شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

خطيئة النشأة

الواضح أن البيت الداخلي للأغلبية ليس على ما يرام، فريق الأصالة والمعاصرة يطالب في بلاغ علني لمكتبه السياسي رئيس الحكومة عزيز أخنوش بالحرص على تكثيف التواصل الداخلي الناجع بين القطاعات الحكومية، وكذلك الحوار الفعال مع وزراء «البام»، ونواب حزب الاستقلال بمجلس النواب غاضبون ومنزعجون من استهداف نواب حزب الأصالة والمعاصرة لوزرائهم أثناء حلولهم بالبرلمان في إطار الأسئلة الشفهية الأسبوعية، ووزراء الأحرار يتلقون بين الفينة والأخرى نيرانا صديقة من الحلفاء.

طبعا لسنا أمام مرحلة انفجار الأغلبية، والأكيد أن هذا الامتعاض لم يصل إلى درجة العصيان التشريعي والسياسي، كما كان يقع في الولايتين السابقتين. لكن مثل هاته المؤشرات تدل على أن الوضع الذي يفعل فيه الجميع ما يشاؤون، دون احترام ميثاق الأغلبية وأخلاقياتها السياسية، قد يؤدي يوما بعد يوم إلى انفلات عقد التحالف الهش، خصوصا وأن حدة الصراع ستزداد كلما اقترب موعد الانتخابات المقبلة، في محاولة للسيطرة على كعكة نتائج استحقاقات 2026 من الآن.

لذلك فإن من يرى في ما يجري من لسعات متبادلة داخل الأغلبية أمر عادي، ويدخل ضمن ديناميات التحالفات، فعليه أن يعيد حساباته قبل أن تتسبب ثقوب صغيرة في إغراق ليس فقط سفينة التحالف بل الاستقرار السياسي برمته. وأسوأ السيناريوهات أن نعتاد في المشهد السياسي على مثل بلاغات «البام»، التي تعد بمثابة معارضة صامتة من داخل الأغلبية، وهو ما سيعيد لنا ذلك الشذوذ الديمقراطي الذي عانينا منه لولايتين كاملتين. فلم يعد من المقبول أن ينال أي مكون من مكونات الأغلبية في الآن ذاته شرف المعارضة وصولجان الحكومة، ومن شعر بضيق أفقه داخل الأغلبية فما عليه سوى تحريك مساطر الرحيل وفق التقاليد المؤسساتية المرعية.

والواقع أننا في أمس الحاجة إلى التعديل الحكومي للتخلي عن الوزراء عديمي الفائدة، ولا ينبغي أن نتوجس من التعديل، فهو ليس عنوانا للفشل أو المس بالاستقرار، بل هو تمرين عادي واجراء دستوري مطلوب يقع في كل الديمقراطيات التي تحترم نفسها وكتلتها الناخبة إما بسبب عارض صحي أو تدبيري أو سياسي.

فمن الطبيعي نقف بعد سنة على تأسيس التحالف عند أخطاء بل هفوات «الكاستينغ» التي وقعت في أكتوبر 2021، والتي لا يمكن أن ينكرها حتى قادة التحالف والتي نؤدي ثمنها السياسي والتدبيري اليوم. والأسئلة التي تطرح نفسها اليوم هل كان من الضروري أن يتشكل التحالف من الأحزاب الثلاث الأولى المتصدرة للانتخابات الماضية؟ ألم يكن حريا أن يهتم «الكاستينغ» بضمان التوازن بين الأغلبية والمعارضة الذي ظل لعقود مبدأ مهما؟

ومهما يكن الجواب، فإن التحالف الحالي يعاني اليوم من خطيئة النشأة وكل الماكياج حول ضعف التواصل أو شكاوى الوزراء أو الصمت المريب ما هو سوى مظهر من مظاهر الخطيئة التي حان الزمن السياسي والدستوري والعرفي لغسل عارها السياسي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى