعهدت بالإضافة إلى دفع المساعدات السخية، بتدريب القوات المسلحة الأوكرانية، وإرسال أطباء ومهندسين عسكريين خبراء إلى المنطقة لتقديم الدعم المتخصص.

وهذه الفقرة الأخيرة ليست إلا ترجمة حرفية لنص المقال الرسمي الذي تداولته الصحافة البريطانية، خصوصا قناة الـ”بي.بي.سي” التي يثق أغلب البريطانيين في تقاريرها.

هذا التدخل البريطاني في تطورات الأوضاع الأوكرانية، ذكر البريطانيين بما قام به رئيس الوزراء السابق “توني بلير” أثناء اجتياح العراق، وهو ما أقام موجة سخط كبيرة ضده عندما شكك خبراء دوليون في مصداقية التقارير التي بموجبها قررت الولايات المتحدة اجتياح العراق بذريعة توفر النظام العراقي على أسلحة نووية ومباشرته برنامجا للحصول على رؤوس نووية. واتضح في الأخير أن الأسلحة التي دخلت بريطانيا إلى البلاد لتفكيكها لا وجود لها أساسا، وأن آلاف البريطانيين الذين قُتلوا خلال الحرب، دخلوا قضية غير مفهومة، ولا تعني البريطانيين في شيء.

صحيح أن الوضع في القضية الأوكرانية مختلف وأن الأمر يتعلق بتقديم مساعدات إلى دولة تربطها ببريطانيا مصالح اقتصادية وسياسية أيضا.

المعروف أن البريطانيين من بين أكثر الشعوب التي أسست لـ”عِلم” كرة القدم، وفنون التشجيع في المدرجات. لكن يبدو أن النسخة الحالية التي تستضيفها قطر، أصبحت أمام مرمى انتقاد الصحافة البريطانية قبل حتى أن تبدأ البطولة.

إذ وجهت انتقادات كبيرة في الصحافة البريطانية، وانخرطت فيها وجوه بريطانية معروفة، تنتقد طريقة تدبير “العرب” لقوانين منع استهلاك الخمور خلال المباريات، وارتفاع أصوات الأذان في المساجد القريبة من تجمعات تدريب المنتخبات وفنادق إيواء المشجعين الأجانب. وغيرها من الانتقادات الأخرى التي تقوم على أساس عنصري لا أكثر..

ويبدو أن الأزمة الداخلية في بلاد الضباب، تبحث عن مخرج للتنفيس عن غضب المعارضين، بأي طريقة، حتى لو كانت عن طريق الكرة.

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى