قدمت وعودا وهمية للعمل بالفلاحة بأوروبا وكندا مقابل 14 مليونا للعقد
أفاد مصدر مطلع «الأخبار» بأن مدينة سيدي سليمان عاشت، يوم الجمعة الماضي، ليلة بيضاء، إثر تفجر فضيحة تعرض عشرات المواطنين، ينتمون للجماعات الترابية بإقليم سيدي سليمان، لأكبر عملية نصب وخداع، في (غفلة من الأجهزة المختصة)، بعدما تم إيهام الضحايا من طرف مهاجر مغربي يملك مقهى وسط المدينة، لا تبعد عن مقر المنطقة الإقليمية للأمن الوطني سوى ببضعة أمتار، بتمكينهم من عقود عمل محددة المدة بالخارج، للعمل بالقطاع الفلاحي لمدة ستة أشهر، بدول كندا وفرنسا وهولندا، مقابل مبلغ مالي محدد في 12 مليون سنتيم لدول أوربا، و14 مليون سنتيم لدولة كندا، للعقد الواحد، على أساس تسبيق مالي تتراوح قيمته المالية بين 50 ألفا و100 ألف درهم، يتسلمها صاحب المقهى الذي يقوم بتسليمها لزعيم الشبكة القاطن بالرباط. في حين تعهد الراغبون في الهجرة بأداء بقية المبلغ المالي المتفق عليه بمجرد توصلهم بعقود العمل، بداية شهر يوليوز الماضي، وفق ما وعدهم بذلك «الوسطاء» الذين من ضمنهم المهاجر المغربي المقيم بالديار الفرنسية.
وبحسب المعطيات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن الوسطاء المتورطين في الموضوع كانوا يوهمون الضحايا، الذين أقدموا على الاحتجاج ليلة الجمعة، والاحتشاد رفقة عائلاتهم أمام المقهى التي يملكها المعني بالفضيحة، بكون شخص نافذ يقيم بمدينة الرباط، له علاقات متشعبة بمكاتب التشغيل بالقنصليات الموجودة بمدينة الدار البيضاء، سيتكلف بإعداد عقود العمل بالخارج، للعمل في القطاع الفلاحي في مدة زمنية أقصاها ثلاثة أشهر، قبل أن يتفاجأ الضحايا، الذين تجاوز عددهم كحصيلة أولية 120 شخصا، أغلبهم شباب، بمماطلة الوسطاء في الوفاء بالوعود المقدمة لهم قبل أزيد من ستة أشهر، بعدما ظلوا ينتظرون عقود العمل لقرابة السنة، الأمر الذي دفعهم إلى التوجه نحو مدينة الدار البيضاء للاستفسار في الموضوع، حيث تأكد لهم أنهم وقعوا فريسة لشبكة الهجرة التي ظهر أن لها ارتباطات بالخارج.
وأضاف مصدر «الأخبار» أن اختفاء المهاجر المغربي، رفقة زملائه الذين كانوا يجالسونه بشكل دوري بالمقهى المذكور، زاد من غضب الضحايا، الذين عمدوا إلى الاعتصام داخل المقهى، لساعات متواصلة من ليلة الجمعة، وسط تجمر المواطنين، قبل أن تحل بموقع الحادث عناصر الأمن الوطني، بحضور رئيس المنطقة الإقليمية للأمن الوالي محمد العسالي، في وقت قام مقربون من الوسيط الرئيسي في العملية، بتقديم وعود للضحايا بإرجاع المبالغ المالية المقدمة كدفوعات، صباح اليوم الموالي، في خطوة الهدف منها «طي» الملف بأقصى سرعة ممكنة، مخافة افتضاح باقي أفراد الشبكة، خصوصا سماسرة زعيم الشبكة المقيم بمدينة الرباط، والذين يظهر أنهم جنوا أرباحا خيالية من هاته العملية، في ظل الحديث عن ارتفاع عدد الضحايا إلى نحو 300 شخص، حيث تلاحق أصابع الاتهام خمسة وسطاء، من ضمنهم تاجر، وميكانيكي وموظف، وسط مطالب بفتح بحث قضائي في الموضوع، وتوسيع دائرة التحقيق من قبل الجهات المختصة، للكشف عن جميع المتورطين في عملية الوساطة في الاتجار بالبشر، التي تستغل معاناة شباب المنطقة، سيما أن إقليم سيدي سليمان بات قبلة للعديد من شبكات الهجرة، بحكم تدهور الوضع الاقتصادي بالإقليم، وارتفاع نسبة البطالة، الذي يوازيه ارتفاع في مؤشر الفساد.
وأكد المصدر نفسه أن ضحايا شبكة الاتجار بالبشر، عبر بيع عقود عمل بالخارج، عادوا مجددا، صبيحة أول أمس السبت، للتجمهر أمام مقهى المهاجر المغربي، المعني بتفجر الفضيحة، رفقة عائلاتهم، وسط حضور لعناصر الأمن الوطني التي ظلت تراقب الوضع عن كثب، آملين في استرجاع مبالغهم المالية، بعدما جرى تداول معطيات سربها المقربون من المتهم الأول في الفضيحة، تفيد بأن إرجاع التسبيقات المالية رهين بعدم وضعهم لشكاياتهم لدى السلطات الأمنية، في وقت علمت «الأخبار» أن عناصر الشرطة القضائية باشرت البحث عن صاحب المقهى، بهدف الاستماع إليه في محضر رسمي، في انتظار تقديم الضحايا لشكاياتهم، سيما أن الملف يعد بالكشف عن تورط العديد من «السمسارة» في أكبر عملية نصب تشهدها منطقة الغرب.
وصرح أحد الضحايا لـ«الأخبار» بأن نجاح صاحب المقهى، الذي يملك أوراق إقامة دائمة بفرنسا، في تهجير بعض المواطنين، عبر عقود عمل، مدتها ستة أشهر، للاشتغال بحقول وضيعات فرنسا، شجع الجميع على «الثقة» في الوسيط، وفي السماسرة المحيطين به، مما دفعهم إلى المغامرة بدفع تسبيقات مالية تتراوح قيمتها، بحسب طبيعة الدولة التي يرغب الشخص في الهجرة نحوها، وهي «الخطة» التي انتهجها الوسيط رفقة شركائه في الإيقاع بالضحايا، بعدما امتد نشاط الشبكة إلى مدن سيدي قاسم والقنيطرة والخنيشات، موضحا، في السياق ذاته، أن الجميع بات ينتظر ظهور المهاجر المغربي، من أجل استرجاع أموالهم، قبل الإقدام على وضع شكاية لدى القضاء، في حال وصول ملفهم إلى الباب المسدود.