راني محيتك من الميموار
في أسبوع واحد فقط عشنا محنة الشاب عبد الرحمان، فاضح الزفت المغشوش بآسفي، وتبعه القاضي محمد الهيني الذي تم عزله بطريقة مهينة وماسة باستقلالية القضاة، وحتى بادو الزاكي نال نصيبه من أسبوع العزل المغربي، وانتهى المغاربة موزعين في المقاهي و«الفايسبوك» يتضامنون مع هذا وذاك، وتبين أن الناس أمضوا شهر فبراير واضعين أيديهم على قلوبهم من هول المحن التي تعاقبت عليهم، وحتى البيض الرومي «طلعلو الزعف»، وقرر أن لا يصبح رخيصا بعد اليوم وألا يبقى في متناول الشعب.
والظاهر أنه ليس البيض وحده من خرج على صوابه، فحتى صلاح الدين مزوار قرر، في الأسبوع الذي ودعناه، ألا يبقى مجرد عجلة «سوكور» في حافلة بنكيران، ووضع النقط على الحروف ورفع تسعيرة التحالف الحكومي الذي تنتظره أيام عصيبة، لكن مشكلته أنه لن يلقى تعاطفا من قبل المغاربة كما وقع مع القاضي الهيني وقضية الزفت المغشوش في حال «تفراق الجوقة»، بين العدالة والتنمية وما جاورها.
وقبل اليوم كان آخر ما كان ينتظره المغاربة هو الزيادة في أسعار البيض وأن «لومليط» ستصبح طبقا ينتمي إلى موائد البورجوازية، تماما كما لم يكن يتوقع حزب العدالة والتنمية أن «حمامة» مزوار تعض وتخدش وتباغت الفريسة بمخالبها كما يقع في أفلام «ناسيونال جيوغرافيك». ومع أنه لا فرق بين قانون الغاب وعالم السياسة، هناك مخالب وأنياب مفترسة وقطعان وفريسة ومحميات الأسود والضباع، لذلك كان الكاتب الفرنسي الكبير «كامفور»، يقول «إذا كانت القردة تتوفر على موهبة الببغاوات، لكان ممكنا لنا أن نجعل منهم وزراء».
السياسة في المغرب عالم يخرج عن سلطة التوقع، و«كل نهار واخبارو»، لكنه مجال لا يحظى بعطف وتضامن الناس. فحين أعفي الوزير أوزين مع «الكوبل الحكومي» لم يتضامن معهم المغاربة في مواقع التواصل الاجتماعي، والأمر الذي يفرح المغاربة أكثر هو أخبار إعفاء وعزل الوزراء وكبار المسؤولين، لأنها أخبار نادرة الوقوع مثلها مثل الظواهر الطبيعية.
يصعب اليوم التكهن كيف سينتهي وزراؤنا الذين لم يعد أحد بيننا يعرف عددهم الحقيقي اللهم أنهم يقاربون الأربعين وزيرا، ويحكى والله أعلم أن هناك وزراء في حكومتنا لا يستطيعون تعداد زملائهم بأسمائهم وأسماء وزاراتهم، لكثرتهم، لكن أيضا بسبب حركية «الداخل والخارج» من هذه الحكومة التي لم تعرف منذ تعيينها إقفال بابها لأنها تسلمته بدون قفل وبقي مكانه ثقب فارغ يحاول اليوم صلاح الدين مزوار النفخ فيه.
قبل يومين كشفت صحيفة «ذي تلغراف» البريطانية أن علماء اكتشفوا طريقة علمية غير مسبوقة للتخلص من الذكريات السيئة، والظاهر أن المغرب معني بشكل كبير بهذا الدواء الذي سيزيل من ذكريات المغاربة شعارات «إسقاط الريع والفساد» التي وثقوا فيها وفي أصحابها، ووجوها ووزراء تعاقبوا علينا، كما تتعاقب الأمراض المزمنة، خاصة أن السياسة مرض مزمن ووباء قاتل يرفع صاحبه إلى السحاب ثم يضعه «سطلة بلا تقرقيب»، وحين سيتشافى المغاربة من ذكرياتهم السياسية السيئة سيقولون لمن يطلب أصواتهم لولاية حكومية ثانية: «سمح ليا راني محيتك من الميموار».