شوف تشوف

الرئيسيةخاص

عالم صيني بارز: «الخطأ الكبير في أمريكا وأوروبا هو عدم ارتداء الناس للكمامات»

جورج غاو توقع الحصول على نتائج تجارب سريرية لدواء واعد في غضون الشهر الجاري

أجرى المقابلة: جون كوهين ترجمة: أميمة سليم
يجيب جورج غاو، المدير العام للمركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، على أسئلة الصحفي جون كوهين، الذي استمر في إقناعه لشهرين. في هذه المقابلة التي نشرتها المجلة الأمريكية «ساينس»، يتحدث على وجه الخصوص كيف احتوت الصين الأزمة الصحية.

مدير المركز الصيني لمكافحة الأمراض يكشف كل ما تجب معرفته للحماية من فيروس «كورونا»
العلماء الصينيون، في طليعة مكافحي جائحة فيروس «كورونا» 2019 (كوفيد-19) في بلادهم، حيث إنه من الصعب جدا الوصول إليهم من قبل وسائل الإعلام الأجنبية. إن فهم هذا الوباء ومكافحته مهمة شاقة، والاستجابة لطلبات الصحافة، وخاصة الصحافة خارج الصين، لا تعد أولوية. حاولت مجلة «ساينس» استجواب جورج غاو، المدير العام للمركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها منذ شهرين. وفي الأسبوع الماضي، استجاب غاو للطلب (في منتصف مارس).
يرأس جورج غاو وكالة يشتغل بها 2000 موظف (ويحتل هذا المركز المرتبة الخامسة من بين مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها من حيث العدد)، ولا يزال بدوره باحثا نشطا في مجاله. في يناير، كان فريقه أول من قام بعزل وتسلسل SARS-CoV-2، أو فيروس «كورونا» 2، من المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة، والتي تسبب المرض المسمى كوفيد-19، شارك في تأليف دراستين نشرتا في مجلة «نيو اينجلاند جورنال أوف ميديسين» المرموقة، وكان لهذه الدراسات بالغ الأثر: وللمرة الأولى، قدموا الجوانب الوبائية والسريرية التفصيلية للعدوى. كما نشر غاو ثلاث مقالات عن كوفيد-19 نشرت في المجلة العلمية الطبية البريطانية «ذا لانسيت».
قدم فريقه أيضا مساهمة قيمة في بعثة مشتركة تتكون من باحثين صينيين ودوليين قاموا، برعاية منظمة الصحة العالمية، بنشر تقرير «حاسم» بعد أن قاموا بجولة في الصين لتحسين فهم الاستجابة للوباء.
بعد الدراسات البيطرية، حصل جورج غاو على درجة الدكتوراه في الكيمياء الحيوية في أكسفورد وتخصص في علم المناعة والفيروسات كباحث ما بعد الدكتوراه في هذه الجامعة البريطانية ثم في جامعة هارفارد. تركز أبحاثه على الفيروسات المغلفة (محاطة بغشاء دهني وقائي هش)، والذي ينتمي إليها SARS-CoV-2، وآلياتها في دخول الخلايا والانتقال بين الأنواع.
أجاب جورج غاو على أسئلتنا على مدار عدة أيام وبوسائل مختلفة (الرسائل النصية القصيرة وكذلك الرسائل والمحادثات الهاتفية). المقابلة التالية عبارة عن ملخص تم التصرف فيه بغية الوضوح والإيجاز.

  1. ما الذي يمكن أن تتعلمه الدول الأخرى من احتواء الصين لكوفيد-19؟
    إن التباعد الاجتماعي هي الاستراتيجية الأساسية في السيطرة على جميع الأمراض المعدية، بل وأكثر من ذلك التهابات الجهاز التنفسي. أولا، قمنا بتوظيف «استراتيجيات غير دوائية»، بحيث لم نتوفر على مثبطات أو أدوية أو لقاحات محددة. ثانيا، يجب علينا أن نضمن عزل جميع المرضى. ثالثا، وضع الحالات المشتبه في إصاباتها بعد اتصال مع المريض في الحجر الصحي: لقد أمضينا الكثير من الوقت في تشخيصها وعزلها. رابعا، حظر كل التجمعات. وخامسا، تقييد الحركة، ومن ثم فرض الحجر الصحي.
  2. بدأ الحجر الصحي في الصين في 23 يناير في ووهان، ثم امتد إلى المدن المجاورة في مقاطعة هوبي، في حين نفذت مقاطعات صينية أخرى تدابير أقل صرامة. كيف تم تنسيق هذه الترتيبات، وما هو الدور الذي لعبه «المراقبون» المسؤولون عن مراقبة تطبيقها محليا؟
    قبل كل شيء، يجب فهم التدابير وأن يتم التوافق بشأنها، وهذا يتطلب إرادة سياسية قوية محليا ووطنيا. يجب على المراقبين والمنسقين إشراك السكان بشكل وثيق. كما يجب على المراقبين أن يعرفوا هوية الحالات التي كانت على اتصال بالمريض، وكذلك الحالات المشتبه في إصابتها. يجب أن يكون مراقبو القرب متيقظين جدا، حيث يضطلعون بدور أساسي.
  3. ما هي الأخطاء التي ترتكبها دول أخرى اليوم؟
    من وجهة نظري، يكمن الخطأ الكبير في الولايات المتحدة وأوروبا في عدم ارتداء الناس للكمامات. ينتشر هذا الفيروس عن طريق رذاذ الجهاز التنفسي، من شخص لآخر. يلعب الرذاذ دورا مهما في الإصابة ما يجعل ارتداء الكمامة أمرا ضروريا، من هذا المنطلق – فإنه بمجرد التحدث يمكن للفيروس أن ينتقل. لا تظهر أعراض الإصابة بالفيروس لدى العديد من الأفراد المصابين، أو لم تظهر بعد: باستخدام الكمامة، يمكنك منع الرذاذ التي يحمل الفيروس من الانتقال وإصابة الآخرين.
  4. هناك تدابير أخرى لمكافحة الوباء، بالتالي استخدمت الصين موازين الحرارة بشكل مكثف عند مدخل المتاجر والمباني ومحطات النقل العام.
    في الواقع، أينما ذهبت في الصين توجد موازين الحرارة. يمنع قياس درجة الحرارة المعمم من دخول أي شخص يعاني من الحمى، لأن استقرار هذا الفيروس في البيئة هو سؤال رئيسي، ولا يزال دون إجابة حتى الآن، كونه فيروس مغلف، نميل إلى الاعتقاد بأنه هش ويتأثر تحديدا بدرجة الحرارة أو رطوبة الأسطح. ومع ذلك، تشير النتائج التي وصلت إليها الولايات المتحدة الأمريكية والدراسات الصينية إلى أنه من الصعب جدا تدمير الفيروس على أسطح معينة، بحيث يملك القدرة على العيش في العديد من البيئات. ما زلنا في انتظار إجابات علمية حول هذه النقطة.
  5. في ووهان، تم وضع الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالمرض ولكنهم لم يتأثروا به في الحجر الصحي في مرافق مخصصة، مع حظر تلقي زيارات من أقاربهم. هل هذا نهج يجب أن تحذو حذوه البلدان الأخرى؟
    يجب عزل المصابين. لا يمكن الحد من انتشار كوفيد-19 إلا إذا تمت إزالة مصادر العدوى. لهذا السبب قمنا ببناء المستشفيات الميدانية وتحويل الملاعب إلى مستشفيات.
  6. تبقى العديد من الأسئلة مطروحة حول ظهور المرض في الصين. أبلغ باحثون صينيون عن تشخيص أول حالة في فاتح دجنبر 2019. ماذا تقولون بشأن التحقيق الذي نشرته يومية «ساوث تشاينا مورنينج بوست» الذي يعتبر، استنادا إلى تقرير داخلي للدولة الصينية، أنه تم الإعلان مسبقا عن بعض الحالات في نونبر، مع ظهور أول حالة في 17 نونبر؟
    لا يوجد دليل قاطع على وجود بؤر انتشار المرض منذ شهر نونبر. لا يزال البحث متواصلا من أجل فهم أصول المرض بشكل أفضل.
  7. ربط مسؤولو الصحة في ووهان العديد من الحالات بسوق هوانان لفواكه البحر، والذي أغلق في فاتح يناير. وبنيت فرضيتهم على أساس أن الفيروس انتقل إلى البشر عن طريق حيوان تم بيعه بالكامل أو على شكل قطع في هذا السوق. لكن في مقالتكم التي نشرت في «نيو اينجلاند جورنال أوف ميديسين»، حيث وضعتم تاريخا للمرض، تؤكدون فيها أن أربعة من أول خمسة مرضى شخصت إصابتهم بالفيروس لم يكن لديهم صلة بسوق هوانان. هل تعتبرون هذا السوق مهدا محتملا للمرض، طريقا مسدودا، أو وسيلة للتضخيم أكثر من كونه بؤرة الانتشار الأولى للمرض؟
    إنه سؤال جيد. في البداية، ساد الاعتقاد بأن هذا السوق هو مصدر المرض. اليوم، لا أعرف ما إذا كان هذا هو المكان الذي ظهر فيه الفيروس لأول مرة أم هو مكان فقط عرف انتشارا له. هناك فرضيتان، يبقى للعلم كلمة الفصل.
  8. وجهت للصين انتقادات بسبب تأخيرها في مشاركة جينوم الفيروس. وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» أعلنت عن وجود فيروس «كورونا» جديد في 8 يناير. لم تأت المعلومات من فرق البحث من الدولة الصينية. لماذا؟
    لقد كانت صحيفة «وول ستريت جورنال» على حق. وقد تم إبلاغ منظمة الصحة العالمية بالتسلسل، وأعتقد أنه مضت بضع ساعات فقط بين نشر المقال والإعلان الرسمي. ليس أكثر من يوم على كل حال.
  9. ومع ذلك، يمكننا أن نرى في قاعدة بيانات الجينومات الفيروسية ذات الولوج المجاني، أن التسلسل الأول الذي اقترحه العلماء الصينيون يعود تاريخه إلى 5 يناير الماضي. لقد مرت ثلاثة أيام منذ أن عرفتم حتما أن الأمر يتعلق بفيروس «كورونا» جديد. لن يغير ذلك مسار الوباء اليوم، ولكن يجب الاعتراف بأن هناك خلل ما في الإعلان عن التسلسل.
    لا أعتقد ذلك. لقد سارعنا بمشاركة المعلومات مع الأوساط العلمية، ولكن هذه مشكلة تتعلق بالصحة العامة، لذلك كان يجب أن ننتظر إعلان الحكومة. لا أحد يرغب في خلق الذعر، أليس كذلك؟ كما كان من المستحيل أن يتوقع أي شخص، أينما كان، أن يسبب هذا الفيروس جائحة. إنها أول جائحة في التاريخ لا يسببها فيروس الإنفلونزا.
    انتظرنا حتى 20 يناير لكي تعلن الفرق الصينية رسميا عن امتلاكها أدلة تثبت انتقال العدوى من شخص لآخر. لماذا، في نظركم، واجه علماء الأوبئة في الصين صعوبة إلى هذا الحد في معرفة ما يحدث؟
    لم نكن نملك آنذاك بيانات وبائية مفصلة. وقد واجهنا منذ البداية فيروسا عنيفا ومخادعا. نفس الشيء في إيطاليا وباقي دول أوروبا والولايات المتحدة، في البداية اعتقد العلماء «بأنه مجرد فيروس»، كعامة الناس.
  10. أصبح الانتشار الآن بطيئا للغاية في الصين، حيث إن الحالات الجديدة في الغالب، تأتي من الخارج. هل تؤكدون ذلك؟
    تماما. في الوقت الحالي، لم يعد هناك انتقال محلي، ولكن مشكلتنا تأتي الآن من الحالات القادمة من الخارج. يصل الآن عدد كبير من المصابين إلى الصين.
  11. ماذا سيحدث عندما تأخذ الحياة الطبيعية مجراها في الصين؟ هل تعتقدون أن جزءا كافيا من السكان قد أصيب بالعدوى، بحيث يمكن أن تبعد المناعة الجماعية الفيروس؟
    لم يتم الوصول إلى الحصانة الجماعية بعد، وهذا أمر مؤكد. لكننا ننتظر نتائج أكثر إقناعا من أبحاث الأجسام المضادة، والتي ستخبرنا بالتحديد عن عدد الأشخاص المصابين.
  12. ما هي الاستراتيجية إذن؟ ربح الوقت في انتظار تطوير علاجات فعالة؟
    بالضبط، ويعمل علماؤنا على تطوير كل من اللقاح والأدوية.
  13. يعتقد العديد من الباحثين أن «ريمديسيفير» (دواء جديد مضاد للفيروسات) هو الدواء الواعد من بين الأدوية قيد التطوير. متى تتوقعون الحصول على نتائج التجارب السريرية في الصين؟
    في شهر أبريل.
  14. هل أعدت الفرق الصينية نماذج حيوانية قوية بما يكفي لدراسة الإمراض واختبار الأدوية واللقاحات؟
    في الوقت الحالي، نستخدم كلا من القرود والفئران المعدلة وراثيا مع مستقبلات ACE2، وهي نقاط دخول الفيروس عند البشر. الفأر هو النموذج الأكثر استخداما في الصين في تقييم العلاجات الدوائية واللقاحات المرشحة، وأعتقد أنه سوف يتم نشر دراستين على القرود قريبا. يسعدني أن أخبرك أن نموذجنا على القرود جاهز.
  15. ما رأيكم في اسم «الفيروس الصيني»، الذي استخدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للدلالة على فيروس «كورونا» الجديد؟
    إن الحديث عن «الفيروس الصيني» فكرة سيئة حقا. يأتي هذا الفيروس من كوكب الأرض. إنه ليس عدوا لأي فرد أو بلد بعينه: إنه عدونا جميعا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى