شوف تشوف

الرأي

تحدي المستحيل

حلم السيطرة على العالم لم يعد صعبا بعد الآن، صار بإمكان أي شخص أن يجعل الجميع ينفذ رغباته، فقط يكتبها مرفوقة برمز الهاشتاغ وكلمة «تشالنج» وسيتسابق الجميع إلى تحقيق طلبه.
الذكاء الاصطناعي المتنامي يوما بعد يوم صار يقابله، في الجهة الأخرى، غباء بشري لا متناه، تترجمه التكنولوجيا على شكل فيلترات حيوانات في السناب شات، أو تشالانجات غريبة على الفيسبوك وأنستغرام.
المضحك في هذه التشالنجات هو نهاياتها، مثلا تشالنج العشر سنوات الذي شارك فيه العالم كله وتفاخر حتى المتشائمون بالتغيير الكبير الذي طرأ عليهم منذ 2009 إلى اليوم، انتهى بعد ظهور إشاعات عن تورط الفيسبوك فيه من أجل جمع بيانات المستخدمين، لدرجة أن بعض المشاركين سحبوا صورهم، واحتجوا على ذلك إلى أن خرج الفيسبوك يؤكد أن لا دخل له بالموضوع.
المحللون يقولون إنه، بعيدا عن نظرية المؤامرة سواء كان الفيسبوك هو من أطلق التشالنج أو لا، فهو مستفيد منه لأن شكل الوجه يتغير فيزيولوجيا كل عشر سنوات، والحصول على قاعدة بيانات كبيرة بهذا الشكل (تقريبا ثمانية مليارات مشترك)، ستساعد في المقاربات الأمنية، تطور ميكانزيمات التسويق الإشهاري، وتساهم في التعرف على نمطية الإنسان وسلوكياته، مما سيسمح مستقبلا للذكاء الاصطناعي بتوجيهه أكثر.
المشكل الوحيد الذي سوف يصادف هؤلاء المساكين بعد كل المجهود المبذول، هو دول العالم الثالث ككل والشعب المغربي خاصة، الذي يستحيل أن تتعرف على سلوكياته، ولا يملك نمط عيش محدد أصلا، بعضه في كَروبات التبييض، الآخرون يبعثون الرسائل الغريبة في الميسانجر، البعض الآخر في كَروبات سرية لا تحتوي على أي شيء سري، حتى الأشياء التي يعرضونها للبيع على الفيسبوك غريبة..
يكفي أن تعرف أن آلاف الأشخاص يتشاركون في 50 حساب «نتفلكس» كي تفهم أنه لا أمل في أن تستفيد منهم اقتصاديا، ولا حاجة إلى توجيههم سياسيا. فقادة الأحزاب يقومون بالدور على أكمل وجه، حتى الأجهزة الأمنية لهذه الدول محققة الاكتفاء الذاتي ولا تحتاج معلومات من مارك زوكربيرغ، بل من الممكن أن تمنحه معلومات لا يعرفها عن نفسه.
لذا لا أفهم لماذا يستاء هؤلاء أيضا من «تجسس» الفيسبوك عليهم، لا بأس، أعزائي، أن تنشروا صوركم منذ عشر سنين أو بعد عشرين سنة، لا شيء سيؤثر عليكم، مشكلتكم أعمق من خوارزميات التكنولوجيا، «حلو غير مشكل الكارني ديال المقدم باراكا عليكم، ولا أحد يستطيع توجيهكم لأنكم موجهين راسكم براسكم»..
هذا إن استطاع الفيسبوك أصلا التعرف على صوركم في 2009 بألوان الماكياج المشعة وقصات الشعر الغريبة، أو في 2019 مع كل التعديلات والفيلترات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى