خطر اسمه «فوكس»
ضرب، الأحد الماضي، زلزال سياسي إقليم الأندلس الإسباني، عندما حقّق حزب «فوكس» اليميني المتطرف نصرا تاريخيا خلال انتخابات برلمان إقليم الأندلس، إذ فاز بـ12 مقعدا نيابيا وانتقلت الأصوات التي حصل عليها من أقل من 19 ألفا سنة 2015، إلى أكثر من 400 ألف خلال الاستحقاقات الأخيرة، ليصبح أول حزب يميني متطرّف يدخل برلمانا إقليميا في إسبانيا، منذ بدء حقبة الديمقراطية في البلاد.
فمنذ 36 سنة من احتكار اليسار الاشتراكي للحكم في جنوب إسبانيا، نجح الحزب ذو الإرث الفرانكوي الذي ينادي بطرد المهاجرين الأفارقة بشكل عام والمسلمين خاصة، وإغلاق المساجد واحتجاز وطرد الأئمة المتطرفين من البلاد، في إيجاد موطئ قدم داخل برلمان إقليم الأندلس الذي يتمتع بحكم ذاتي.
ومن الطبيعي أن يثير هذا المعطى الانتخابي الجديد الكثير من التخوف لدى السلطات والمجتمع المغربيين، خاصة أن الحزب المتطرف الصاعد يعرف بتبنيه خطابا عنصريا ضد المهاجرين، وخاصة المهاجرين من الجنسية المغربية، والذين يشكلون أكبر جالية في الأندلس، حيث يعيش أكثر من 120 ألف مهاجر مغربي بالإقليم، فيما لا يتعدى من يتوفرون منهم على الجنسية الإسبانية الربع.
ولعل فوز هذا الحزب بأعلى نسبة من الأصوات في منطقة إليخيدو، معقل العمال المغاربة الذين يكدحون تحت حقول البلاستيك التي شهدت أعنف مواجهات بين المهاجرين والسكان قبل سنوات، لم يكن صدفة.
ونتذكر الاستفزازات التي قام بها هذا الحزب الفرانكوي خلال الحملة الانتخابية، عندما قام رموزه بتنظيم زيارة إلى الحدود بين المغرب ومليلية المحتلة ضمن عدد من نواب الأحزاب الأوروبية المتطرفة اليمينية، للمطالبة بتشديد الحراسة والضغط على القوات الخاصة لمزيد من القوة والصرامة في حراسة هذه الحدود.
لذلك، ينبغي استيعاب الرسالة الملغومة التي بعث بها جزء من الكتلة الناخبة الإسبانية التي صوت 11 المائة منها على حزب يكن الكراهية للمهاجرين المغاربة ودينهم وعاداتهم، ويدعو إلى طردهم نحو بلدهم الأصلي، ويحمل بلدنا مسؤولية تدفق الهجرة الشرعية وغير الشرعية إلى الجارة الإيبيرية.
صحيح أن «فوكس» لم يصل بعد إلى درجة السيطرة على القرار بجنوب إسبانيا أو التغلغل إلى المؤسسات الوطنية الإسبانية، لكن ما عبرت عنه نتائج الانتخابات مؤشر مقلق ومخيف بخصوص تنامي نفوذ أحزاب الكراهية والعنصرية والشعبوية داخل مجال جغرافي يشهد عمرانه وتاريخه بالتعايش بين المغاربة والإسبان منذ قرون، وبالتأكيد لن يتأثر ذلك بلحظة انتخابية ظرفية تحكمت فيها حسابات سياسية صامتة تجاه السلطات المركزية والأحزاب الكلاسيكية، وأعلن فيها المهاجر والدين كبش فداء لإغراء جزء من الناخبين