شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

عز الخيل مرابطها

حسن البصري

يمكن أن نقبل غضب الجماهير من مدرب المنتخب المغربي. ويمكن أن نتفهم دعواتها باستبدال قطع غيار الفريق الوطني، ويمكن أيضا أن نبتلع جرعة منوم اسمه «الغاية تبرر الوسيلة»، لكن لا أحد منا يفهم سر الموجة الثانية من العداء الذي يمارسه عبد السلام وادو، العميد السابق لمنتخبنا، ضد الفريق الوطني المغربي، وإسهال الشكر والثناء الذي ينتابه مع كل مباراة لجيراننا.

نسي عبد السلام تهنئة أسود الأطلس على تأهلهم لنهائيات كأس العالم في قطر، واسترخص جهودهم في مباراة مصيرية ضد الفهود الكونغولية، لكنه ظل يواسي مدرب المنتخب الجزائري نهارا وينظم قصائد المديح للمسؤولين حين يرخي الليل ستائره، وحين بكى بلماضي خسارة منتخب بلاده بكى لبكائه وادو.

نتفهم عمق علاقة الطفولة والشباب التي جمعت عبد السلام العميد المغربي السابق وبلماضي المدرب الحالي للجزائر، ونقدر الملح والطعام الذي تقاسماه في المهجر، ولكن أن ينخرط وادو في سلك الجندية الفايسبوكية ويشرع في غارته ضد مغاربة صفقوا له وساندوه حين كان يحمل قميص الوطن، فهذا سلوك مرفوض إلى أن يثبت العكس.

لا أجد تفسيرا للتغريدات الأخيرة للاعب الدولي المغربي السابق، فقد كانت فعلا تغريدات خارج سرب المنطق أحيانا وفي حالة تسلل تارة أخرى، بل وقصفا عشوائيا بالرصاص المطاطي، حين نصب نفسه محاميا يرافع عن هزيمة في ملعب للكرة، ويقلب أوراق مباراة البليدة بحثا عن مبررات الإقصاء.

مرت تغريداته بردا وسلاما على اتحاد الكرة الجزائري، وهو الذي تحول إلى إطفائي يواجه الغضب الجماهيري الساطع بخرطوم مياه عادمة، قبل أن يجلد الحكم غاساما مئة جلدة ويتوعده بالعذاب الأليم.

من حقه أن يقول إن الجزائر في القلب، لكنه لم يحدد مكان المغرب أهو في الجيب أم في البنك، ومن حقه أن يعلن نفسه محاميا لاتحاد الكرة الجزائري، بدون أتعاب، لكن شريطة احترام أبسط بنود ميثاق الترافع، واستحضار شعار لطالما كتب على حيطان الملاعب «شجع فريقك واحترم خصمك».

يحز في القلب أن تصبح وتمسي على تغريدات وادو، التي لا تختلف عن تدوينات الصحافي الجزائري حفيظ الدراجي إلا بلغة الإفرنج التي صيغت بها وجنسية كاتبها. سيمتلكك شعور غريب وأنت تعاين كيف أضحى عميد سابق لكتيبة الأسود وكيلا حصريا للطرح الجزائري، في تعليب إعلامي مدروس وتلميع أكبر لكل من يتمسح على عتبات الطاعة، حتى حسبناه من سلالة الشعراء المخصيين.

ولكي لا نظلم وادو، وندينه بتسميم العلاقات المغربية الجزائرية، ونحمله وزر قطع أنبوب الوئام الرياضي وإغلاق الحدود البرية، لا بأس من الإشارة لفئة من المغتربين وجدوا في منصات التواصل الاجتماعي مأواهم، فتكالبوا على وطنهم تحت مسمى «تبرئة الذمة»، وحول مائدة اللئام تجمعوا وشرعوا في أكل الغلة وسب الملة ثم ابتلعوا مشروبا غازيا يعجل بالهضم.

كثير ممن غيروا معطفهم حين اعتزلوا الرياضة أو اعتزلتهم، كانوا يتوعدون بضرب خصوم الوطن بيد حديد، وعند الاعتزال اختاروا ضرب أركان الوطن بنفس اليد.

من يبني بيتا على ناصية مواقع التواصل الاجتماعي ويحوله إلى دكان لبيع أقراص الضغينة، سيكون مآله يوما إغلاق بالشمع الأحمر، وعبارة «مغلق بسبب بضاعة منتهية الصلاحية».

الوطن ليس مجرد غرفة فوق السطوح تؤويك في فقرك ومحنتك، وتتبرأ منها لمجرد الحصول على شقة في مشروع سكني جديد.

لهؤلاء الذين يعشقون العيش في بحبوحة الوطن، استقيلوا من مليشيات تعادي وطنكم، اكتبوا ملتمس استعطاف واسترحام وأرفقوه بشهادة التطعيم ضد الجحود، تناولوا هذه النصيحة كلما انتابكم داء نقص المناعة الوطنية المكتسبة، مع دعواتنا لكم بالشفاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى