شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرملف الأسبوع

حروب الدواوين حكايات صراع دائم حول دائرة الوزراء

حسب منشور تأليف الدواوين الوزارية، فإن العدد المسموح به للوزراء هو 12 عضوا في الديوان. أما كتاب الدولة فالعدد لا يزيد عن سبعة مناصب. وتخضع تعيينات الديوان لمجموعة من المساطر قبل أن يتم تفعيلها رسميا، حيث تجب موافقة الخزينة العامة وقبلها الوزير المعني.

وغالبا ما تتم الاستعانة بأعضاء من القطاع الشبابي للأحزاب السياسية، حين يتعلق الأمر بوزير يحمل قبعة حزبية، أو من مستشارين تقنيين حين يتعلق الأمر بوزير تقنوقراطي، وفي جميع الحالات لا يخلو تعيين أطقم الدواوين من صراعات.

مدراء الدواوين، في السابق، أغلبهم اشتغلوا في الصحافة الحزبية، وتم إلحاقهم بمكاتب الوزراء خصوصا من أحزابهم، في سنوات متفرقة بين سنوات السبعينات، وصولا إلى تجربة التناوب خلال نهاية التسعينات.

لكن في قمة الغليان السياسي، خصوصا خلال بداية الثمانينات، كان بعض مدراء دواوين الوزراء يسهرون على تنظيم لقاءات يحضرها صحافيون، ويصل الأمر أحيانا بمدراء الدواوين حد توجيه العتاب لهؤلاء الصحافيين وأحيانا أخرى يعاقبونهم بحرمانهم من أخذ تصريحات الوزير.

قد يكون الاستثناء في تعيين أفراد الدواوين هو ما يحصل في ديوان وزير الداخلية، حيث إن ديوان أم الوزارات غالبا ما يضم خبراء في مختلف المجالات، وقامات قادرة على تولي المهمة. حسن بنحبريط مدير ديوان وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري تولى مهاما على رأس عمالات ترابية، إذ عين واليا على عدة مدن أبرزها طنجة. يقول المحجوبي أحرضان، في مذكراته، إن قوة ديوان إدريس البصري كانت تتمثل في الصلاحيات التي منحها الوزير لموظفي الديوان والذين كان أغلبهم تابعين له بعدما صفى التركة القديمة للوزير بنهيمة.

كلما حصلت تعديلات في تشكيلات الحكومات، تندلع حروب الدواوين وتشتعل نيران الخلاف، حيث يشرع كل قيادي في “تثبيت” أتباعه في محيط الوزير.

“الأخبار” ترصد أهم المعارك التي دارت حول منصب “ظل الوزير”.

 

حسن البصري:

 

بعد 3 أشهر على التعديل الحكومي.. ركض نحو دواوين الوزراء الجدد

رغم مرور أزيد من ثلاثة أشهر على التعديل الحكومي، إلا أن تعيين أعضاء دواوين الوزراء وكتاب الدولة الاستقلاليين الجدد لم يحسم بعد، بعد تدخل الأمانة العامة للحزب في الموضوع. وحسب تدوينات قياديين في حزب “الميزان”، فقد شدد الأمين العام للحزب، نزار بركة، على ضرورة اختيار أعضاء الدواوين من صفوف القطاعات الموازية للحزب، مع منح الحرية للوزراء وكتاب الدولة في تعيين رؤساء دواوينهم فقط.

وحسب مصادر إعلامية مقربة من الحزب، فإن هذه الترتيبات ستقتصر على كتابات الدولة، فيما ستظل دواوين وزارات الاستقلاليين دون تغيير. “هذا الوضع تسبب في خلق توتر بين بركة وإحدى كاتبات الدولة، التي ما زالت مترددة في العمل مع فريق الديوان السابق، معبرة عن رفضها لهذا التوجه”.

في مثل هذه المواقف، يكثف البرلمانيون السابقون والحاليون اتصالاتهم مع وزراء من حزب الاستقلال ومع أعضاء اللجنة التنفيذية، لتعيين أتباعهم الذين يقدمون لهم خدمات في الأقاليم التي يمثلونها في دواوين الوزارات التي يترأسها الحزب، أو تعيين أبنائهم وأقاربهم. ومن تداعيات هذا الجدل أن الأمين العام للحزب ووزير التجهيز والماء نزار بركة كان أول الوزراء الذين شرعوا في تعيينات جديدة داخل ديوانه شملت أخيرا، مستشارا تقنيا كان يرأس جماعة في السابق بجهة فاس مكناس، علما أن بركة منح للوزراء وكتاب الدولة الجدد، الحرية في اختيار تركيبة دواوينهم.

وفي كثير من التنظيمات الحزبية، كانت مقرات الأحزاب مسرحا لمعارك بين قيادات وأعضاء في الهيئات الشبابية، بل إن مجموعة من مكونات التحالف الحكومي قد دخلت في تنافس استعدادا لمرحلة توزيع كعكة مناصب مدراء دواوين ومستشاري الوزراء، بل إن شرط الكفاءة والخبرة القطاعية قد يغيب أمام ضغط النافذين في الحزب، مع ترك هامش في حرية اختيار أعضاء دواوين الوزراء الذين تم تعيينهم من طرف الملك محمد السادس.

 

معركة في مقر حزب “السنبلة” بسبب تعيينات رؤساء الدواوين

في أكتوبر 2019، تطور الصراع حول دواوين الوزراء إلى شغب استوجب تدخل السلطات الأمنية لوقف المواجهات الدامية، التي شهدها مقر حزب الحركة الشعبية في الرباط، خلال انعقاد الدورة العادية للمجلس الوطني لشبيبة الحزب التي تحولت إلى حلبة ملاكمة، أسفرت عن إصابة بعض المجتمعين واستدعت نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج.

حصل هذا في عهد الأمين العام السابق امحند العنصر، الذي اضطر لمغادرة المقر بعد أن طارده أعضاء في الشبيبة الحركية، حيث كان مقررا أن يحضر الجلسة الافتتاحية لـ”النشاط الشبابي”.

وقالت مصادر صحفية إن المواجهات اندلعت بين ما يسمى بـ”تيار الاستوزار” المحسوب على محمد أوزين وحليمة العسالي وامحند العنصر، من جهة، و”تيار التغيير”، الذي كان يتزعمه كل من محمد فضيلي ولحسن آيت يشو، وانطلقت بأسئلة سرعان ما خرجت عن سيطرة الأمين.

أصل الخلاف، حسب بعض المنابر الإعلامية، هو تبادل اتهامات بين التيارين المتصارعين بـ”تزوير لائحة أعضاء المجلس الوطني للشبيبة”، بعدما لم يتمكنا من وضع لائحة مشتركة للتصويت عليها. وارتفع مؤشر القلق بسبب “دعم ترشيحات وزارية دون أخرى، مرتبطة أساسا بصراع قادم حول الدواوين والإدارات العمومية مع قرب ولادة الحكومة الجديدة”.

وقال العنصر إنه ذهب لحضور الجلسة الافتتاحية للدورة العادية الأولى للمجلس الوطني للشبيبة، قبل أن “تتطور الأمور إلى مواجهات مؤسفة تسيء إلى الديمقراطية الداخلية”، مضيفا أن “التيار الذي قام بالشغب جند عناصر من الجنوب والشمال وحول القاعة إلى حلبة مصارعة، بعد أن تبين له أن حظوظه في الفوز ضعيفة جدا”، مبرزا أنه في نهاية المطاف تم الاجتماع، بحضور أكثر من 80 عضوا، وتم التصويت على اللائحة التي كانت متوقعة.

خلال هذا الاجتماع الصاخب رفعت شعارات تدين الأمانة العامة، على غرار “لا للإقصاء، لا للتزوير”، ووصلت حد إحداث الفوضى داخل مقر الحركة الشعبية، قبل أن يطلب تدخل الأمن لإعادة الأمور إلى نصابها.

 

احتقان في وزارة الانتقال الرقمي بسبب تعيينات بالديوان

ساد احتقان غير مسبوق في صفوف موظفي وأطر وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، بسبب خرق الوزيرة غيثة مزور، للقانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا، وهو القانون الذي وضعته وزارتها، ومن المفروض أن تكون أول من يحترم مقتضياته، حيث طالب عدد من الموظفين بفتح تحقيق بشأن التعيينات التي قامت بها الوزيرة بناء على قرارات تتضمن شروطا على مقاس مقربين منها.

وحسب الموظفين الغاضبين، فإن مزور ظلت تسابق الزمن لتعيين مقربين منها في مناصب المسؤولية بالوزارة قبل إجراء التعديل الحكومي الأخير خوفا من أن تعصف بها الأقدار خارج الحكومة.

وأفادت مصادر “الأخبار” بأن جل المناصب التي صادق عليها المجلس الحكومي منذ تعيين الوزيرة مزور، منحتها هذه الأخيرة لأشخاص من خارج الوزارة، بعضهم كانوا يشتغلون في ديوانها، ما يؤكد وجود علاقة سابقة بينهم والوزيرة التي استقدمتهم للاشتغال بجانبها. وكشفت المصادر أن مزور فتحت منصب المفتشية العامة للوزارة للتباري، ووضعت شروطا على مقاس أشخاص من خارج الوزارة، في حين أن منصب المفتشية يتطلب خبرة أُطر من الوزارة لأنهم “أبناء الدار” ويعرفون خبايا ما يجري داخلها.

وأفادت المصادر بأن الوزيرة تصدر قرارات غريبة ومتناقضة بخصوص التعيين في المناصب العليا داخل وزارتها، من خلال وضع شروط على مقاس مقربين منها، لذلك وقعت على قرارات لشغل مناصب شاغرة بالوزارة، تتضمن شروطا غريبة، من قبيل أن يكون المرشح شغل منصبا للمسؤولية أو خبرة في تدبير المشاريع أو خبرة أكاديمية، يعني المساواة بين منصب المسؤولية والخبرة في تدبير المشاريع والخبرة الأكاديمية، وبهذا الشرط الأخير عينت الوزيرة صديقتها القادمة من كندا في منصب مديرة مركزية بالوزارة، بعدما كانت مكلفة بمهمة في ديوانها، حيث لم يسبق لها أن زاولت أي منصب للمسؤولية داخل الإدارة.

وأكدت المصادر أن الوزيرة تسابق الزمن لتفصيل قرارات أخرى على المقاس، حيث رفضت تجديد الثقة في مدير تحديث الإدارة الذي يعد من الأطر الوطنية المشهود لهم بالكفاءة والتفاني في العمل، والدليل على ذلك أنه مباشرة بعد مغادرته لمنصبه تم تعيينه من طرف الأمين العام للحكومة، محمد الحجوي، مستشارا بالأمانة العامة للحكومة بالنظر للكفاءة المشهود له بها.

 

هدايا للنافذين ابتغاء مناصب في الدواوين

كان بعض المرشحين للاشتغال في دواوين الوزراء أيام الملك الراحل الحسن الثاني يتبارون في تقديم الهدايا لبعض الشخصيات السامية حتى يتم اقتراحهم على رأس الدواوين. ونورد هنا مثالا رواه المهندس الفرنسي الذي كان الملك الراحل الحسن الثاني أوكل إليه إصلاح بعض قصور العائلة الملكية. إذ كان حاضرا في إحدى المناسبات بالقصر الملكي في الدار البيضاء، وكان الملك الراحل الحسن الثاني يستقبل بعض الوزراء والشخصيات المعروفة، وكان هناك أيضا مدعوون فرنسيون، لكن فوجئ الحضور بحركة غير عادية في صفوف بعض المدعوين المغاربة، والسبب أن بعضهم علموا للتو، حسب ما حُكي للضيوف الفرنسيين، بأن الملك الراحل الحسن الثاني وبخ شخصيات سامية بسبب خطأ في البروتوكول المتبع أثناء استقبال الضيوف الأجانب، لأن أحدهم لم يتعرف على بعض ضيوف الملك الأجانب وعامله بجفاء وتركه ينتظر في الخارج لمدة طويلة رغم قساوة برد الشتاء.

بعد مرور الحفل، صارحه أحد الوزراء، وقال له إن الملك الراحل أجرى بعد ذلك الحادث تعديلات في صفوف المكلفين بديوان وزارة التشريفات والأوسمة التي كان على رأسها الوزير عبد الحفيظ العلوي المقرب من الملك، حتى أن بعض الأعيان والمتقاعدين السياسيين اشتكوا للملك الراحل في بعض المناسبات من أنهم لا يتوصلون دائما بدعوات الحضور إلى القصر الملكي في المناسبات الرسمية، رغم أن التشريفات والأوسمة أكدت لهم في مناسبات كثيرة أن أسماءهم كانت مكتوبة في لائحة المدعوين.

السبب وراء هذا التغييب كان راجعا بالأساس إلى الحروب التي كانت تدور رحاها بين موظفي الدواوين أيام الملك الراحل الحسن الثاني بحثا عن النفوذ والتحالفات وإبعاد الخصوم من دائرة الضوء حتى لا تشملهم القرارات المقبلة للتعيينات. هذه الحرب عمرت طويلا داخل دواليب الوزارات ومكاتب موظفي الوزراء الذين كان بعضهم يساهم في القرار الوزاري، بل ويضفي هالة على شخصية الوزير ويزيد من هيبته، أو يكون سببا في إقالته. حصل هذا في زمن كان فيه مكتب مدير ديوان الوزير عالما خاصا وسدا يحول بين طالبي النفوذ وبين “رهبة” الوزارة.

 

البصري.. مدير ديوان الدليمي الذي أرعب الوزراء ودواوينهم

دشن إدريس البصري مساره المهني بوظيفة مفتش شرطة في سلك الأمن الوطني، حيث كان يقطن في حي البوطوار الشعبي بمدينة سطات، قبل أن ينتقل إلى فيلا في بنسليمان وإلى فيلا فاخرة في طريق زعير بالعاصمة الرباط، ويصبح ابن الحاج العربي، الذي عمل لفترة طويلة حارسا في سجن عين علي مومن، الحاكم المطلق للبلاد بتفويض من الملك الحسن الثاني.

لم يكن إدريس البصري يخفي إعجابه بثلاثة رجال كان يقول عنهم إنهم “رجال لبلاد” وهو يعترف بدورهم في تمكينه من فهم معنى السلطة، فقد اشتغل إلى جانبهم وانقلب عليهم وخاض مع بعضهم صراعات طويلة، وهم: الجنرالان محمد أوفقير وأحمد الدليمي، والمستشار أحمد رضا اكديرة. كانوا ثلاثة ورابعهم تلميذهم البصري. وباستثناء الدليمي، فإن ثلاثة منهم جلسوا على كرسي وزارة الداخلية

والحال أنه تعلم منهم فن طبخ الاستحقاقات الانتخابية، وخبر بفضلهم تضاريس السلطة الترابية، سيما بعدما عمل مديرا لديوان الدليمي حين كان هذا الأخير مديرا عاما للأمن الوطني، قبل أن يلتقيا في مناصب متشابهة حين عينهما الحسن الثاني مسؤولين في الاستخبارات، البصري على رأس مديرية حماية التراب الوطني، التي لم يغادرها إلا في صيف 1999، والدليمي مسؤولا عن مديرية الدراسات “لادجيد”، التي أبعدته عنها “حادثة سير” قاتلة في مطلع عام 1983.

حين استوى إدريس البصري على رأس وزارة الداخلية، كان نفوذ أحمد عصمان في طريقه إلى التراجع، فقد كان هناك رجل آخر لا يبادله الود، لم يكن سوى الجنرال أحمد الدليمي الذي لم يكن البصري يستطيع الحركة خارج الإطار الذي رسمه الرجل القوي في المؤسسة العسكرية. فقد كان يضع نصب عينيه أنه يعمل في إطار سياسي، لكنه لم يكن يقدر على معاكسة نفوذ الجنرال، الذي يعتبر معلمه الأول ورئيسه المباشر حين كان رئيسا لديوانه في جهاز الأمن.

كان البصري شاهد عيان على انقلاب الصخيرات، في العاشر من يونيو 1971، حيث كان موجودا غير بعيد عن مسرح الجريمة بصفته مدير ديوان المدير العام للأمن الوطني، وقيل إنه ركض في اتجاه الشاطئ مهرولا للنجاة بنفسه، وحين صادفه أحد الأصدقاء متسائلا عما يحدث هناك، رد عليه بالقول: “دارها المذبوح”. كان العقيد أحمد الدليمي بصدد إعداد تقارير أمنية عن تلك الأحداث، تمكن البصري، من موقع مدير ديوان، أن يجمع شتات التقارير برؤية استعلاماتية جعلته يحظى بتقدير الدليمي الذي سيكون هذه المرة أول من يثير اسم إدريس البصري أمام الملك الراحل الحسن الثاني، فقد التقت رغبته في الاستيلاء على بعض الصلاحيات الأمنية التي كان يتمتع بها الجنرال أوفقير، وزير الداخلية ثم الدفاع، مع الحاجة إلى ضخ دماء جديدة في دواليب السلطة. ومع أن وقائع المرحلة ستدفع الحسن الثاني إلى تعيين البصري رئيسا لقسم الولاة والشؤون العامة في وزارة الداخلية، فإن العقيد الدليمي كان مرتاحا لذلك الاختيار، لأنه وضع أحد تلامذته النجباء في قلعة الداخلية التي كانت عصية على الاقتحام على عهد الجنرال أوفقير، وفي الوقت ذاته، جعل الجنرال يبدو وكأنه صاحب الفضل في ذلك القرار بالنظر إلى أنه كان يرى في الشاب البصري رجله في الحكومة.

 

بن صالح.. مستشار في ديوان محمد الخامس يؤدي رواتب مساعديه

في عهد الملك الراحل محمد الخامس، لم يكن مفهوم الديوان قد أخذ مكانته في هرم الوظائف الحكومية، حيث كان أغلب الوزراء الذين تم تعيينهم في التشكيلة الحكومية الأولى، برئاسة مبارك البكاي لهبيل، يعتمدون على أقرب المقربين إليهم لشغل منصب المستشار، وغالبا ما يتحكم العنصر القبلي أو الحزبي في هذا الاختيار. يكفي أن نعرف أن الوزير الأول لأول حكومة بعد الحصول على الاستقلال اختار ابن عشيرته عبد القادر بنصالح، الملقب بـ”فرانكو المغربي”، وهو والد مريم بن صالح الرئيسة السابقة للباطرونا، ليكون مستشاره الخاص. وجاء تعيينه من طرف البكاي بحكم صلة الجوار، فهما معا ينتميان إلى مدينة بركان. إلا أن الوزير برر الاختيار بمكانة عبد القادر كرمز من رموز المقاومة في المغرب وأحد أكبر أثرياء المملكة، حيث اعتبر إمبراطورا للمشروبات الغازية، وكان عبد القادر يمنح رواتب مساعديه في الوزارة الأولى من ماله الخاص، في غياب ميزانية مخصصة للمستشارين، الذين كانوا يلقبون عادة بمستشاري التاج. وهي الوظيفة التي تقلدها مجموعة من كبار الزعامات الدينية أيضا على غرار شيخ الإسلام محمد بن العربي العلوي، أحد مؤسسي حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، والمختار السوسي ولحسن اليوسي، إذ حمل هؤلاء صفة مستشاري العرش، وهي وظيفة كانت محكومة وقتئذ بتأثير الطابع القبلي على المجتمع المغربي.

بعد الاستقلال كان مجال الاستشارة الملكية ضيقا جدا، ومن بين الذين اشتغلوا في مكتب محمد الخامس نذكر: مسعود الشيكر الذي كان مدير الديوان الملكي والذي كان وزيرا للداخلية. ومحمد توفيق القباج الذي كان عضوا في الديوان، ثم رئيسا له على مدى خمس سنوات، وقبلها اشتغل توفيق بإدارة الشؤون الشريفية، حيث كان صلة وصل بين السلطان محمد الخامس والمقيم العام الفرنسي ممثل الحماية الفرنسية. توفيق القباج الذي سبق له أن شغل سفيرا للمغرب في عدد من البلدان الافريقية وفي رومانيا والنمسا، وهو ابن عبد الجليل القباج الذي كان أول مدير لجريدة العلم. واشتغل أيضا في هذا المنصب أحمد بناني المعروف بقربه من الفرنسيين، بعدما اشتغل مع المقري طويلا، ثم المهدي بنونة الذي كانت له علاقة بالإسبان وعبدالوهاب بن منصور الذي سيصبح في ما بعد مؤرخا للمملكة.

 

المسيوي.. من ديوان السملالي في الرجاء إلى ديوانه الوزاري

 

لم يكن عبد العزيز المسيوي يظن أن حضوره أشغال مناظرة وطنية، نظمت في المغرب شهر ماي من سنة 1979، وترأسها المحامي المعطي بوعبيد، ستنتهي بعرض من هذا الأخير يعجل بانضمام النقابي الرجاوي إلى حزب الاتحاد الدستوري، حيث سيشغل مناصب في دواليب الحكومة بدءا بعضوية ديوان عبد اللطيف السملالي وزير الشبيبة والرياضة، وصولا إلى منصب كاتب دولة مكلف بالعلاقات مع اتحاد المغرب العربي.

في ليلة تأبين عبد العزيز المسيوي، خلال شهر أبريل من سنة 2011، لوحظ وجود عدد من الرياضيين ورجال التعليم، ودار حديث عن توغل الرجل في مجالات التربية والتعليم والرياضة قبل أن يخوض غمار السياسة.

وحين ووري جثمان الفقيد الثرى بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء، كانت كلمات التأبين تسلط الضوء على رجل متعدد الاختصاصات، بين ما هو رياضي ونقابي وسياسي وتربوي، كما تولى بعض المهام الوطنية، من بينها كاتب الدولة لدى وزير الخارجية مكلف بالعلاقات مع اتحاد المغرب العربي، وشغل لفترة طويلة مهمة مدير ديوان وزير الشباب والرياضة عبد اللطيف السملالي، ناهيك عن موقعه كنائب برلماني باسم الاتحاد الدستوري لمدة 18 سنة من 1984 إلى 2002، كما برز في مجال التشريع الرياضي بصفة خاصة، حيث أصدر مؤلفات سلط من خلالها الأضواء على القوانين المنظمة للمشهد الرياضي الوطني.

ولد عبد العزيز في مراكش سنة 1944، من أسرة ذات أصول أمازيغية وانتماء عربي، واستطاع أن يقطع مراحل صعبة، ومر بمرحلة التعليم الابتدائي في مراكش، وعاش مع أبيه المتقاعد من سلك الشرطة، ولازم البيت إلى سنة 1960، حيث دخل المدرسة الإقليمية للمعلمين، ومنها تخرج ليصبح معلما في مجموعة مدارس «إيميني» بإقليم ورزازات.

لكن الرجل لم يكن مجرد كاتب دولة مكلف بتلحيم اتحاد المغرب العربي، بل انشغل أيضا بالكرة من خلال مهامه داخل الرجاء البيضاوي، ومكتبه المديري، ثم عضويته في الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، إذ في ظل استحالة نزع نعرات الفتنة من تربة المغرب العربي الكبير، كان عبد العزيز يرأس أكثر من وفد كرة في أسفار خارجية، حتى أصبح يجمع في حقيبة واحدة اختصاصات وزارية وكروية وحزبية.

 

 

الصبيحي.. من الديوان إلى منصب وزير مثل صهره

لا يتردد محمد الأمين الصبيحي، وزير الشؤون الثقافية سابقا، في التأكيد على براءة صهره مولاي إسماعيل العلوي، ونفي تدخله في استوزاره، كما ينفي بشكل قاطع تهديده بتقديم استقالته من حزب التقدم والاشتراكية إذا لم يحصل على حقيبة وزارية، مشيرا إلى أقدميته في الحزب التي تعود لسنة 1975، لما كان طالبا بالكلية، ما يشفع له بتأبط حقيبة وزارية.

قال الصبيحي يوما لصحيفة الصحراء المغربية: “أنا سليل أسرة سلاوية عريقة، فجدي كان باشا مدينة سلا، وأبي كان من أوائل المهندسين الزراعيين بالمغرب، وأول من بنى خزانة مفتوحة للعموم بسلا سنة 1967، ألا أستحق منصب وزير”؟

تدرج الصبيحي في العديد من المناصب من بينها نائب رئيس جامعة الأخوين، التي استقال منها لأسباب مهنية، قبل أن يشغل ما بين 1998 و2000 منصب مدير ديوان صهره وزير التربية الوطنية مولاي إسماعيل العلوي.

قال الصبيحي: “لو أخذت قرابتي بإسماعيل العلوي بعين الاعتبار لكان الأمر سلبيا بالنسبة إلي، لأن مولاي إسماعيل العلوي على عكس ما تظنون، حرص طيلة الفترة التي كان فيها أمينا عاما، وأنا معه، على ألا يسمح لنفسه بالدفع بصهره إلى المسؤوليات الحزبية. فانخراطي في الحزب ليست له علاقة مباشرة به، وانتخابي في اللجنة المركزية سنة 1995 ليس هو من كان وراءه، بل وجودي كمناضل في مدينة سلا، وانتخابي لأول مرة في المكتب السياسي سنة 2006 في المؤتمر السابع لا علاقة لإسماعيل العلوي به، فقد كان الانتخاب حرا”.

وأضاف الصبيحي أن تعيينه في ديوان وزير التربية الوطنية ليس قرارا صادرا عن إسماعيل العلوي، بل قرار صدر عن الحزب، “اتصل بي ساعتها محمد سالم لطافي وأخبرني بأن “هذا ليس قرار إسماعيل العلوي، ولكنه قرار المكتب السياسي، لأنك تتوفر على الكفاءات والقدرات المطلوبة لتولي هذه المهمة. وهذا كل ما في الأمر. وبخصوص ما تم تداوله حول التهديد بتقديم استقالتي من الحزب فاعتبره مجرد كلام لا أساس له. فأنا مناضل في حزب التقدم والاشتراكية، تدرجت في هياكله منذ سنة 1975 كطالب جامعي إلى الآن. وعلى امتداد 37 سنة من النضال الحزبي والسياسي، ومراكمتي لعدد من الشهادات العلمية والخبرات المهنية، لم يحدث أن كنت من المتهافتين على مناصب المسؤولية لذاتها. فكل المسؤوليات التي تحملتها كانت ذات طابع علمي، تربوي سواء داخل قطاعات الحزب أو ضمن ممارستي المهنية: فأنا أستاذ جامعي”.

حين عين وزيرا للثقافة سار الصبيحي على نهج السلف الصالح، وعين مولاي علي الإدريسي كرئيس ديوانه من الحزب نفسه، “لأنه صديقي وأعرفه منذ أكثر من 20 سنة، لأن رئيس الديوان هو وزير الخفاء، فالكثير من القرارات يأخذها رئيس الديوان في تشاور مع الوزير في البداية، وبعدها من دون اللجوء إليه لأن الأمر يصبح سلسا، وتكون كل الأمور معروفة. وأكثر من هذا فمولاي علي الإدريسي ذو خبرة وحنكة سياسية، فهو عضو في المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، ورئيس جماعة”.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى