أعفت وزارة الصحة الجمعة الماضي الدكتور بوشعيب عشاق، المندوب الإقليمي للصحة ببنسليمان، في وقت ارتفعت فيه انتقادات الأطر الطبية والمواطنين لطرق التدبير والتسيير لمرافق قطاع الصحة بالإقليم، خصوصا ما يعرفه المستشفى الإقليمي من نقص في الموارد البشرية والتجهيزات والأدوية الطبية، فضلا عن ما يعرفه من قصور خدماتي.
وبينما أكد الدكتور عشاق أنه قدم استقالته لأسباب شخصية بعد أشهر من العمل الشاق على عدة جبهات فرضها الزمن الكوروني على المستوى الإقليمي والوطني، يرى المقربون منه ومنتقدوه أنه تم إعفاؤه بالنظر إلى العدد الكبير من الأخطاء التي راكمها إن على مستوى التدبير والتسيير أو على مستوى التعامل السلوكي مع أطر المندوبية ومع باقي الشركاء، مدنيين وعسكريين، في إشارة إلى عمله داخل المستشفى الميداني العسكري، ومع ممثلي السلطة المحلية إذ سبق أن دخل في عنف لفظي وجسدي مع قائد ببوزنيقة داخل مركب مولاي رشيد للشباب والطفولة، زيادة على صراعه مع مديرة وبعض أطر المستشفى الإقليمي.
وفي سياق متصل يعاني المستشفى الإقليمي لمدينة ابن سليمان من غياب طبيب في التخدير والإنعاش. إذ أن غرفة العمليات الجراحية (البلوك) مغلقة منذ حوالي السنة. ومعظم النساء الحوامل تتم إحالتهن في وضعيات حرجة إلى مستشفيات الرباط أو الدار البيضاء. مما جعل منه مجرد محطة عبور، وهو ما ضاعف من معاناة السكان.
وتحول الصراع قبل أسبوع من رحيل مندوب الصحة إلى هيئتين نقابيتين لقطاع الصحة بالإقليم، ويتعلق الأمر بالمكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة التابع لنقابة الاتحاد المغربي للشغل والمكتب الإقليمي للنقابة الوطنية للصحة العمومية. وتضمن بيانا النقابتين، بالإضافة إلى التراشق بينهما، المشاكل المتراكمة والتسيب الذي يعاني منه المستشفى الإقليمي، والتجاهل التام للإدارة والمندوبية لما يجري من تجاوزات داخله، وفي مقدمتها المركب الجراحي وتدني الخدمات الطبية نتيجة سوء التسيير والارتباك في تدبير شؤونه، ومعاناة النساء الحوامل ومعهن الأطر الصحية من استفحال ظاهرة التحويل المضاد للنساء الحوامل في وضعية حرجة واستعجالية الموجهة للمستشفيين الجامعيين ابن سينا بالرباط وابن رشد بالدار البيضاء، ورفض هذه الأخيرة التكفل بالحالات الوافدة عليها.
وحسب مصادر مطلعة فقد أصبح المستشفى الإقليمي معزولا بدون مستوى ثالث للعلاج، بسبب عدم توفر طبيب مختص في التخدير والإنعاش، كما تم استنكار التجاهل غير المبرر والتعاطي غير الجاد مع المراسلات الواردة من المصالح الاستشفائية واستيفاء متطلباتها مما يؤدي إلى عرقلة السير العادي للعمل بها.
ويشتكي سكان ابن سليمان من عدم تعاطي إدارة المستشفى الجيد مع واقعة تسريب وثائق إدارية خاصة بالموظفين وعدم احترام السرية والخصوصية اللازمة في التعامل مع ملفاتهم من طرف المعنية في وحدة الموارد البشرية. وقد تمت المطالبة بفتح تحقيق نزيه لتقصي الحقائق واتخاذ الإجراءات اللازمة في حق من قام بتسريبها، وشجب التستر على موظفين أشباح والغيابات المتكررة لبعض الموظفين بدون مهام (المستفيدون من الريع المستشري بالمؤسسة الصحية)، والتوزيع العشوائي وغير العادل للممرضين بين المصالح الإستشفائية.
وفي سياق متصل، أفادت مصادر مطلعة داخل المستشفى أن هناك انتقالات مشبوهة تمت خارج الضوابط القانونية. وعدم تشغيل قسم طب الأطفال، والاقتصار على توجيه الأطفال المرضى إلى المستشفى الجامعي ابن سينا، رغم توفر المصلحة على موارد بشرية طبية وتمريضية مهمة وتجهيزات طبية ومعدات كافية، واستغلال الهيئات الاستشارية بالمستشفى (مجلس الممرضات والممرضين)، وتحريف الأهداف المنوطة بها .
ويطالب سكان ابن سليمان وزير الصحة بإيفاد لجنة مختصة للاطلاع على الغياب الفادح لأبسط مقومات الوحدات الاستشفائية بمستشفى ابن سليمان واتخاذ التدابير والإجراءات المستعجلة لسد الخصاص وتحويل المستشفى إلى مؤسسة تقوم بدورها الصحي المنوط بها وعدم الاستمرار في لعب دور محطة عبور للمرضى نحو مستشفيات العاصمتين الإدارية والاقتصادية.