جورج أورويل.. «مزرعة الحيوان»
«مزرعة الحيوان» رواية خيالية للكاتب الإنجليزي جورج أورويل (1903-1950) يحكي فيها عن ثورة تقوم بها مجموعة من الحيوانات في مزرعة إنجليزية. الروح الفكهة التي تغمر أجواء الرواية لا تخفي كونها مجازا رمزيا يحمل الكثير من الانتقاد للأنظمة الشمولية بخلفياتها المتعددة فاشية أو اشتراكية، فكثيرا ما نبّه جورج أورويل جمهور قرائه بقوله: «كلّ سطر من سطور أعمالي الجادة التي كتبت منذ العام 1936 كتب، مباشرة أو بشكل غير مباشر، ضدّ النزعة الاستبدادية، ومن أجل الاشتراكية الديموقراطية كما أفهمها».
(مقتطف)
… الآن، أيّها الرفاق، ما طبيعة الحياة التي نعيشها معشر الحيوانات؟ دعونا نواجه أمورنا بصراحة: حياتنا جدّ قصيرة، نقضيها في كدّ وعناء! نحن نولد فلا يسمح لنا إلّا بالكفاف الذي يكاد لا يمسك علينا رمقنا، والحيوانات يستغلها الآدميون في أعمالهم فتشقى بها حتّى أنفاسها الأخيرة! فإذا انتهت الحاجة إليها قادوها للذبح بقسوة بالغة! وقد وئدت الحرية بإنجلترا حتّى أصبحت الحيوانات لا تعرف معنى السعادة أو الراحة منذ بداية حياتها إلى نهايتها! إنّ حياتنا في حقيقتها هي الشقاء مجسّدا والعبودية في أبشع صورها!
أمّا من جانبنا معشر الحيوانات، فهل كتب علينا الاستسلام لهذه الأوضاع على أنّها من طبائع الأشياء؟ وهل الأرض التي نعيش عليها من الشح والقحط بحيث لا يمكنها أن تجود علينا بعيش كريم؟… فعلام إذن نواصل تلك الحياة التعسة؟ ما من سبب يدعو لذلك إلّا جشع الإنسان الذي يستحوذ على فائض الإنتاج، وهي الحقيقة المرّة التي تفسر لنا أسباب تعسنا وإن دارت كلّها حول محور واحد هو الإنسان! إنّ الإنسان هو عدونا الأوحد والأزلي، فإذا استبعدناه من طريقنا فإننا نكون بذلك قد محونا جذور الجوع والعبودية إلى الأبد!
فالإنسان –أيّها الرفاق- هو المخلوق الوحيد الذي يستهلك ولا ينتج. فهو لا يدر اللبن ولا يبيض، وهو أوهى من أن يحرث الأرض بنفسه، وهو أبطأ من أن يلحق بالأرانب ليصيدها بيده، ومع ذلك فإنّه السيد على جميع الحيوانات، يسخرها في العمل ولا يجود عليها إلّا بالكفاف مستأثرا لنفسه بكلّ الطيبات! أمّا نحن الذين نحرث الأرض ونسمدها فليس لدينا ما نمتلكه حتى جلودنا!
ص 10 ص 11