«عشابة» ينصبون على مرضى السكري ويروجون موادا خطيرة
كوثر كمار
يتعرض عدد من مرضى السكري للنصب من قبل «العشابة» والدجالين، الذين يوهمونهم بقدراتهم الخارقة على علاجهم نهائيا خلال أيام معدودة.
الأعشاب أو الحجامة أو المراهم، بعض من الطرق التي تجعل المرضى يتعلقون بآمال كاذبة، ويتخلون عن أدويتهم مما يؤدي إلى إصابتهم بأمراض ومضاعفات خطيرة تعجل بوفاتهم. «الأخبار» تكشف عن خطورة بعض الأعشاب على صحة مرضى السكري.
يروج العديد من «العشابين»، عبر مواقع التواصل الاجتماعي و»اليوتوب» لأعشاب يقولون إنها تشفي مرضى السكري في غضون عشرة أيام، مما دفع بعض المرضى للتهافت من أجل استخدامها والتخلي عن الأدوية الطبية خاصة حقن الأنسولين وقد يترتب عن ذلك مضاعفات صحية خطيرة.
المحجوب مصاب بمرض السكري منذ خمس سنوات، سئم من الحمية والأدوية الطبية، فقرر أن يلجأ إلى الطب البديل معتقدا أنه قد يشفى بصفة نهائية غير أن الأمر كاد أن يفقد فيه حياته.
ويحكي المحجوب خلال حديثه مع «الأخبار»، أنه التقى ببائع متجول قدم له خليطا من الأعشاب والعسل بخمس مائة درهم، موهما إياه أنه سيشفى بشكل نهائي في غضون عشرة أيام، ويضيف أنه تخلى عن الأنسولين وداوم على أكل الأعشاب إلى أن أصيب بمضاعفات صحية أدت إلى نقله إلى المستشفى، حيث أصيب بارتفاع في نسبة السكر وارتفاع الضغط الدموي، وذلك بسبب العسل والأعشاب المجهولة.
خميرة البيرة
يتخلى عدد من مرضى السكري عن الأنسولين واعتمادهم فقط خلطات من الأعشاب بشكل عشوائي مما يزيد من تفاقم وضعهم الصحي. ومن بين المواد التي يستعملها مرضى السكري وهي خميرة البيرة، وتختلف عن خميرة الخبز المنزلية، فهي عشبة على شكل عقد، ويعتقد المرضى أنها تحتوي على معدن الكروم، والذي يزيد من حساسية الأنسولين، وبالتالي يجعل كميات هذا الهرمون المحدود عند مريض السكر وأكثر فعالية في السيطرة على مستوى السكر، كما يتوفر في الخميرة أنواع مختلفة من فيتامينات (ب)، والتي تفيد أيضاً في تمثيل السكر وتحمي الأعصاب من مضاعفاته.
الراضي في عقده الخامس يعمل «عشابا» منذ عشر سنوات، يؤكد خلال حديثه مع «الأخبار»، أن التخلي عن الأدوية الطبية قد تؤدي إلى الإصابة بمضاعفات خطيرة كذلك الأمر بالنسبة للإفراط في استعمال الأعشاب، ويضيف أن بعض المتطفلين على ميدان التداوي بالأعشاب يقودون المرضى إلى التهلكة من أجل الربح المادي والنصب عليهم وإيهامهم بأنهم يستطيعون التخلص نهائيا من مرض السكري.
ويرى الراضي أن الإكثار من تناول خميرة البيرة قد يؤدي إلى الإصابة بمرض الكساح، أو ضعف العظام، على الرغم من وجود الكالسيوم فيها، وذلك بسبب وجود عنصر الفسفور على شكل (فيتين) الذي يلغي فائدة امتصاص عنصر الكلس.
أعشاب ضارة
يستغل بعض العشابين رغبة المرضى في التخلص من مرض السكري، ويبيعونهم الأوهام عن طريق خليط من الأعشاب الضارة التي تتسبب في مضاعفات خطيرة.
فهناك من يقدم للمرضى خليطا من الأعشاب المجهولة وآخرون ينصحون المرضى بتناول كميات كالبيرة من المواد الطبيعية والتي لها خطورة على الصحة.
فهناك الشيح والصفصاف والحلبة وخليط من النباتات الهندية مثل «الأملج أو الأملا»، ومستخلص التوت، وكذا كبسولات البصل والثوم وزيت بذر الكتان.
وقد يتعرض العديد من المرضى للنصب من قبل بعض العشابين الذين يبيعون خليطا من الأعشاب ويقولون إنها مقروء عليها القرآن والترويج لعسل «الدغموس»، بأسعار تتراوح ما بين مائة وخمسين درهما إلى ثلاث مائة درهم. في حين أن العسل قد أدرج، أخيرا، لدى منظمة الصحة العالمية ضمن لائحة المأكولات الممنوعة لمريض السكري، وهذا ما اتفق عليه الأطباء ومستشارو الغذاء الصحي والتغذية، وكثيراً ما يبدأ من يكتشفون مرض السكرى لديهم بالمداواة بالعسل، بناء على توصية بعض المتطفلين على الطب البديل، ليكتشف المريض بعد وقت قليل الارتفاع المفاجئ، وغير المعقول بنسبة السكر في الدم بدلاً من أن ينخفض وتتحسن حالته.
عائشة سيدة في عقدها الرابع أصيبت حديثا بمرض السكري فلجأت إلى التداوي بالأعشاب لعلها تتخلص من المرض بشكل نهائي.
وتحكي عائشة خلال حديثها مع الجريدة أن عشابا نصحها بتناول خليط من الأعشاب المطحونة والتي قال لها إنها قادمة من الهند بالإضافة إلى عسل النحل، مؤكدا على أنه سيساعدها على العلاج. وتضيف عائشة أنها بعد مضي بضع ساعات على تناول المواد الطبيعية أغمي عليها ليتم نقلها إلى المستشفى على وجه السرعة في حالة حرجة. ثم تردف بحسرة أن نسبة السكر في الدم ارتفعت بشكل مهول بسبب العسل والأعشاب الغير معروفة لتكتشف أنها وقعت ضحية نصب واحتيال وأنه لا يوجد علاج نهائي لمرض السكري.
الزنجبيل.. خطير
يعد استخدام الزنجبيل أمرا شائعا بين مرضى السكري، غير أن العديد لا يعلمون أن الإفراط في استخدامه مضر، وقد حذر الأطباء من تناوله بشكل كبير، إذ يؤدي إلى حدوث اضطرابات هضمية مثل الإسهال والحرقة في المعدة والإمساك.
ونصحوا مرضى السكري الذين يتناولون الزنجبيل لخفض نسبة السكر في الدم، بمراقبة معدلات السكر في الدم بعد تناول الزنجبيل بكثرة، لما يسببه الزنجبيل من خفض معدلات السكر في الدم ما قد يؤثّر سلبا على صحة مريض السكري بشكل كبير. ويؤدي أيضا إلى هبوط في القلب بالنسبة لمرضى القلب ويمنع تناوله في حالات النزيف، أو مرضى السيولة، ومن يتعاطون أدوية سيولة الدم مثل الأسبرين، ويجب عدم الإكثار من تناول الزنجبيل لمرضى المرارة أو الحصوات المرارية. موضحين أن أدوية السكر « Diabetes medications» قد يتداخل الزنجبيل معها، ويؤدى إلى انخفاض مستوى الجلوكوز فى الدم، وينتج عنه خطورة شديدة لمرضى السكري، أما تفاعله مع أدوية منع تجلط الدم « Blood-thinning medications « مثل الأسبرين، قد يؤدى إلى زيادة سيولة الدم. أما بالنسبة لأدوية ارتفاع ضغط الدم « High blood pressure medications» فالزنجبيل يؤدى إلى انخفاض ضغط الدم، مما يزيد من مخاطر الانخفاض الشديد لضغط الدم، وفي مقابل ذلك كشفت، أخيرا، دراسة طبية حديثة نشرت بدورية «Complementary Therapies in Medicine» عن فوائد مثيرة لمكملات الزنجبيل، حيث ثبت دورها فى الحد من مقاومة هرمون الأنسولين، وبالتالي السيطرة على مستويات الجلوكوز بالدم، وهو ما يساهم فى علاج مرض السكري والحد من فرص الإصابة به.
وأشار التقرير، الذى نشر، أخيرا، عبر موقع «رعاية الصحة» الأمريكى، إلى أن مقاومة الأنسولين تعد من الحالات المرضية الشائعة للغاية، حيث ينتج الجسم خلالها هرمون الأنسولين، المسؤول عن تنظيم مستويات الجلوكوز، بشكل طبيعى للغاية، ولكنه يكون غير قادر على استخدامه، كما قد يصاحب هذا الاضطراب المرضى ارتفاع مستويات الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم. وكشفت النتائج أن الأشخاص الذين تناولوا 1 غرام مكملات الزنجبيل بمعدل 3 مرات يوميا حدث لهم تحسن ملحوظ فى مستويات الجلوكوز بالدم، مقارنة بالأشخاص الذين قاموا بتناول أقراص البلاسيبو – العلاج الوهمي. وتؤكد هذه النتائج أيضا دراسة أسترالية أشرف عليها باحثون من كلية الصيدلة – جامعة سيدني، ونشرت بدورية « Planta Medica»، حيث خلصت إلى أن الزنجبيل يتميز بفاعليته فى علاج مرض السكري من النوع الثاني، والسيطرة على أعراضه، غير أنها حذرت من الإفراط في تناوله.
مضاعفات صحية
يؤدي التخلي عن الأدوية وتناول الأعشاب إلى مشاكل صحية خطيرة بدءا من اعتلال شبكية العين والتي هي سبب تدهور القدرة البصرية بعد سن الخمسين ومشاكل بالكلي والإصابة بالجلطات.
وأوضح محمد خلافة، أخصائي في أمراض التغذية والغدد وداء السكري في تصريح لـ «الأخبار»،أن هناك ثلاثة أمراض مزمنة ومنتشرة في العالم خاصة بالمغرب، وهي داء السكري وأمراض الذهنيات والضغط الدموي وأمراض القلب والشرايين، مضيفا أنه في حالة عدم اتباع نصيحة الطبيب وأخذ الأدوية المناسبة قد ينتج عن ذلك مضاعفات صحية خطيرة في الدماغ والمخ كالشلل النصفي أو في العيون أو شرايين القلب والكلي. وأضاف خلافة أن الإنسان يمكن أن يصاب بمرض السكري بسبب عدم إفراز البنكرياس لمادة الأنسولين، ومن أجل علاج مرض السكري لا بد من التغذية السليمة والحركة بالإضافة إلى المراقبة والأدوية، وأكد الأخصائي في أمراض التغذية والغدد وداء السكري على أن الأعشاب لا تعالج بتاتا مرض السكري، إذ أن بعض المرضى يتناولون القرفة وحبوب أركان بالإضافة إلى أعشاب أخرى، تتسبب في ارتفاع نسبة الكوليسترول والضغط الدموي.
كما حذر محمد خلافة من تناول زريعة الكتان بالنسبة لمرضى السكري بسبب مضاعفاتها، بالإضافة إلى العسل الذي يتكون من خمسة أنواع من السكريات وهو سريع الامتصاص ويؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم.
عماد ميزاب : «مرضى السكري يتعرضون للنصب والاحتيال»
أفاد عماد ميزاب دكتور في الصيدلة، اختصاصي في التداوي بالأعشاب ورئيس مجلس المواد الطبيعية بالمغرب خلال تصريح لـ «الأخبار»، أن العديد من مرضى السكري يتعرضون للنصب والاحتيال من قبل أشخاص يوهمونهم بوجود أعشاب تعالج مرض السكري بشكل نهائي، في حين أنه لا يوجد لحد الآن علاج نهائي لهذا المرض. وأكد أن هناك أعشاب تسهم فقط في الحفاظ على توازن السكر في الدم، موضحا أن مرض السكري يحدث عندما يقع مشكل في البنكرياس، إذ أنه لا يعمل بطريقة طبيعية ولا يفرز الأنسولين بشكل طبيعي وهنا يقع ارتفاع نسبة السكر في الدم، بحسب قوله.
وكشف ميزاب أن من بين مظاهر النصب على المرضى وهي بيع عسل خاص بـ «أصحاب السكري»، في حين أنه لا يوجد عسل حر لعلاج السكري، لأنه يتكون من 20 بالمائة من الماء و80 بالمائة من السكريات، الفريكتوز وساكارون ومادة الكليكوز، مردفا أن ملعقة صغيرة من العسل الحر تؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم بنسبة 80 بالمائة، كما أن تناول الدغموس يؤدي إلى تسمم الكبد والكلي بالنسبة لمرضى السكري، خاصة وأن وضعيتهم الصحية غير عادية. وأشار الدكتور عماد إلى أن أكل الخبز أيضا يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر بسبب النشا التي تلتصق بالأنزيمات الموجودة في اللسان وتتحول إلى مادة الكلوكوز، والخطير في الأمر أنها تمر مباشرة تحت اللسان كالحقن فهي سريعة الامتصاص مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم.
وتشكل الحلبة أيضا خطرا على صحة مرضى السكري، فوفق عماد ميزاب تناول الحلبة والماء الغازي المعدني يؤديان إلى تسريع الدورة الدموية وانخفاض ضغط الدم بشكل كبير قد يؤدي إلى الغيبوبة. كما أن الإكثار منها يتسبب في مشاكل في الدماغ ويفجر الشعيرات الدماغية، بينما خميرة الشعير غير مفيدة للمرضى. وأردف الخبير ذاته، أن القرفة يقولون إنها تداوي السكر غير أنها تؤدي إلى التهاب في المعدة وترفع من درجة الحموضة في المعدة. وغير صالحة للمرضى الذين يعانون من الضغط، ولا ينصح أخذها مع الأدوية لكونها ترفع من مفعول الدواء إلى أربع مرات وقد تؤدي إلى الموت ولا يجب تناول الأعشاب إلا بعد مرور أربع ساعات على أخذ أدوية السكري.
وشدد رئيس هيئة المواد الطبيعية على أن الساكارين يحتوي على مواد سامة مثل E954 وEساكارين و E952 لاسبارطام وE 951 سيكلامات، موضحا أن الجسم يتوفر على بكتيريا نافعة تأكل كليكوز وتشغله وتوازن نسبة السكر في الدم، لكن عندما نعطيها الساكارين أو المحليات تموت البكتريا في الدم وترتفع نسبة السكر. ومن أجل التداوي بالأعشاب بشكل جيد ينصح عماد ميزاب دكتور في الصيدلة وأخصائي في التداوي بالأعشاب بشرب نصف كأس من اللبن بالنسبة للأطفال ما بين أربع سنوات إلى عشر سنوات بعد الأكل نصف ساعة من الأكل كي لا يقع حالة تخمر، بينما البالغين عليهم شرب كأس صغير خاصة مرضى السكري، لأنه غني بالبكتيريا النافعة التي تساعد على توازن السكر. أما نبتة السالمية لا ينصح بها لدى الأشخاص الذين يعانون من الضغط المرتفع، ويستحسن أخذ نصف ملعقة صغيرة في كأس كبير من الماء المغلى تترك عشر دقائق، ويمكن شربها طيلة اليوم،الزعتر الجبلي يتوفر على تركيز عالي من المواد معالجة توضع ملعقة صغيرة في الماء المغلى تقسم على النهار، كذلك أوراق الفجل الخضرة وليست النبتة يتم تقطيع خمسة أوراق، ويضاف عليها نصف لتر من الماء وتشرب في كأس صغير ثلاث مرات في اليوم بعد الأكل فهي تساهم حسب الدكتور ميزاب في انخفاض نسبة السكر في الدم، وأخيرا البسباس يؤكد على أن له فوائد كبيرة في توازن السكر. وينصح بالمشي لحوالي30 دقيقة وشرب لتر ونصف من الماء بشكل يومي مع اتباع حمية وأدوية الطبيب، خاتما حديثه بالقول: «لقد قال أحد العلماء الألمان لو خيرت بين جميع الأمراض المزمنة لاخترت السكري فهو المرض المزمن الوحيد الذي يمكن أن يتحكم فيه الإنسان».