حسن البصري
خرجت شركة التنشيط الرياضي والثقافي من الباب الخلفي للملعب دون محاسبة، وحده القضاء المغربي انتبه إلى الأمر، وأحالها على الفرقة الوطنية قصد التحقيق في اختلالات حولت الملعب من لم يكن الرجاويون والوداديون يعتقدون أن نضال جماهيرهم وحراكهم من أجل القطع مع تدبير «كازا إيفنت» للمركب الرياضي محمد الخامس، سينتهي بإغلاق الملعب وتسريح الجمهور وطرد فريقي المدينة من معقلهما التاريخي.
فضاء للفرجة إلى فضاء للنكبة.
شرع مستخدمو وأطر شركة التنمية المحلية في جمع أشلائهم استعدادا للرحيل، بعضهم يردد في قرارة نفسه رائعة فيروز وهو يتوعد «سنرجع يوما إلى بيتنا»، وبعضهم يضرب كفا بكف ويقول: «يا ليت «الديربي» يعود يوما».
أما الشركة الجديدة التي ستدبر مستقبلا هذا المزار الذي تنفلت فيه مشاعر البيضاويين، فقد انخرط مستخدموها وأطرها في عملية إحماء، استعدادا لتعويض هيئة غادرت دون وداع.
فازت الشركة المغادرة بـ22 مليار سنتيم، من أجل تأهيل الملعب، وبعد طول إغلاق تبين أن التأهيل لا وجود له إلا في تصفيات منافسات الكأس، وحين لجأ المجلس الجهوي للحسابات إلى تقنية «الفار»، وقف على اختلالات بالجملة وتأكد له قيام إحدى شركات التنمية المحلية بتوظيف مساهمات مالية عمومية، خصصت لإصلاح مركب محمد الخامس، لدى هيئات التوظيف المالي، دون ترخيص مسبق من مجلس إدارة الشركة ودون موافقة الشركاء العموميين.
ولأن السخاوة أصبحت مرادفا لمركب رياضي يبيض ذهبا، فقد تقرر ضخ «زرورة» قدرها 25 مليار سنتيم فقط من ميزانية وزارة الرياضة، في حساب الشركة الجديدة «سونارجيس»، مع عبارات التهنئة ومتمنيات بطول العمر. كما اشترطت الشركة على الجماعة وضع عدد من موظفيها ومستخدميها رهن إشارتها، على أن تتكفل الجماعة برواتبهم في سياق «الحبة والبارود من دار القايد»، حتى يصبح المركب الرياضي في حلة جديدة تمكنه من احتضان كأس أمم إفريقيا 2025، إذا كان لنا فيها نصيب.
ما هو محل الوداد والرجاء من الإعراب في هذا النقاش الذي يشغل بال البيضاويين؟
هل أصبح مركب محمد الخامس شأن السياسيين وليس الرياضيين؟
لماذا أريد للجماهير التي تنعش ميزانية الشركة والنادي، أن تظل خارج سياق نقاش المنتخبين؟
هل سيعيش قطبا الكرة في الدار البيضاء حالة يتم مبين، حين يغلق الملعب لإصلاح ما سقط من مشروع التأهيل والإصلاح.
عفوا، لجنة الرياضة والثقافة والشؤون الاجتماعية، وجدت الحل وبشرت به الجماهير.. سيستقبل الوداد والرجاء ضيوفهما في ملعب العربي الزاولي.
قيل للرئيس: عفوا سيدي، الملعب ضيق ولا يسع لآلاف الجماهير الحمراء والخضراء.
بعد الحوقلة قال: التيساع في الخاطر.
هناك تقرير أسود عن ملعب العربي الزاولي، يجعل احتضان مباريات قطبي الكرة في المدينة، مغامرة غير محمودة العواقب.
أنجز التقرير من طرف لجنة مختلطة شكلتها عمالة عين السبع الحي المحمدي، خلصت إلى أن الملعب غير صالح لاستقبال مباريات وطنية ودولية، بسبب وجوده بالقرب من خطوط التوتر العالي للكهرباء، وبمحاذاة خط الترامواي وخط السكة الحديدية، وأنه يشكل بؤرة توتر حقيقية.
لكن سقط من التقرير، الوضع الاجتماعي لعائلة «العربي الزاولي» والتي ما زالت مهددة بالإفراغ من سكن وظيفي في ملعب «الطاس».
أين سيجري الوداد والرجاء مبارياتهما؟ هل سيعيشان حالة اغتراب أخرى في مدن ترفض استقبال جماهير الدار البيضاء؟
الفريقان يطلبان «ضيف الله»، لأنهما مهددان بأزمة إيواء حادة، مع ما يترتب عنها من فقر حاد في المداخيل، وحالة يتم لناديين قيل إنهما يروجان صورة المدينة الكبرى.
قبل ثلاث سنوات عاش الرشاد البرنوصي التشرد، بعد أن قررت جماعة الدار البيضاء مسح ملعبه من الخريطة، فانتهى به المطاف في دوري المظاليم، وعلى أطلاله غنى الندامى «كان صرحا من خيال فهوى».