دراجات مجنونة
في ظل المجهودات الأمنية الجبارة والمعترف بها محليا ودوليا، لحفظ الأمن وتنظيم السير والجولان وتطبيق القانون، من المؤسف أن يتابع الجميع كيف استفحلت ظاهرة الدراجات النارية المجنونة التي يقودها شباب متهور لا يبالي بقانون ولا احترام الدوريات والامتثال لها، ما يشكل خطرا حقيقيا على سلامته أولا وحياة وسلامة المارة والسائقين.
لا يمكن للتدابير الأمنية التقنية بمفردها حل مشاكل غياب ونقص التربية الطرقية وغياب تلقين الشباب احترام حق الطريق في الوازع الديني والالتزام بقوانين السير المعمول بها، لأننا أمام شباب هائج بفعل المخدرات أو مؤثرات أخرى لا يعترف بقانون ولا تردعه مخالفات مرورية، ويستمد أحيانا مغامراته من المنصات الاجتماعية والتباهي ومحاولة إثبات الذات بطريقة خاطئة تماما تؤدي إلى الموت أو الإصابة بعاهات مستديمة في حوادث سير يومية خطيرة جدا.
رياضة السياقة الاستعراضية لها قوانينها وتمارس بمدارات مغلقة أو مناطق خالية بالغابات والصحاري، وليس داخل المدن والطرق المكتظة بفعل حركة السير الدائمة، وأمام المؤسسات التعليمية عند خروج التلاميذ، وهذا ما يجب أن يتم العمل عليه من قبل المؤسسات المعنية وجمعيات المجتمع المدني والأسرة والمتدخلين في مجال السلامة الطرقية، لأن ضحايا حوادث السير المرتبطة بالدراجات النارية في ارتفاع وأغلب ضحاياها شباب وقاصرون ينتهي بهم الأمر في صناديق الموتى بالمؤسسات الاستشفائية العمومية أو غرف الإنعاش والخروج منها بعاهات مستديمة وندوب نفسية يستحيل معالجتها طول العمر.
إن الشباب عماد المستقبل، ونزيف حوادث السير المتعلقة بالدراجات النارية المجنونة، مسؤولية الجميع للعودة إلى التربية والتوعية والتحسيس، مادامت الأسرة في الكثير من الأحيان هي من توفر ثمن شراء الدراجة النارية لأبنائها دون حرصها على أدنى إلمام الأبناء بقوانين السير أو رخصة السياقة وهم في سن المراهقة التي تعتبر مرحلة عمرية حساسة.
لقد قامت المصالح الحكومية بإخراج قوانين تمنع التعديلات الهجينة في محركات الدراجات النارية، وتحضر لإطلاق قانون ينظم استعمال الدراجة الكهربائية (تروتنيت)، لكن القوانين التقنية والغرامات المالية لا تكفي وحدها في معالجة الظواهر المشينة، بل يجب التركيز أيضا على التربية والتوعية والتحسيس من قبل المدرسة والأسرة والمجتمع المدني والقطاعات الحكومية المعنية، لأن رأس المال البشري لا يعوضه شيء ونزيف حوادث السير مؤلم جدا للأسرة والمجتمع والدولة بصفة عامة.