حسن البصري
كان الناخب الوطني وليد الركراكي صريحا كعادته وهو يعلن، أمام الصحافيين، عن استيائه من المستوى المتدني الذي ظهر به لاعبو الفريق الوطني أمام منتخب الرأس الأخضر. لقد نجا منتخبنا من «نطحة» من رأس أخضر مصنف في خانة المنتخبات المغمورة.
قال وليد بنبرة غاضبة: «مباراة الرأس الأخضر إنذار لنا كي نعرف ماذا ينتظرنا، هذه فرصة مهمة لنعمل على ترتيب الأوراق. صحيح أننا نسعى لمنح الفرصة لبعض اللاعبين لكن المستوى العام لم يكن مرضيا، نعتذر من الجماهير ونعدها بالأفضل».
في مستودع الملابس، صب وليد غضبه على اللاعبين، قال لهم: «رجاء لا تخذلوا الجماهير التي تضع صوركم في بيوتها وهواتفها وتهتف باسمكم منذ ساعات، بادلوهم الحب بالانتصار».
عادة ما يستصغر اللاعب المغربي الفرق المغمورة فلا يستعد لها بما يكفي، وغالبا ما يعتبرها مباراة تدريبية، لهذا كانت أشد هزائمنا من منتخبات في أسفل التصنيف العالمي.
ذكرتني مباراة الرأس الأخضر بمباراة حضرتها في جنوب إفريقيا سنة 2013، جمعت المنتخب المغربي بالرأس الأخضر، تقاسمنا نحن الصحافيون مقر الإقامة مع ثلة من صحافيي «القرش الأزرق»، وهذا هو اللقب الذي كان يطلق على منتخب يعيش في فضاء عنوانه الأكبر هو البحر، ولأن القرش يتعايش مع سكان هذا البلد، فإن الاتحاد المحلي اختار لنفسه لقب القرش الأزرق باعتباره أشد أنواع القرش فتكا، أملا في أن يمتلك لاعبوه جزءا من هذه الصفة.
في مدينة دوربان بجنوب إفريقيا، لاحظنا نحن معشر الصحافيين المغاربة، أن لاعبي منتخب الرأس الأخضر هم الذين يزورون كل صباح صحافيي بلدهم، فنلتقي بهم في بهو الفندق منهمكين في تقديم التصريحات دون تعقيد، فيما كنا نتنقل إلى فندق المنتخب الوطني لاستقصاء الأخبار بعد اجتياز مسطرة معقدة تبدأ بموافقة المسؤولة عن الإعلام وتنتهي بموافقة اللاعب أو المدرب.
تعادل منتخبنا بشق الأنفس مع منتخب الرأس الأخضر في جنوب إفريقيا، وكانت بداية سقوط منتخب كان وليد، المدرب الحالي للفريق الوطني، مساعدا للمدرب الرئيسي رشيد الطاوسي. في اليوم الموالي، أجمعت الصحافة المغربية على نجاتنا من «نطحة» الرأس الأخضر، وقال المدرب الطاوسي في الندوة الصحافية ما قاله بالأمس وليد: «كفى من الاستخفاف بالمنتخبات المغمورة».
حين تجرعنا طعم تعادل بنكهة الهزيمة، في ملعب آخر يحمل اسم مناضل إفريقي يدعى موزيس مابيدا، عشنا نكبة جديدة مع منتخبنا الذي عجز عن تجاوز فريق مغمور، حينها طالبنا بإيداع بعض لاعبي هذا المنتخب زنزانة مانديلا إلى أجل غير مسمى.
حين يتحول اللاعب المغربي من لاعب مغمور إلى لاعب تحفه هواتف وميكروفونات أشخاص يتعاطون الصحافة الرياضية، يعتقد أن النجومية تمنع جاذبية الأرض من التحكم فيه، فيصنف في خانة «كل مختال فخور».
في حفل توزيع جوائز نهائي كأس عصبة الأبطال الإفريقية، نبه فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لاعب الوداد الداودي إلى سوء تصرفه، وقدم له درسا سريعا في أخلاقيات المصافحة. قال له: «حين تصافح شخصا انظر في وجهه ولا تعرض وجهك عنه». أفحم رئيس الجامعة اللاعب الذي بحث عن مبرر للخروج من ورطته، وقال في «سطوري» إن الرئيس أمره برفع رأسه.
كثير من نجوم الكرة المغربية يعتقدون أن النجومية تقاس بعدد «السطوريات» وبعدد «اللايكات»، وبعدد الميكروفونات التي تحفهم قبل وبعد كل مباراة. هؤلاء يسكنهم داء تضخم الأنا، وحين يقدم الجمهور فيضا من الدعم يتحول المشجع إلى ناطق رسمي بمعاناته النرجسية الخاصة به، ويسقط اضطرابه النرجسي على هذا اللاعب، وفي كثير من الأحيان يتقمص الجمهور دور المحامي الذي يرافع عن لاعب استنادا إلى القول المأثور: «انصر أخاك فائزا أو مهزوما».