حسن البصري
يعتقد الكثير من المتتبعين للشأن الودادي أن لجنة تصريف الأعمال، التي عهد إليها بتدبير شأن فريق الوداد، إلى أن يأتي الله أمرا كان مفعولا، ستضع حدا لسؤال يردده جمهور «الحمراء»: من يخلف الرئيس المعتقل؟
سعيد الناصري ليس رئيسا لوداد كرة القدم فقط، حتى نعوضه ببديل ونطوي مشكل الخلافة ونتفرغ للكرة. فهو رئيس للمكتب المديري للوداد الرياضي أيضا، وهو الذي يشرف على تدبير مشتقات الوداد، من كرة سلة ويد وألعاب القوى والملاكمة والدراجات وهلم جرا.
وهو الذي عين رئيس مقاطعة المعاريف، عبد الصادق مرشد، رئيسا منتدبا للوداد الرياضي لكرة السلة، ووضع على رأس كل فرع رئيسا فيه رائحة السياسة أو الجاه أو الولاء. وفي آخر اجتماع عقده في فيلا شارع تادارت، تعهد بعقد جمع عام في القادم من الأيام، لكنه من صنف «من وعد اختفى».
كثير من رؤساء الفرق المغربية يحملون قبعات عديدة، يصعب معها البحث عن بدائل لهم، إذا أصابهم مكروه.
اعتقد محمد مهيدية، والي الدار البيضاء الجديد، وهو يجتمع بهيئة تصريف شؤون الوداد، أن الناصري يملك قبعة واحدة، وأن مسألة الخلافة لا تحتاج إلى جمع عام استثنائي، أو استنفار في صفوف المنخرطين.
لقد أعلن حزب الأصالة والمعاصرة، في بلاغ رسمي، تجميد عضوية الناصري وبيوي، إلى حين استكمال التحقيق، لكن الفرق المغربية لديها قلب ووجدان، فلا تجمد عضوية رؤسائها مهما كانت زلاتهم.
أعادنا مهيدية إلى زمن مضى، حين كان عمال الأقاليم يعينون رؤساء الفرق ورؤساء الجمعيات من محيطهم، قبل أن يظهر قانون «تناطح المصالح»، ويصبح العمال والولاة رسل تنمية وحفظة للسلم الاجتماعي، ويصبح تحرير الملك العمومي معركتهم الأولى.
لا يمارس مهيدية سطوا على الملك العمومي لـ«الكوايرية»، وهو يتأبط ملف الوداد، فالرجل كان رئيسا «مقنعا» لاتحاد تمارة، حين كان عاملا على عمالة الصخيرات تمارة، وتحول إلى معالج طبيعي لشباب الريف الحسيمي والكوكب المراكشي، وأخضع اتحاد طنجة للتنفس الاصطناعي.
لكنه يخفي في دواخله حزنا على فريقه المحبوب اتحاد سيدي قاسم، الذي يود لو غير شهادة إقامته، حتى يشمله برعايته.
كل الوداديين اليوم أمام امتحان تجسيد مفهوم «العائلة»، حتى لا يبقى شعارا للاستهلاك الإلكتروني، عليهم أن يؤمنوا بأن طريق الحصول على الكؤوس والدروع تكون مليئة بالأخطاء، وأنه لا يمكن الاستمرار في كرسي الرئاسة دون أن نرتكب المعاصي.
لن تتوقف الحياة في ملعب الوداد، بسبب اعتقال رئيس الفريق، فالمدربون يواصلون عملهم بجد واجتهاد، والحصص التدريبية بمركب محمد بن جلون لا تخلو من أماني بإطلاق سراح الرئيس. وحده السائق يقف منعزلا معطلا وهو الذي كان يذكر الزعيم بمواعد فطور العمل مع سياسي، أو لقاء مع صحافيين يصلون على قبلته، أو مقابلة مع مدرب أو لاعب تنبعث منه رائحة النقابة، أو عشاء عمل في مقر سكناه مع وكيل أعمال أجنبي يحمل «كاتلوغ» أعتد اللاعبين القابلين للاستيراد.
الوداديون غاضبون يطالبون بجر محمد بودريقة، رئيس الرجاء الرياضي، إلى عكاشة، في إطار المساواة في المحن بين الغريمين، ويودون لو أن «الديربي» القادم يجرى خلف القضبان.
نحن الآن في حاجة إلى برامج تلفزيونية لاكتشاف مواهب في رئاسة الفرق الرياضية، على شاكلة «أراب آيدول» و«ستار أكاديمي» و«من سيربح المليون»، وغيرها من البرامج التي يتمخض عنها نجوم كانوا يعيشون في العتمة.
لكن العارفين ببواطن الكرة، يجمعون على أن الرئيس المثالي لم يولد بعد، وأن مخاضه صعب وقد يموت الجنين ويصاب الرحم بالنزيف.
أي تشابه بين قضية الناصري وتجارب رؤساء رمت بهم الصحافة نحو كراسي رئاسة فرق الكرة، هو من محض الصدفة فقط.